تؤكد وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة والناشطة من أجل حقوق الإنسان شولميت ألوني في كتابها الصادر هذا الأسبوع "ديمقراطية مقيدة بالأصفاد"، أن إسرائيل لم تعد ديمقراطية بعد تحولها لإثنوقراطية، يسودها الأبرتهايد وتفوح منها روائح العنصرية على أنواعها.
وتشير إلى أن النظام الديمقراطي في إسرائيل شهد تراجعا متواصلا إذ تحولت رسميا لإثنوقراطية بعد إقرار قانون كرامة الإنسان وحريته عام 1992 والذي عرف إسرائيل بأنها "يهودية وديمقراطية" وأنها تراجعت عن تعريفها الوارد في "وثيقة الاستقلال" لإسرائيل كدولة لكل مواطنيها.
وتستعرض مظاهر نظام الفصل العنصري (الأبرتهايد) في إسرائيل وإصرارها على رفض السلام منذ عقود وتكشف فظاعات وجرائم ارتكبتها تباعا.
وتطرقت الكاتبة لتشبث الإسرائيليين بخطاب الضحية تارة وخطاب القوة والقدسية والبطولة تارة أخرى "على غرار موسيليني مؤسس إيطاليا الفاشية"، وقالت إنها بالمقارنة مع فترة التأسيس تستغرب كيف تحول الإسرائيليون اليوم لمجتمع "طماع ومادي وفاسد".
وتؤكد ألوني أن إطلاق النار على السفير الإسرائيلي في لندن شلومو أرجوف كان مجرد ذريعة لتنفيذ خطة باجتياح لبنان عام 1982 وضعها مناحم بيغن وأرييل شارون لتحسين صورتهما بعد إعادة سيناء لمصر، وذلك رغم التزام منظمة التحرير بوقف النار في الحدود الشمالية علاوة على خطتهما بطرد المقاومة الفلسطينية من لبنان.
قوانين نيرنبرغ
وتقول إن اغتيال رئيس الوزراء السابق إسحق رابين عام 1995 جاء على خلفية انفلات العنصرية منذ الثمانينيات التي شهدت محاولات تشريع قوانين أسوء من "قوانين نيرنبرغ"، ولا تستبعد قتله تآمرا من قبل الشاباك المستوطنون ومعسكر اليمين في السلام بل أرادوا "أرض إسرائيل الكاملة" خالية من العرب والمساجد".
كما ترى أن إيهود براك -عندما كان رئيس الوزراء- قتل أوسلو بعدما كال التهم للفلسطينيين واستخدم "فرية اللا شريك" في الطرف الآخر لمنع أي تقدم في المفاوضات، وتفيد بأن إسرائيل تسعى دوما لبناء ذاتها على شعور أوروبا بالندم بعد الكارثة، وتدأب على تكرار موالها المضحك "حقها في العيش بأمن بدون تهديدات بقذف اليهود في البحر".
وتشير الوزيرة السابقة إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ذر للرماد في العيون واحتيال ومحاولة تجميل، وتقول "المواطنون الدروز المقيمون بيننا والذين يخدمون في جيشنا ونصفهم بـ"الإخوة بالدم"، هل هم متساوو الحقوق مع اليهود"؟.
وتذكر أن إسرائيل ما فتئت تستخدم أنظمة الطوارئ الانتدابية بما يفوق ما استخدمه البريطانيون طيلة فترة الانتداب، وتشير إلى أن المستوطنين وبمساعدة الحكومات وجيشها يسعون لتحقيق فرائض توراتية بقتل وتدمير وتهجير الفلسطينيين وتضيف "فرائض ترانسفير تماما".
وترد ألوني على من يدافع عن تعريف "يهودية وديمقراطية" من خلال مقارنتها بفرنسا كدولة الفرنسيين فتقول "تمثل "دولة إسرائيل" مجتمعا مدنيا يشمل أفكارا ومعتقدات مختلفة، بينما "دولة يهودية"، وفقا للقانون الإسرائيلي، هي دولة ديانة وقومية معا وتحت مراقبة دينية أورثوذوكسية".
عبادة الشمس والقمر
وتقول إنها معنية بأن تكون "إسرائيلية" وترفض الاضطهاد الديني على أيدي الحاخامات وتتابع "ثقافة وتاريخ نعم، أما حاخامات فلا، بل إنني مستعدة لأن أعبد الشمس والقمر والنجوم والربيع بل كل شيء بحسب مزاجي، ولكنني أرفض رجال الدين بليدي الإحساس والخائفين من كل تجديد والمحتقرين المرأة".
ألوني التي نشطت ضمن القوى الضاربة للهغاناه (البلماح) تغفل عمليات تهجير الفلسطينيين عمدا عام 48 مكتفية بالقول "حول سبب نزوح الفلسطينيين، هربهم وتهجيرهم، هنالك خلاف في الرأي.. وقد سدت إسرائيل طريق عودتهم".
قتل الأسرى
وتروي ألوني ما قام به الإسرائيليون خلال العدوان الثلاثي عام 1956 فتقول إنها سمعت حديث ضباط عن عمليات السلب والنهب في غزة، وتقدم ألوني شهادتها حول قتل الأسرى المصريين فتضيف "سمعت أحاديث سرية كثيرة رويت خلف الكواليس عن معارك وعن تصفية الأسرى من خلال التدرب على إطلاق النار عليهم فضلا عن مجزرة كفر قاسم".
وفي معرض تلخيصها تؤكد ألوني بمرارة أن إسرائيل ورغم امتلاء خزينتها تهمل جهاز التعليم والمؤسسة الأكاديمية والثقافة فيما يتفاقم الفساد فيها، وتشدد على أن المجتمع المثالي الذي حلم به جيل المؤسسين آخذ في التبخر، وتقول إنهم يتلاشون تاركين خلفهم دولة غير ديمقراطية بل صارت "غيتو يهودي" بكل أفكاره المسبقة تضاف لها القوة العسكرية وقوة المال والسيطرة.
المصدر: الجزيرة نت