-
هذا هو ما قاله مناحم بيجين لكارتر عن
السادات اثناء مفاوضات السلام
المصرية الاسرائيلية عام 1979 طبقا
لما جاء فى كتاب هيكل عواصف الحرب
والسلام
لقد اسس بيجين حينئذ القاعدة الاساسية
الحاكمة لدور مصر فى المنطقة لعدة عقود
قادمة
فلقد قبل النظام المصرى وعلى امتداد 30
عاما هذه القاعدة واعتمدها مرجعا رئيسيا
له فى كل سياساته التالية
ولم تدرك جموع الشعب المصرى و قواه
الوطنية ، وطأة هذه القاعدة وخطورتها بقدر
ادراكها لها الان اثناء العدوان الصهيونى
الحالى على غزة
و دعونا نتذكر معا ماذا اعطت مصر لاسرائيل
فى العقود الثلاثة الاخيرة :
-
اعطتها فلسطين 1948 ، بالاضافة الى
حقا مستقبليا مؤجلا فى المطالبة بباقى
فلسطين المسمى بالضفة الغربية وغزة .
حدث ذلك عندما اعترفت مصر باسرائيل بموجب
اتفاقيات كامب ديفيد .
فالاعتراف بمشروعية الدولة الاسرائيلية
، يعنى الاعتراف بمشروعية الاغتصاب
الصهيونى لفلسطين ، والاعتراف بصحة
الاساطير الصهيونية حول الامة اليهودية
والشعب اليهودى وحقه التاريخى فى ارض
الميعاد
وهو يعنى الاعتراف بان الحركة الصهيونية
حركة تحرر وطنى نجحت عام 1948 فى تحرير
وطنها المغتصب من الاستعمار العربى
الاسلامى والتى يحتفلون بذكراها كل عام فى
عيد يطلقون عليه "عيد الاستقلال ".
واذا كان هذا صحيحا ـ وهو ليس كذلك ـ فان
الضفة الغربية وغزة ، هى الاخرى ، وبذات
المنطق ، ارضا يهودية مما يستوجب تحريرها
عاجلا ام آجلا من الاحتلال العربى لها
او على اقل تقدير يعنى حق اسرائيل فى
تجريد الضفة وغزة من حقهما فى تاسيس دولة
مستقلة ذات سيادة حقيقية قادرة على تهديد
امن اسرائيل ووجودها مستقبلا
ليس ذلك فقط بل ان الاعتراف بشرعية
اسرائيل يعطيها كل الحق فى كل ما تفعله
دفاعا عن وجودها وامنها القومى
فكل من لا يعترف بها يمثل تهديدا لهذا
الامن ، عليها ان تطارده وتصفيه اغتيالا
او اعتقالا او نفيا او حصارا
وتكون المقاومة الفلسطينية بالفعل ارهابا
ويكون الارهاب الصهيونى هو دفاعا مشروعا
عن النفس
-
كما اعطت مصر لاسرائيل بعد كامب ديفيد
ميزة الانفراد بالساحة الفلسطينية مما
مكنها من دخول بيروت عام 1982 ونفى
القوات الفلسطينية الى تونس ومناطق
اخرى ، وتسوية القيادة هناك على نار
هادئة الى ان تمكنت من اخضاع ارادتها
فى اوسلو 1993 وارغامها على الاعتراف
بحق اسرائيل فى الوجود والتنازل عن
فلسطين 1948
-
و ادى خروج مصر من الصراع ضد اسرائيل
الى ضرب كل الخيارات الاخرى ماعدا
خيار التسوية . فالحرب بدون مصر غير
ممكنة موضوعيا . والتسوية فى النهاية
هى تفريط فى الارض العربية .
-
وبالفعل نجحت مصر على امتداد الـ 25
عاما السابقة فى تعريب التسوية
واستقطاب الاطراف العربية واحدا تلو
الآخر الى خيار الاعتراف ياسرائيل
والتعايش معها فظهرت اوسلو ثم وادى
عربة ثم مبادرة السلام العربية 2002
-
و اعطت مصر لاسرائيل ، بالاضافة الى
عوامل اخرى ، واقعا عربيا متفرقا
ومتصارعا بعد ان انسحبت من قضية
فلسطين التى كانت توحد العالم العربى
بكل تناقضاته . فعرب اليوم يختلفون
جذريا عن عرب مؤتمر الخرطوم 1967 وعرب
الخظر البترولى فى حرب 1973
-
كما كسرت مصر المقاطعة الدولية
لاسرائيل ، فاعادت اكثر من 80 دولة
علاقتها باسرائيل بعد كامب ديفيد ،
مما اعاد ضخ دماء جديدة فى جسد
الاقتصاد الاسرائيلى وخفف العبء عن
كاهل الولايات المتحدة
-
و شجع اعتراف مصر باسرائيل ، القوى
الطائفية فى المنطقة ، على تكرار
وتقليد نموذج الدولة اليهودية فبدات
محاولات انشاء دولا اخرى محررة من
الاحتلال العربى ! دولا كردية وسنية
وشيعية وقبطية وزنجية ..الخ
-
كما ضربت معاهدة السلام المصرية
الاسرائيلية اتفاقية الدفاع العربى
المشترك فى مقتل بما نصت عليه فى
مادتها الرابعة من اولوية هذه
المعاهدة على ما عداها من اتفاقيات
وعلى حظر الدخول فى اى اتفاقيات جديدة
تتناقض مع احكامها
-
و حوصرت القوى الوطنية المصرية
المعادية لاسرائيل والداعمة لفلسطين ،
واضعفت وطوردت امنيا وجنائيا وما زالت
.
-
واخيرا وليس آخرا تستمر مصر كامب
ديفيد الى اليوم فى العطاء لاسرائيل ،
وها هى تشارك فى الحصار المفروض على
غزة بغرض كسر واخضاع القلعة الاخيرة
المسلحة فى الارض المحتلة التى ترفض
الاعتراف باسرائيل . وتراقب بدم بارد
حرب ابادة جديدة فى حق اهالينا هناك .
وماذا اخذت مصر فى المقابل :
-
اخذت سيناء منزوعة السلاح الا من
ثلثها المجاور لقناة السويس مما يهدد
باعادة احتلالها مرة اخرى فى اى وقت .
-
اخذت حماية امريكية وضمانات بعدم
تكرار العدوان الاسرائيلى عليها مرة
اخرى ان هى التزمت حسن السير والسلوك
-
اخذت معونة عسكرية امريكية قيمتها
1.3 مليار دولار سنويا هدفها الحقيقى
هو ضمان التفوق العسكرى لاسرائيل
-
اخذت معونة اقتصادية امريكية ادت فى
الحقيقة الى خلق طبقة راسمالية موالية
لامريكا سلموا لها مصر ، والى تبعية
اقتصادية ، والى مزيد من الاثراء
للشركات الامريكية التى عادت لها
اموال المعونة من الطرق الخلفية .
.
ويا له من ثمن
* * *
القاهرة فى 3 يناير 2009
Seif_eldawla@hotmail.com
". |