12/12/2008

 

الأخ / محمود عباس " أبو مازن.

رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية .

  تحية طيبة وبعد،

الموضوع/ من أجل استخدام التشريع الدولي وآليات المحاسبة القضائية والجنائية الدولية  والوطنية.

مؤسسة الضمير والشخصيات العربية الموقعة على هذه الرسالة  تدعو لضرورة تدخل فلسطينيي وعربي حقيقي لمواجهة نتائج الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة ، وذلك بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين .

تهدي مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان والشخصيات العربية العامة الموقعة على هذه الرسالة فخامتكم عاطر التحيات، وتخاطبكم اليوم لتعبر لكم عن قلق مؤسسة الضمير، وقلق الشخصيات العامة الفلسطينية والعربية والدولية، تجاه الأزمة الحالية التي تعصف بالسكان المدنيين في فلسطين المحتلة وبشكل خاص في قطاع غزة، حيث أن دولة الاحتلال الحربي الإسرائيلي تستمر في تشديد الحصار وإغلاق معابر قطاع غزة مما أدى إلى تدهور حاد لحق كافة مناحي الحياة.

فقد بات من المعروف أن الحصار الإسرائيلي يعتبر عقابا جماعيا يتنافى مع قواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977 وميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية (1998). وفي هذا الإطار فقد حذرت مؤسسة الضمير واللجنة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان وعشرات المنظمات الحقوقية العربية والأوربية والمقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة من كارثة إنسانية كبرى قد تحل بقطاع غزة في حال استمرار إغلاق المعابر واستمرار حالة الانقسام الداخلي.

وفقاً للمعلومات المتوفرة لدى مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية في قطاع غزة، فان الحصار الإسرائيلي قد ألحق بالغ الضرر بسكان قطاع غزة، وعلى سبيل المثال فان المرافق الصحية في قطاع غزة  تواجه أزمة حقيقة بسبب نقص إمدادات الطاقة الكهرباء والوقود مما يحد من قدرتها على تقديم الخدمات الصحية للمرضى، وبشكل خاص نقص توفر الأكسجين داخل محطات توليده في المستشفى، بسبب حاجتها لطاقة كهربائية عالية غير متوفرة حالياً. كما يتسبب استمرار نقص غاز الطبخ في توقف المغسلة الرئيسة في مشفى الشفاء، ويؤثر على قدرة المشافي على تقديم وجبات غذائية مناسبة للمرضى. ويترافق ذلك مع منع إدخال قطع الغيار الأساسية التي تلزم لصيانة مولدات الكهرباء الرئيسية في مستشفى الشفاء والأوروبي، كبرى مستشفيات القطاع، مما يهدد قدرتها على الاستمرار بالعمل وتقديم الخدمات للمرضي.

فضلاً عن ذلك فان نقصا حادا حدث في السلة الدوائية، حيث أن مخزون الأدوية في المستشفيات والمراكز الصحية أوشك على النفاذ بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، حيث  نفذ (94) صنفاً من الأدوية و(178) صنفاً من المهمات الطبية، كما أن نحو (70) صنفاً من المهمات الطبية تشارف على النفاذ في ظل استمرار الحصار.

ويؤدي تشديد إجراءات الحصار الإسرائيلي إلى توقف العديد من الأجهزة الطبية في مستشفيات القطاع عن العمل، بما فيها عشرات الأجهزة الخاصة بالتنفس الصناعي في أقسام العناية المركزة، والأجهزة الطبية المستخدمة لدى مرضى الكلية والسرطان، وتوقف عمل أغلب المختبرات الطبية، وتوقف عمليات تعقيم الأدوات والمستلزمات الطبية اللازمة للعمليات الجراحية، حيث أن 220 جهاز أساسي تستعمل لأصحاب الأمراض المزمنة والخطيرة (مرضى القلب، الكلى، السرطان) معطلة عن العمل تماماً وذلك في ظل ارتفاع عدد مرضى غسيل الكلى في مستشفيات القطاع  يصل  إلى 360 حالة بينهم 33 طفل، وأن عدد مرضى السرطان في مستشفيات القطاع يصل  إلى 725 حالة بينهم 58 طفل، بينما عدد مرضى القلب في مستشفيات القطاع يصل إلى 354 حاله بينهم 93 طفل. حيث أن حياة أغلب هؤلاء مهددة بخطر الموت، وتؤكد مصادر وزارة الصحة بأن عدد الحالات المسجلة للعلاج في الخارج 800 حالة مرضية حرجة، تم السماح فقط لـ 270 حالة بالسفر عبر معبر بيت حانون خلال شهر نوفمبر 2008، وذلك في ظل حقيقة عدم مقدرة القطاع الصحي في غزة من قيامه بالدور المناسب لمعالجة هؤلاء.

أمام هذه الحالة الصعبة فان مجموع التصرفات والإجراءات المتخذة من قبل سلطات دولة الاحتلال الإسرائيلي وهي ترتكب جريمة العقاب الجماعي بحق المدنيين الفلسطينيين فإنها تنكرت لكافه مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، ولاسيما قواعد اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وقواعد البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 الذي منح  للمدنيين في الأقاليم المحتلة حماية دولية كونهم من الفئات الأكثر تعرضاً لمخاطر النزاعات المسلحة الدولية الدائرة في مواجهه المدنيين بالأقاليم المحتلة، وبما إن قطاع غزة يوصف قانوناً على انه إقليما يخضع للاحتلال الحربي الإسرائيلي فان قواعد القانون الدولي الإنساني تجد طريقها للتنفيذ والانطباق عليه، وينال السكان المدنيين في الإقليم المحتلة حربياً بالحماية الدولية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني.

أن تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق يتفاقم باستمرار جراء النقص الشديد في رسالات الأغذية والأدوية اللازمة لحياة نحو 1،5 مليون من السكان المدنيين الفلسطينيين، يشار إلى أن السلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي استمرت في إحكام وتضييق الخناق على كافة معابر القطاع الحدودية، بما فيها المعابر التجارية والمعابر المخصصة لحركة وتنقل الأفراد على الرغم من اتفاق التهدئة التي تم التوصل إليه في 19/6/2008 مع فصائل المقاومة الفلسطينية، وبرعاية مصرية، ما خلف واقعاً إنسانياً كارثياً أضاف مزيداً من تدهور الأوضاع الإنسانية للسكان المدنيين، والمتدهور أصلاً.

السيد الرئيس

بعد الاطلاع على نص المادة الثامنة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية[1] يتضح لنا بان الحصار الإسرائيلي المفروض على سكان قطاع غزة يشكل جريمة حرب إسرائيلية  كاملة الأركان، كونه يهدف إلى فرض عقوبات جماعية تسعى لتجويع المدنيين، وذلك على النحو التالي:-

·         أن يحرم مرتكب الجريمة المدنيين من مواد لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة.

·           أن يتعمد مرتكب الجريمة تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.

·           أن يصدر السلوك في سياق نزاع مسلح دولي ويكون مقترنا به.

·         أن يكون مرتكب الجريمة على علم بالظروف الواقعية التي تثبت وجود نزاع مسلح.

·       حيث تعرف الجريمة الدولية بأنها سلوك يتعارض مع أحكام القانون الدولي ويمثل عدواناً على مصلحة أساسية يحميها القانون يرتكب من قبل فرد أو أفراد باسم الدولة وبتشجيعها أو رضاها ويستحق فاعلها العقاب.

وهنا لابد من التذكير بأن المادة(25) من نظام روما الأساسي قد أوضحت بان المحكمة الجنائية الدولية الدائمة تختص بمحاكمة الأشخاص الطبيعيين فقط، ورتبت المسؤولية على الإنسان بصفته الفردية ولا اعتداد بالصفة الرسمية للشخص، ولا قواعد الحصانة المرتبطة بالصفة الرسمية، ولا يسأل عن الجرائم التي تختص بها المحكمة الأشخاص المعنوية، فالمسؤولية الجنائية لا تقع على عاتق الدول أو المنظمات أو الهيئات التي تتمتع بالشخصية المعنوية.

كما استقر الفقه والعمل الدوليين على اعتبار انتهاك قاعدة الحق في المساعدة الإنسانية جريمة دولية تستوجب العقاب الدولي، حيث ربط الفقه الدولي بين جريمة الإبادة الجماعية وفعل انتهاك قاعدة الحق في المساعدة الإنسانية، حيث لو وجه الفعل المحدد في المادة (06) فقرة(ج) من نظام روما، هو إخضاع جماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاك فعلى كلياً أو جزئياً، يعتبر ذلك إبادة بطيئة للجماعة ويشكل انتهاك واضح لمفاهيم قاعدة الحق في المساعدة الإنسانية وتلقى الإغاثة، كما اعتبر الفقه الدولي انتهاك قاعدة الحق في المساعدة الإنسانية في أحوال محددة بأنه يشكل جرائم ضد الإنسانية وجريمة حرب، وهنا لا يثار أي شك بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي عندما تعرقل أو تمنع دخول الإمدادات الإنسانية والاغاثية والمواد الأساسية لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وبشكل خاص قطاع غزة تنتهك قاعدة الحق في المساعدة الإنسانية، كون أن هذا المنع يندرج ضمن سياسة معتمدة وممنهجة تتبعها دولة الاحتلال تجاه المدنيين المحميين في فلسطين.

إن ارتكاب دولة الاحتلال لجريمة العقاب الجماعي ضد سكان قطاع غزة وما رافقها من جرائم تنتهك قاعدة الحق في المساعدة الإنسانية يأتي في ظل برهن جهاز القضاء الإسرائيلي على دوره كشريك ومتواطئ في هذه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، وذلك من خلال حرصه الدائم على منح جنود دولة الاحتلال حصانة قانونية تشجعهم على المضي قدماً في ارتكاب المزيد من الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وتعطي الغطاء لسلطات الاحتلال لتنفيذ المزيد من التجاوزات التي تمس القواعد الدنيا للحقوق الإنسانية، مما ولد لدى المواطنين الفلسطينيين حالة من عـدم الثقة بالقضـاء الإسرائيلي والتحقيقات التي يقوم بها .

كما أنه بعد الاطلاع على المادتين (12) و(13) من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، اتضح لنا بأنه يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت احدى الدول الأطراف في النزاع طرفاً في النظام أو قبلت باختصاص المحكمة، كما أجاز نظام روما أن تودع الدولة غير الطرف في نظام روما إعلاناً لدى مسجل المحكمة الجنائية الدولية، تقبل فيه ممارسة اختصاص المحكمة فيما يتعلق بجريمة أو جرائم قيد البحث، مما يفرض تعاون الدولة القابلة مع المحكمة دون تأخير.

كما أن المادة (15) من نظام روما، منحت المدعي العام الحق في مباشرة التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة، وذلك بعد أن يقوم المدعي بتحليل جدي لهذه المعلومات، من خلال التماس معلومات إضافية من الدول، وأجهزة الأمم المتحدة، والمنظمات الحكومية الدولية أو بين الحكومية وغير الحكومية، أو المصادر الموثوقة للمعلومات المدقق في صحتها.

في ظل ما سبق، بات من المعروف للجميع بأنه مع اتساع نطاق المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الإفلات من العقاب، خاصة مع أتاحه الفرصة للمجلس الأمن الدولي للتدخل، لمعاقبة مجرمي الحرب، فإن الواقع المعاش في قطاع غزة يستنهض دعاة الإنسانية لضرورة التدخل القضائي.


 

السيد الرئيس

لقد صدر في التاسع من تموز العام 2004 رأي محكمة العدل الدولية الاستشاري بخصوص جدار الفصل العنصري، والذي نص على عدم قانونية بناء إسرائيل للجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية وفقا للقانون الدولي، في هذا السياق تؤكد مؤسسة الضمير واللجنة العربية لحقوق الإنسان والشخصيات الموقعة على هذه الرسالة، بأن نجاح المؤسسة الرسمية الفلسطينية في الحصول على هذا الرأي الاستشاري يدلل على إتاحة الإمكانية دائما لمحاسبة ومعاقبة دولة الاحتلال وأعوانها العسكريين والمدنيين.

كما أصبح من المعروف بأن التجربة العالمية في إطار تفعيل آليات المحاسبة الجنائية الدولية لمعاقبة مجرمي الحرب، قد بدأت تأتى بثمارها، خاصة بعد أن قام مجلس الأمن الدولي، عبر قراره رقم 808 الصادر بتاريخ 22 فبراير 1993  بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا سابقاً، وكذلك أصدر مجلس الأمن الدولي في الثامن من نوفمبر عام 1994 قراره رقم 995 القاضي بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، وذلك استجابة لطلب قدمته الحكومة الرواندية والمتضمن طلب محاكمه الأشخاص المسئولين إبادة الجنس البشرى وغيرها من انتهاكات القانون الدولي الإنسان.

بالرغم من ملاحظاتنا على تدخل المجلس الأمن في هذا الصدد، وملاحظاتنا المتعلقة باختصاص المحكمتين وكونهما مادة نزاع مسلح غير دولي، فقد سبقهما تشكيل محكمة طوكيو الخاصة، ومحكمة نورمبرغ الخاصة، مما يدلل على توفر أكثر من فرصة لمعاقبي مجرمي الحرب الإسرائيليين، فضلا عن إمكانية استعمال واستغلال مبدأ الولاية الجنائية للمحاكم الوطنية، ما يجعل التعذر بتعقيد الإجراءات وصعوبتها عذرا غير مقبول.

 الأخ  الرئيس

السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية مدعوتان الآن وأكثر من أي وقت سابق للتدخل وبشكل عاجل، من أجل توظيف التشريع الدولي من خلال تبني سياسة تعتمد مبدأ ملاحقة السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية لمجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي. فلا مناص من خيار السلطة الفلسطينية للقضاء الجنائي الدولي في غياب الآليات الإقليمية والمحلية للمحاسبة. كونه يضمن محاسبة ومسائلة مجرمي الحرب الإسرائيليين عما ارتكبوه من جرائم جسيمة بحق المدنيين الفلسطينيين، فضلاً على أن تبني إستراتيجية وطنية فلسطينية تعتمد ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الدولي  وتساهم في محاربة ثقافة الحصانة التي تهيمن على كافة مؤسسات دولة الاحتلال الإسرائيلي. وحتماً ستساعد هذه الإستراتيجية على تعزيز فكرة الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب الإسرائيليين مما قد يجعلها رادعاً لهؤلاء المجرمين في المستقبل.

مع إقرار الجميع بالصعوبات الكثير التي من شأنها عرقلة التوجه المستقبلي لسلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية للقضاء الدولي، فإن هذا الأمر لا يمكن قبوله كتبرير لعدم التحرك، بل لابد على مؤسسات السلطة الوطنية أن تعمل جاهدة للاستفادة من مبدأ الاختصاص الجنائي العالمي في المحاكم الجنائية الوطنية على الصعيد العالمي، هذا المبدأ الذي يعطي الحق لهذه المحاكم في أي دولة أن تقاضي من اقترف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أية دولة أخرى، حيث تجدر الإشارة إلى أن هذا المبدأ هو وليد مبدأ التعاون الدولي القضائي، وفي ظلال هذين المبدأين أصبح من الصعب جداً على مقترفي جرائم الحرب الإفلات من العقاب والحساب.

حتى يكلل هذا التوجه المفترض للسلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والمؤسسات العربية الرسمية والإقليمية ذات الصلة بالنجاح، فلا بد من الاستفادة من الخبرات الفلسطينية بهذا الصدد، حيث باشرت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية منذ سنوات مضت بالعمل نحو مسائلة القادة والضابط العسكريين الإسرائيليين في العديد من الدول الأوروبية والغربية، وقد حققت بعض النجاحات رغم الصعوبات المادية والفنية التي تمر بها هذه المؤسسات، مما يتطلب وبشكل عاجل صياغة خطة إستراتيجية فلسطينية تتولى وتراعي تطبيقها مؤسسات السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية من أجل البدء في التحضيرات لمقاضاة هؤلاء المجرمين، وفي هذا الصدد لابد من اتخاذ خطوات عملية لتعاون مع المؤسسات الدولية المختصة، ومع المحاميين الدوليين والخبراء القانونيين والحقوقيين، وذلك في ظل حقيقة استعداد العديد من المحاميين الدوليين لتكفل بهذه القضايا واستلام مهمة المرافعة والمدافعة القانونية عن الضحايا الفلسطينيين التي ارتكب بحقهم الانتهاكات الإسرائيلية، مما يساعد على جبر الضرر الذي لحق بهؤلاء الضحايا وذويهم.

في السياق ذاته على مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والمؤسسات العربية الرسمية والإقليمية ذات العلاقة، أن تبذل قصارى جهدها في بناء ملفات قانونية متكاملة للتوجه للقضاء الدولي، من خلال توثيق الجرائم الإسرائيلية التي سببها الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، وغيرها من الجرائم التي تنطوي على مخالفات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني.

وفى هذا المقام تدعو مؤسسة الضمير واللجنة العربية لحقوق الإنسان والشخصيات الموقعة على هذه الرسالة فخامتكم للنظر في مشروع قانون الهيئة الفلسطينية لملاحقة مجرمي جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين المقر بالقراءة العامة في المجلس التشريعي بتاريخ26-27/مارس/2008 لما له من أهمية عملية تسمح بتطوير البنية القانونية الفلسطينية ويجعلها تنسجم مع روح نظام المحكمة الجنائية الدولية.

كما يقع على مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية ذات العلاقة تطوير عمل اللجنة الوطنية الفلسطينية للقانون الدولي الإنساني المنشأة بموجب المرسوم الرئاسي رقم (15) لسنة 2003 بتاريخ 05/09/2003، فضلاً عن ذلك لابد من الإسراع في تفعيل عمل الإدارة العامة لملاحقة الجرائم الدولية في النيابة العامة الفلسطينية.

على الرغم من خصوصية الحالة الفلسطينية والوضع القانوني للسلطة الوطنية الفلسطينية التي تعتبر حصادا لاتفاق أوسلو الموقّع بين منظمة التحرير الفلسطينية والدولة العبرية، فإنه من المعروف بان منظمة التحرير الفلسطينية تتمتع بصفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، وقد أصدرت من طرف واحد كمنظمة تحرير إعلاناً تلزم نفسها بكافة المواثيق والمعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان. هذه الخصوصية أيضاً لا تتنافى مع ما اتفق عليه الفقه الدولي من أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة يمكن أن يمتد ليشمل الدول غير المصادقة على نظام المحكمة الدولية وذلك عبر آليات قانونية محددة، الأمر الذي يعني أن مجرمي الحرب الإسرائيليين لا يمكن أن يكونوا بمنآى عن العقاب الدولي حتى لو عاشوا في دولة غير منضمة إلى النظام الأساسي لميثاق روما.

السيد الرئيس

مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان وبالتنسيق مع اللجنة العربية لحقوق الإنسان التي تتمتع بالصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة والشخصيات العربية الموقعة ذات الباع الطويل في القانون الدولي والمجتمع المدني العالمي، يعلمون حرص سيادتكم الشديد على أن ينال أي مجرم الجزاء الذي يستحق وفق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والقانون الجنائي الدولي، وأن لا يستثنى مجرمي الحرب الإسرائيليين من هذا المبدأ العالمي، وهي  تدعوكم لاتخاذ كافة التدابير الممكنة وبأسرع الآجال لوضع خطة إستراتيجية وطنية تتبنى رؤية تقوم على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام القضاء الجنائي الدولي عبر التوجه للمحكمة الجنائية الدولية برسالة توضحون بها تبني السلطة الفلسطينية لاختصاص المحكمة الجنائية الدولية ومطالبة المدعي العام السيد أوكامبو صلاحية المدعي العام في الشّروع في التحقيق في الجرائم الواقعة بحق الشعب الفلسطيني في غزة من جهة وفقا لطلبكم الرسمي ومن جهة ثانية وفقا لما يسمح به له ميثاق روما، أي  بالاستناد إلى مبادرته الشّخصية (proprio motu – من تلقاء نفسه).  

كلنا أمل سيادة الرئيس أن تأمروا باتخاذ خطوات قانونية عاجلة تسمح بهذا الإجراء وتسهم  في وضع قواعد قانونية تساعد المنظمات غير الحكومية في إحداث وضع قانوني  يسمح بالانتقال من الخطاب العام حول المبادئ والقيم الإنسانية المشتركة، إلى خطوات عملية تنصف الضحايا وتضمن لأبناء الشعب الفلسطيني التواق للعيش في سلام وكرامة وأمن، حيث اثبت وقائع التاريخ أن سياسات الإفلات من العقاب تسهم في تشجيع ارتكاب المزيد من المآسي اللا إنسانية التي يذهب ضحيتها الآلاف الأبرياء، وأن سياسية الإفلات من العقاب تشجع على المزيد من الخوف والاضطراب وعدم الاستقرار، هذا الأمر يستدعي أعمال مبدأ المسؤولية الجنائية الدولية، حيث أن العقاب سيخلق ولا ريب مفعولا رادعاً كفيل بالحد من الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الإنسان.

 تعلم فخامتكم بأننا نعيش ظروف صعبة جداً جراء سياسات سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، التي تتطلب عملا جماعيا، ونضالا مستمرا من كل أطياف البيت الفلسطيني حتى نستطيع توفير مقومات الصمود في وجه الفظائع التي ترتكبها قوات سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بحق المدنيين من أبناء شعبنا في فلسطين المحتلة، وحتى نستطيع البدء بعمل مثمر من أجل محاسبة وعقاب مجرمي الحرب الإسرائيليين، هذا العمل الذي لابد أن يستند على رؤية فلسطينية لاعتماد القضاء الجنائي الدولي، والاستفادة بصورة فعالة من مبدأ الولاية القضائية الدولية أو الاختصاص الجنائي العالمي من أجل محاسبة الجناة وتحقيق العدالة لعائلات الضحايا.

الأخ الرئيس

إن هذه الرسالة وما تحمل من مضامين ما هي إلا بداية عمل وتحشيد فلسطيني وعربي ودولي من أجل اتخاذ إجراءات قانونية وقضائية تساعدنا على تعزيز النضال من أجل محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، إن الوضع المأساوي في غزة والذي اعتبره المقرر الخاص لمجلس حقوق الإنسان جريمة ضد الإنسانية يتطلب منكم التحرك العاجل أمام المحكمة الجنائية الدولية باعتبار قبول السلطة الفلسطينية لاختصاصها يضع المحكمة أمام مسؤولياتها التاريخية تجاه ما يحدث في فلسطين المحتلة ويعطي زخماً أكبر ويزيد احتمالات نجاح التحرك المدني العربي والعالمي ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، الذي يهدف أولا وأخيرا لانتصار قيم العدالة الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

 

وفقكم الله إلى خير ومصلحة الوطن والمواطن

1-   مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان

 يمثلها / أ. خليل أبو شماله

المدير التنفيذي للمؤسسة ويتابع ملف المحاسبة فيها المحامي سامر موسى محامي المؤسسة

 

2-    الشخصيات الموقعة على هذه الرسالة

 

هيثم مناع (سورية)

 منصف المرزوقي (تونس)

نادر فرجاني (مصر)

خالد السفياني (المغرب)

هبة رؤوف عزت (مصر)

المصطفى صوليح (المغرب)

هيثم المالح (سورية)

علي الدميني (السعودية)

ناصر الغزالي (سورية)

 سامية الأغبري   (اليمن)

عباس عروة (الجزائر)

هاني نسيرة (مصر)

عمار قربي (سورية)

عامر العريض (تونس)

ماهر البرادعي (سورية)

خلدون الأسود (الولايات المتحدة)

فوزان محسن الحربي  (السعودية)

نضال درويش (سورية)

أحمد العمري (فرنسا)

جمال قارصلي (ألمانيا)

ماجد حبو (السويد)

رشيد مصلي (الجزائر)

نجيب عاشوري (فرنسا)

ناصر الربيعي (اليمن)

شريف هلالي (مصر)

كامل عفي (فرنسا)

عبد الرحيم الجمعي (المغرب)

حسام عبد الله (مصر)

لقاء أبو عجيب (سورية)

علي محمد (مصر)

هشام بشير (فرنسا)

جان نسطة (ألمانيا)

جمال عيد (مصر)

فوزي الجرادي(اليمن)

فايز الفواز (سورية)

باسل شلهوب (سويسرا)

سليم خير بك (سورية)

عبد الله خليل (سورية)

هشام بشير (فرنسا)

محمد أمين خليف ( فلسطين )

أسامة أحمد المصطفى ( السودان )

موسى العرميطي ( الأردن )

صخر أدريس ( سوريا )

هاني بركات ( أسبانيا )

نور الهدى زكي (مصر)

فتحي بلحاج (تونس)

مي الرحبي (سورية)

عبد الرقيب الهدياني(اليمن)

اثمار الوالي( اليمن)

سليم مالكي (المغرب)


 

[1] - اعتمد من قبل مؤتمر الأمم المتحدة الدبلوماسي للمفوضين المعني بإنشاء محكمة جنائية دولية، بتاريخ 17 تموز/يوليو 1998، تاريخ بدء النفاذ: 1 حزيران/يونيه 2001، وفقا للمادة 126.