تعقيبا على الخطاب الاخير للرئيس مبارك ،
نقول : جميل ان نرفض تكريس الانقسام
الفلسطينى ، ولكن ليس من المعقول ان نرضى
ذلك بابادة احد الاطراف
كما لا يمكن انهاء الاختلاف عن طريق
استباحة دماء احد الطرفين
نعم الانقسام شر ولكن الموت والابادة
اشرالف مرة
وعندما تكون حياة الناس على المحك ، فانه
يصبح من الترف الشديد الحديث عن الاختلاف
والانقسام
ولنتذكر معا حكاية معبر رفح :
المعبر هو واحد من سبعة معابر تربط غزة
بالعالم ، وهو المعبر الوحيد الذى يعتبر
ولومن الناحية الشكلية تحت السيطرة
المصرية الفلسطينية فقط
ولقد ارادت اسرائيل قبل ان تنسحب من غزة
عام 2005 ان تكبل المعبر وتقيده وتضعه تحت
سيطرتها بشكل غير مباشر ، فقامت بتوقيع
اتفاقيات معابر مع السلطة الفلسطينية
بمشاركة الاتحاد الاوروبى للقيام بهذا
الدور . ويمكن تلخيص هذه الاتفاقيات فى
الاتى :
§
قصر معبر رفح على مرور الافراد فقط ، اذ
لم تسمح اسرائيل بعبور اى بضائع او شاحنات
الا من معبر كرم ابو سالم الخاضع لسيطرتها
، وذلك لتتحكم فى معدة غزة وامعائها .
§
والعبور قاصر على الافراد من حاملى الهوية
الفلسطينية فقط . فغير مسموح للمصريين او
غيرهم العبور منه ، وانما عليهم ان ارادوا
ان يدخلوا غزة ان يكون ذلك من كرم ابو
سالم بتاشيرة اسرائيلية
§
لم تثق اسرائيل فى رقابة مصر للمعبر
فاوكلت الرقابة للاتحاد الاوروبى ،
واشترطت انه بدون مراقب اوروبى يغلق
المعبر
§
ووضعت اسرائيل على المعبر كاميرات واجهزة
كومبيوتر تتصل بحجرة مراقبة اسرائيلية
لمراقبة كل صغيرة وكبيرة هناك ، واشترطت
اغلاق المعبر اذا تعطلت هذه الاجهزة
والمعدات ، فبدون كاميرا لا عبور
§
واعطت الاتفاقية لاسرائيل الحق فى
الاعتراض على مرور اى شخص او اى شىء من
خلال ممثليها وعيونها من الاوروبيين
§
واشترطت اسرائيل على السلطة الفلسطينية
الا توقع مع مصر اى اتفاقية تتعارض مع هذه
الاتفاقيات
الاتفاق مع مصر :
ثم انتقلت اسرائيل بعذ ذلك الى مصر لتامن
جانبها فوقعت معها فى اول سبتمبر 2005
اتفاقية فيلادلفيا التى يمكن تلخيصها فى
الاتى :
§
اوكلت لمصر القيام بمهمة تامين الوضع
الامنى على الحدود مع غزة على الوجه الذى
كانت تقوم به اسرائيل قبل الانسحاب والتى
يشمل منع اعمال التهريب والتسللل وما
اسموه بالارهاب
§
ونص الاتفاق على مراقبة مدى التزام مصر
بتنفيذ مهماتها المذكورة عاليه من قبل
قوات متعددة الجنسية امريكية التكوين
والقيادة والموجودة فى سيناء منذ اتفاقيات
كامب ديفيد
ودخلت امريكا على الخط :
§
كما طلبت اسرائيل من امريكا مزيد من
الضمانات لاحكام الحصار على المعابر
والحدود ، فاصدر الرئيس الامريكى جورج بوش
خطاب تهديد لكل من مصر والاردن يحذرهم من
ضرورة المساعدة والالتزام بامن اسرائيل ضد
اى عمليات ارهابية طبقا للاتفاقيات
الموقعة بينهم . وهو ما سمى " بخطاب
التطمينات " الصادر فى 14 ابريل 2004
§
وظلت امريكا تضغط على مصر بموجب طلبات
اسرائيل المتكررة ، من ضرورة القضاء على
الانفاق وزودتها بمعدات تكنولوجيا من اجل
ذلك ووقعت معها اتفاقية قيمتها 25 مليون
دولار استقطعت من المعونة من اجل هذا
الغرض .
التطبيقات والنتائج :
§
اسفر كل ما سبق اثناء التنفيذ العملى عن
ان اسرائيل كانت تغلق معبر رفح معظم ايام
السنة بحجة او باخرى ، مرة لتعطل
الكاميرات ومرة لعدم وجود المراقبيين
الاوروبيين بذريعة الخوف على سلامتهم
وهكذا
§
وبالتالى عاد المعبر فعليا الى السيطرة
الاسرائيلية رغم انه ليس كذلك من
الناحيتين القانونية والشكلية
§
وفى 11 يوليو 2007 وبعد استقلال حماس بغزة
، حدث تعديل على اتفاقية فيلادفيا الموقعة
بين مصر واسرائيل ، يضع مزيدا من القيود
على صلاحية الحكومة المصرية فى فتح المعبر
بدون موافقة اسرائيل
§
وبالتالى اصبحنا امام تحالف فلسطينى (
السلطة ) اسرائيلى اوروبى امريكى مصرى
لاحكام الحصار على غزة واهلها وعدم فكه
الا بموافقة اسرائيلية .
§
و تحول الحصار بذلك الى اداة لمحاولة
اخضاع غزة سياسيا وارغامها على الاستسلام
والانخراط فى التسوية وما تتضمنه من
الاعتراف باسرائيل
§
ومع صمود غزة استمرت اسرائيل فى سياسة
الحصار والتجويع رغم اتفاقيات التهدئة
موقف القوى الوطنية المصرية :
حينئذ قامت القوى الوطنية فى مصر بمطالبة
الحكومة المصرية بعدد من المطالب لخصناها
فيما يلى :
§
توقيع اتفاقية معابر مصرية فلسطينية
مستقلة عن اسرائيل وامريكا والاتحاد
الاوروبى
§
اتفاقية تترجم مصالح فلسطين ومصر وليس
مصالح اسرائيل وامنها
§
اتفاقية متحررة من الافتراضات الامريكية
الاسرائيلية بان الفلسطينيين هم مصدر
الخطر والارهاب
§
اتفاقية تعامل معبر رفح معاملة معبر
السلوم
§
اتفاقية لا تقيد حركة الاشخاص والبضائع
الا فى حدود القانون
§
اتفاقية تسمح بدخول الواردات الى غزة و
لايقصر المعبر على الافراد
§
اتفاقية تحرر الفلسطينيين من جحيم معبر
كيريم شالوم (كرم ابو سالم )
§
اننا لم نطالب بفتح الحدود وانما طالبنا
بفتح المعبر وتنظيمه
§
وقلنا انه رغم ان الحكومة المصرية وللاسف
الشديد تعترف بدولة اسرائيل الا انها
لاتعترف بشرعية الاحتلال الاسرائيلى لغزة
وبالتالى لا يجب ان تقبل بمراقبة
اسرائيلية للمعبر
§
وذكرنا اننا حريصون على السيادة المصرية
التى لن تنتهكها مثل هذه الاتفاقية وانما
تنتهكها التدابير الامنية القائمة فى
سيناء منذ كامب ديفيد وتنتهكها الرقابة
الاجنبية التى لم تثق فى الطرف المصرى
فراقبته بالقوات متعددة الجنسية من هنا
وبالاتحاد الاوروبى واسرائيل من هناك
§
واكدنا انه لايجب ولا يصح ان تساهم مصر فى
كسر واخضاع الارادة الوطنية الفلسطينية
التى ترفض الاحتلال ولا تعترف بمشروعيته
ولكن للاسف لم تستجب الحكومة المصرية
لهذه المطالب لسبب فعلى هو التزاماتها
تجاه اسرائيل وامريكا ، ولكن الحجة
المعلنة كانت هى عدم رغبتها فى تكريس
الانقسام الفلسطينى
والان ماذا كانت النتيجة ؟
تفجر الوضع ووجدت مصر نفسها فى موقف اكثر
حرجا من ذى قبل وهى تراقب القوات
الاسرائيلية ترتكب مذابحها فى غزة
واذا كان مبررا للبعض ( وهو ليس كذلك ) ما
اعلنته مصر فى السابق قبل العدوان ، من
اسباب لاغلاق المعبر ، فانه من غير
المقبول على الاطلاق ان تتمسك باغلاقه فى
ظل الابادة الحالية
ان الحديث عن عدم الرغبة فى تكريس
الانقسام كسبب لاغلاق المعبر ، هو ترفا
شديدا عندما تكون حياة الناس ووجودها هى
التى على المحك .
* * *
3
يناير 2009
|