french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations


حقوق الإنسان في المملكة المغربية - المصطفى صوليح

2008-09-14

 

                                                                             

سهرة (إفطار- حوار) ينظمها

اللجنة العربية لحقوق الإنسان، منظمة صوت حر للدفاع عن حقوق الإنسان، المعهد العربي للتنمية والمواطنة المرصد الفرنسي لحقوق الإنسان، الملتقى الثقافي العربي الأوربي

تمحين حرية التعبير في المملكة المغربية

( التفليس و المنع من نشر شهادات ، نموذجا )

 *El Mostafa Soulaih

1 ـ ما قبل التقديم : دفعة واحدة أقول إن تمحين حرية التعبير في المملكة المغربية ليس واقعا جديدا، بمعنى، أولا، أن الأمر لا يتعلق بتراجع في مجال احترام حقوق الإنسان و حرياته، و إنما يتعلق باستمرارية في هذا التمحين.    ثانيا، بمعنى أن قمع حرية التعبير لم يرتبط بإقرار قانون الإرهاب في سنة 2002، وإنما جاء هذا الإقرار ليسكب طابع "الشرعية" القانونية على هذا القمع. بعبارة أخرى، إن ما يميز بين الفترة السابقة عن 1999 والفترة التي تليها، أي بين عهد الملك الراحل الحسن الثاني وعهد الملك الحالي محمد السادس، هو أن السنوات الثلاثة الأولى من هذه الأخيرة شكلت، من جهة، سنوات تثبيت عرش الملك الجديد وتأسيسه لمخزنه وإتباعه  في ذلك  لسياسة تساهلية  وليس تسامحية أو ندية، تجاه باقي مكونات الإطار الحضاري للمجتمع المغربي.خلال هذه الفترة، ارتفعت وتيرة الجرأة لدى ممتهني الإعلام كما لدى نخب المجتمع المدني المستقل في تناولها، الكتابي أو الشفهي، لقضايا وملفات تخص الملك شخصيا، باعتباره شخصية عمومية، وذلك من حيث ثروته، اهتماماته، أسرته الصغيرة، الأمراء والأميرات وباقي أقاربه وحاشيته، مستشاريه، هواياته، إخفاقاته، قراراته، نزواته، أسفاره، وطريقة أدائه لأجندته الدستورية.. كما ارتفعت وتيرة هذه الجرأة أكثر في كل ما يتعلق بالعمل الحكومي وأشخاصه والأجهزة الأمنية علاوة على جبروت الفساد المستشري في معظم القطاعات وموضوعة عدم الإفلات من العقاب. وفي هذا السياق كان لا بد من انتظار مرور بعض الوقت، خاصة بعد عام 2005، ليتم اكتشاف على سبيل المثال لا الحصر، أن إحداث " هيئة الإنصاف والمصالحة " لم يكن إلا بمثابة الشجرة التي أريد بها إخفاء غابة هدر الحقوق والحريات المستحقة للأفراد والمجموعات والجماعات. وفي مقدمة هذه الحقوق حرية التعبير في المملكة المغربية. وهو الهدر الذي أصبح المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لا يجد غضاضة في الدفاع عنه بتفنيد وقوعه تارة وبالتهجم على المدافعين عن تحسين وضعية هذه الحرية  تارة أخرى. بل وفوق ذلك لا يجد غضاضة في المبادرة إلى رفع الدعاوي القضائية  مثلا، ضد ناشري شهادات سبق للهيئة المذكورة أن استمعت إليها.

2 ـ تقديم : تتمثل صور تشخيص محنة حرية التعبير و تداعياتها في المملكة المغربية في كونها تطال الصحافة المكتوبة و المتلفزة و الوسائط الشفهية والإلكترونية، وذلك كالتالي:

2.1 ـ مواصلة إخضاع الصحفيين للإكراه البدني وذلك دون محاكمة عادلة.

2.2 ـ جعل الصحفيين والمفكرين في وضعية الرهائن؛ (عدد كبير من الصحفيين العاملين في إطار جرائد مستقلة، يومية أو أسبوعية ما يزالون ينتظرون صدور أحكام ضدهم من قبل محاكم من درجات مختلفة، وكذا الحال بالنسبة لمفكرين وباحثين أكاديميين، من ضمنهم السيدة نادية ياسين ابنة شيخ "جماعة العدل و الإحسان".

2.3 ـ تهديد الجرائد والمجلات الخاصة (أو المستقلة) بالإفلاس (حالة جرائد: "الأسبوع الصحفي"، " لوجورنال"، "نيشان" ، "الأيام "، "الصحيفة" سابقا ....

2.4 ـ حرمان صحفيين من مزاولة مهنتهم الإعلامية سواء بشكل نهائي ( أبو بكر الجامعي مدير جريدة لوجورنال سابقا) أو لأمد طويل ، بمقتضى حكم قضائي، يصل إلى عشر سنوات (علي لمرابط مدير جريدتي دومان واحدة بالعربية والثانية بالفرنسية).

2.5 ـ احتجاز وإهانة صحفيين من قبل موظفي مؤسسات عمومية (مثلا: سعيد بقلول – صحفي مراسل لإذاعة إم إف إم سايس بمدينة تاونات، مدير مكتب جريدة "صدى تاونات، وسعيدة المستاري مراسلة جريدة " الأحداث المغربية "، صحفية بجريدة " صدى تاونات)؛

2.6 ـ عدم حماية صحفيين يتعرضون لتهديدات انتقامية خطيرة على حياتهم من قبل مجرمين، وذلك سواء أثناء مزاولتهم لمهامهم  المهنية اليومية أو خلال تواجدهم كمعتقلين داخل السجن (كحالة حرمة الله من هيئة تحرير جريدة  "الوطن الآن").

2.7 ـ الاعتداء من قبل رجال الشرطة بالضرب على صحفيين و مصادرة كراساتهم و آلات تصويرهم، وذلك أثناء تتبعهم لأطوار تظاهرات تضامنية أو احتجاجية تنظر إليها السلطات بغير رضا أو تعتبرها ممنوعة (الحالات هنا، بسبب كثرتها و تكررها، هي غير قابلة للحصر).

2.8 ـ الاستمرار في اعتقال ومحاكمة المشاركين في حركات الاحتجاج الشعبية بدعوى رفعهم لشعارات مناوئة للنظام السياسي السائد وكذا بدعوى مس هذه الشعارات بالمقدسات (آخرهم مجموعتا مدينتي  سيدي إيفني ومراكش  وغيرهم).

2.9 ـ اعتقال وسجن، خارج مسار المحاكمة العادلة، لمدافعين عن حقوق الإنسان إثر إدلائهم بمعلومات وآراء حول انتهاكات لحقوق الإنسان تزعم السلطات بأنها زائفة (حالة الناشط الحقوقي إبراهيم سبع الليل، مثلا ).

2.9 ـ منع و حجب مواقع إلكترونية يتم الالتجاء إليها للتعبير عن الرأي أو لتعرف معلومات جغرافية (يوتوب، مواقع إسلامية ، غوغل أورث ..).

2.10 ـ سحب بطاقة الاعتماد من مدير مكتب قناة الجزيرة بالرباط ، حسن الراشدي، وتقديمه للمحكمة وتغريمه ماليا.

2.11 ـ الشروع في اعتقال ومحاكمة، خارج نطاق المحاكمة العادلة، لمدونين آخرهم الشاب محمد الراجي بتهمة  "الإخلال بالاحترام الواجب للملك".

2.12 ـ استعمال قضاء غير مستقل وغي نزيه في شرعنة وإعمال وتفعيل شتى أنواع وأشكال التمحين المذكورة بعض أمثلتها سابقا.

3 ـ نموذجان من نماذج تمحين حرية التعبير: تلبية لطلب الصديق العزيز الدكتور هيثم مناع سأفرد ما يلي لإنموذجين من نماذج تمحين حرية التعبير في المملكة المغربية، ويتمثلان في :

3.1 ـ تهديد الصحافة المكتوبة بالإفلاس (حالة يومية المساء): في يوم 25 مارس / آذار 2008 قضت المحكمة الابتدائية بمدينة الرباط على الصحافي رشيد نيني مدير جريدة "المساء" بأداء تعويض مالي  قدره 600 مليون سنتيم ( 824 ألف دولار / 545 يورو ) لفائدة أربعة مشتكين يحملون صفة نواب لوكيل الملك (النيابة العامة) في مدينة القصر الكبير (شمال غرب المغرب). كما قضت بأداء  غرامة مالية تبلغ 120 ألف درهم للخزينة العامة للدولة.

أما التهمة فهي القذف والسب العلني، وذلك بدعوى أنه في سياق شيوع خبر مفاده أن زواجا مثليا تم في مدينة القصر الكبير، خلال شهر نوفمبر / تشرين الثاني 2007، و ترتب عنه اندلاع احتجاجات عنيفة في المدينة المذكورة ضد الزواج إياه كما ضد المحتفلين به، كتبت جريدة المساء أن من بين المدعوين الذين حضروا هذا الحفل أحد نواب وكيل الملك، وهو الأمر الذي تم تأويله على أنه وصف للنائب المعني بـ " المثلي " أو " الشاذ جنسيا ".

ورغم أن الجريدة بادرت إلى نشر ما اعتبرته تصحيحا لما كتبته معلنة في اعتذارها لقرائها بأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تشابه في الأسماء، أصر القاضي الجالس في الغرفة الجنحية للمحكمة الابتدائية بالرباط على أن يرضي أربعة من القضاة الواقفين فيحكم ضد الجريدة و لفائدتهم بـ 01 مليون و نصف من الدراهم لكل واحد منهم .

فهل كان هذا الحكم جادا ومنصفا ؟ وهل تم إصداره بناء على نص قانوني غير معيب ؟ وهل تم الأخذ بعين الاعتبار مختلف الدفوعات الشكلية والمضمونية التي تقدمت بها هيئة الدفاع ؟ وهل المدعي بـ " القذف والسب العلني " كان في الأصل واحدا أم أربعة مدعين ؟ وهل كان القاضي الجالس بريئا من كل تأثير إداري أو سياسي على مسار ملف القضية ؟ ثم هل كانت تهمة " القذف و السب العلني " ثابتة ؟ أخيرا وليس آخرا، لماذا الحكم بهكذا أثقل تعويض لفائدة أشخاص يفرض على صحيفة في تاريخ محاكمات الصحف في المغرب؟

في الواقع، وإلى حين قول باقي درجات التقاضي كلمتها، أن هذا الحكم هو جائر ولا يبتغي فقط إشاعة الفزع بين أفراد هيئات إدارة وتحرير الصحف المكتوبة في أفق تكريس خطوط حمراء أمام حقهم في حرية التعبير واعتمادهم الرقابة الذاتية في نقل ونشر الأخبار والمعلومات والرؤى والتخلي عن مبدأ "الخبر مقدس والتحليل حر"، بل يتعدى كل ذلك إلى تهديد كل وسيط إعلامي، لا يساهم في تبرير الوضع المأساوي القائم في كل المجالات والتنفيس عنه أو يلح على البحث عن الحقائق وإبلاغها إلى الناس و إسماع أصواتهم، بالإفلاس و الإغلاق.

3.2 ـ منع الصحافة من نشر شهادات: إن من أغرب قضايا تمحين حرية التعبير في المملكة المغربية هي قضية تجريم جريدتين قامتا بإعادة نشر بعض من شهادات سبق أن تم الإدلاء بها من قبل ضحايا ومزامنين لسنوات "الجمر و الرصاص" أمام " هيئة الإنصاف و المصالحة" المنحلة. وتزداد الغرابة عندما نعلم أن المدعي هو المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي رفع ، خلال فترتين متتاليتين، دعوتين استعجاليتين لدى المحكمة الابتدائية بالرباط  ضد كل من يومية "الجريدة الأولى" و "الحياة الأسبوعية" على التوالي. ذلك من أجل أمرهما بوقف نشر هذه الشهادات. وهو ما استجابت له المحكمة فقضت بإيقاف هذا النشر مع غرامة تهديدية مالية عن كل يوم تأخير في الانضباط لهذا الحكم.

وفيما برر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان سلوكه هذا بكونه المؤسسة الوحيدة المكلفة بمتابعة توصيات "هيئة الإنصاف والمصالحة" والائتمان على أرشيفها، مضيفا بأن هكذا نشر من شأنه المس بمصداقية تلك الهيئة، ومعبرا عن أسفه للضرر الذي أصاب أصحاب الشهادات جراء ما اعتبره نشرا عشوائيا لتلك الشهادات وجراء التصرف فيها. وقد ردت الصحيفتان  على ذلك بالدفع:

 أ ـ بعدم اختصاص محكمة الرباط الترابي طبقا لقانون المسطرة المدنية الذي ينص على أن رفع دعوى قضائية ينبغي أن يتم حيث مقر الجريدة، وهو هنا مدينة الدار البيضاء.

ب ـ بعدم الاختصاص النوعي في ما يهم اللجوء إلى القضاء الاستعجالي لانعدام حالة الضرر والاستعجال، خاصة وأنه لم يعلن أي واحد من أصحاب تلك الشهادات عن مثل هذا الضرر.

ج ـ عدم وجود نص قانوني يمنع نشر تلك الشهادات التي تم الإدلاء بها أمام "هيئة الإنصاف و المصالحة".

وفي بلاغ صادر عن مدير " الجريدة الأولى جاء " أن الوثائق التي تنشرها الجريدة هي ملك لجميع المغاربة ومادة خصبة للباحثين ( ... ) وأن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان يريد حجب تلك الشهادات عن الرأي العام من خلال استصدار أمر قضائي يمنع نشرها وتعميمها".

غير أنه، ومهما يكن، فإن تخلي المجلس الاستشاري عن مهامه الأصلية، وعلى الأقل تلك المدونة منها في ظهير تأسيسه، وعن الإغراض الأممية المعدة لمؤسسات حقوق الإنسان الوطنية وعدم تتبعه بالمسؤولية المرجوة لإعمال وتفعيل توصيات "هيئة الإنصاف والمصالحة" ومن بينها الضغط على السلطات العمومية ذات الصلة من أجل الإقرار قانونيا بالحق في الاطلاع و في الولوج إلى مصدر المعلومات وتداولها مع تجريم كل من يحول دون ذلك ومعاقبته. عوضا عن هذا، يبادر هو نفسه إلى انتهاك هذا الحق واستغلال عدم استقلال القضاء في الحيلولة دون إعمال هذا الحق بما يشمله من حرية الوصول إلى المعلومات و تداولها و تحليلها، يكون ذلك إيذانا بأن أنياب كماشة الاستمرار في هدر الحق في حرية التعبير ستزداد شراسة فتحتاج إلى أكثر من لكمة لكسرها.

 

*  كاتب وباحث من المغرب – من أطر اللجنة العربية لحقوق الإنسان، باريس ( فرنسا )

مداخلة لندوة حقوق الإنسان في المغرب ، مالاكوف، 13/9/2008

 

 

 

الصفحة الرئيسة

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها