فبراير 2008 بالمغرب
( الإجهاز على الحريات )
إيمانا منا بأن المغرب يعيش ظروفا دولية
وإقليمية ضاغطة، وأوضاعا محلية تتسم
بالإنقلاب على مجموعة من المكتسبات التي
حققها الشعب المغربي بفضل نضالاته.
وأن الخطاب الرسمي حول المصالحة وطي صفحة
الماضي وتحديث السلطة ، لم يتجاوز دائرة
الإستهلاك الإعلامي ، حيث لم يحدث أي
تغيير ملموس على مستوى واقع الحريات
العامة والحقوق المدنية والسياسية وكذا
الحقوق الإجتماعية والإقتصادية، بل يجرى
في كثير من الأحيان الإجهاز على الهوامش،
الشيء الذي يجعل الخطاب الرسمي فاقدا
للجدية والمصداقية وينكشف على أنه مناورة
للهروب إلى الأمام وتعبير عن الرغبة في
الإفلات من تحمل المسؤولية، ومعالجة
الأوضاع بما يخدم المواطنة.
وبما أن قضية الإصلاح السياسي والدستوري،
وإقرار وتعزيز واحترام حقوق الإنسان،
تعتبر مطلبا ملحا للمجتمع بالدرجة الأولى
حيث ينبغي التفاعل معه بإيجابية من طرف
الجهات الرسمية لخلق شروط الإنتقال
الديمقراطي وتحقيق العدالة الإنتقالية
وذلك بتأهيل القوى الفاعلة داخل المجتمع
وعلى رأسها الإطارات السياسية مع دعم
استقلاليتها، وتنمية قدراتها على الإقتراح
والمشاركة الفاعلة، بدل إضعافها ومصادرة
حقوقها في التعبير والتنظيم، أو منع بعضها
من حقها الدستوري، بالرغم من أنه قد وفى
بكل التزاماته القانونية، أو حل بعضها في
سابقة سياسية، من دون الاستناد على أساس
قانوني.
وتأكيدا منا أن حاجاتنا الداخلية سياسيا
واجتماعيا واقتصاديا.. لها الأولوية في
أجندة الإصلاح، حفاظا على السِلم
الاجتماعي، وتأسيسا لشروط أفضل
للديمقراطية والتنمية، بدل الارتهان
للضغوط والأجندة الخارجية.
وفي هذا السياق نعتقد أن أي إجهاض أو
عرقلة لعملية الإصلاح سيتسبب في تنامي
حملات التشويه التي تستهدف منظومتنا
السياسية والثقافية والأخلاقية، وتجل منها
كما لو أنها تبيح الاستبداد والقمع،
والتعذيب والمقابر الجماعية، وتزوير
الإرادة السياسية والفساد والتطرف
والإرهاب، وترفض الحكم الديمقراطي
والحكامة السياسية وحقوق الإنسان.
ونسجل وللأسف أن إرادة الإصلاح ببلادنا لا
تملك القدرة على فتح أوراش التغيير
الحقيقية، حيث يظل واقع الممارسات ينزع
إلى المقاربة الأمنية ويفضل المعالجة
القمعية في الكثير من الأحيان، إذ تتراوح
فصول هذه المنهجية في التهميش، والتعتيم،
والزج بالقيادات الممانعة في السجون.. مع
انعدام كافة شروط المحاكمة العادلة، والتي
تقتضي- حسب المواثيق الدولية لحقوق
الإنسان- استقلال القضاء ونزاهته، وهذا ما
لا يتوفر في قضائنا.
كل ذلك وللأسف يعيد الزمن المغربي مرة
أخرى إلى سنوات الجمر والرصاص، حيث تردي
الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
وازدياد الإحتقان الشعبي مقابل اتساع
دائرة الإنتهاكات التي تطال المواطنين.
وهذا ما تؤكده كافة المؤشرات؛ حيث سجلت
بلادنا في الآونة الأخيرة، أدنى مؤشرات
المشاركة السياسية، وأدنى مؤشرات التنمية،
وأعلى مؤشرات الفساد والبطالة والأمية
والفقر والجريمة..
في سياق هذه الأجواء ظهرت قضية المعتقلين
السياسيين الستة بالمغرب .
موجز
تاريخي
عن أهم المحطات التي عرفتها قضية
المعتقلين السياسيين الستة
اعتقلت السلطات المغربية يومي 18 و 19
فبراير 2008 ست شخصيات
وطنية
مغربية ، خمس قيادات سياسية وصحفي و هم :المصطفى
المعتصم أمين
عام حزب البديل
الحضاري، محمد المرواني أمين عام حزب
الأمة ، محمد الأمين الركالة الناطق
الرسمي باسم
حزب البديل الحضاري ، العبادلة ماء
العينين قيادي بحزب العدالة و التنمية
،حميد
ناجيبي قيادي بحزب الاشتراكي الموحد وعبد
الحفيظ السريتي
صحافي
مراسل قناة "المنار" اللبنانية .
و قد شابت هذه الاعتقالات عدة خروق منذ
اليوم الأول من الاعتقال بحيث تم اختطافهم
من بين أهليهم من طرف أشخاص بزي مدني دون
الإدلاء بأي وثيقة تبين هويتهم
، ولم تعرف عائلاتهم وجهتهم إلا بعد
يومين من الاتصالات مع السلطات المغربية
التي أخبرتهم بأنهم يوجدون في مقر الضابطة
القضائية بالمعار يف بالدار البيضاء .
وللتذكير
فإن
هؤلاء المناضلين السياسيين شخصيات معروفة
وطنيا ودوليا ولم يكن ضروريا لجوء السلطات
إلى إجراءات
مخلة
بالكرامة والحقوق
ومنافية للقانون
من أجل التحقيق معهم
.
فضلا عن هذا ظهر السيد وزير الداخلية يوم
20 فبراير 2008 في ندوة صحفية قبل
مرور
24 ساعة على اعتقال الستة حيث أصدر بلاغا
وجه فيه
أخطر التهم إلى المعتقلين ، وقام بالزج
بهم ظلما و تعسفا في قضية لا علاقة لهم
بها البتة ، و هي ما بات يسمى بقضية
بلعيرج قبل أن يمثلوا أمام الضابطة
القضائية.
و الأخطر في الأمر يتمثل في أن السيد
وزير الداخلية بعد إصداره البلاغ المذكور
و الذي كان الهدف منه هو التشهير و المس
بسمعة المعتقلين الستة وتلويث مسارهم
السياسي وموقعهم الاجتماعي بشتى
التهم
وأخطرها
مع إدانتهم مسبقا ضدا على قرينة البراءة،
ممَا
هدد بشكل سلبي استقرار الأسر و العائلات
كما أثار غضب وتعاطف الرأي العام ومكونات
المجتمع السياسية والحقوقية والثقافية
وغيرهما مع قضية المعتقلين الستة .
ولم يقتصر حال الخروق على هذا الحد بل
أصدر -وبشكل غريب ومفاجئ- السيد الوزير
الأول مرسوم بحل حزب البديل الحضاري يوم
21 فبراير 2008 في إطار الفصل 57 من
قانون الأحزاب، في سابقة من نوعها في
تاريخ المغرب المستقل و ما أحاط به من
ملابسات و ما صاحبه من تصريحات من قبيل
اعتبار وزير الداخلية قرار حل حزب البديل
رسالة إلى كل الأحزاب السياسية رغم أن
مرسوم الوزير الأول غير قانوني و غير شرعي
و متسرع وصدر دون وجود أي مبرر مشروع و
قبل حتى متابعة السيدين مصطفى المعتصم
أمينه العام و ناطقه الرسمي السيد محمد
الأمين الركالة.
و في ظل هذه الظروف المشحونة و الضغط
المستمر و المكثف على القضاء صدر الحكم
القاضي بإبطال تأسيس حزب الأمة بدعوى أنه
لم يستوف الشروط القانونية حسب زعمهم ولا
زالت القضية معروضة على الاستئناف .
كما بادر وزير الداخلية لتنظيم حفل غذاء
يوم 22 فبراير 2008 استدعى فيه كل
الصحافيين و الفاعلين
السياسيين والحقوقيين و النقابيين و
المحللين السياسيين وطلب منهم عدم التشكيك
في الرواية الرسمية، وأصر وزير الداخلية
على إرهاب الرأي العام و بلغ به الأمر إلى
حد تهديد كل من يحاول التشكيك في روايته
وراح يوزع التهم والإدانات في كل طلعاته
الإعلامية مبلغا بذلك رسائل واضحة إلى
القضاء تهدف إلى توجيه مساره و إحراجه
وتوريطه و التأثير عليه والمس المعلن
باستقلاليته كما أعلن أيضا بأن الشكليات
لا تهمه بقدر ما تهمه حماية البلاد، و كل
هذه السلوكيات تعتبر سابقة في تاريخ
المغرب .
وفي 26
فبراير 2008، قدم وزير الاتصال الناطق
الرسمي باسم
الحكومة في برنامج حوار بالقناة الأولى
المغربية، تصريحات جديدة جدد فيها لغة
القذف والسب والتخوين
والافتراء والاستفزاز والتهديد والمتابعة
في حق كل من يشكك في الرواية الرسمية..
وبالرغم أن الرسالة الملكية جاءت بعد ذلك
لمعالجة هذه الإنزلاقات ، مؤكدة على ضرورة
رفض أي تدخل في مسار القضاء، الشيء الذي
اعتبر إدانة غير مباشرة لطبيعة الخروقات
التي شابت هذا الملف، لكن مجريات القضية
بعد ذلك استمرت على حالها.. مما يؤكد أن
المحاكمة ذات خلفية سياسية كيدية، تستهدف
الانتقام من هذه القيادات السياسية، نتيجة
مواقفهم النضالية المؤكدة على أولوية
الإصلاح الدستوري والسياسي من أجل مغرب
ديمقراطي.
كما أن الإعلام الرسمي قد تم استغلاله
بشكل ينافي أخلاقيات المهنة من طرف جهة
واحدة ، وهي الجهة الحكومية، للإساءة
للمتهمين، في حين لم يفسح المجال لتنسيقية
عائلات هؤلاء المعتقلين السياسيين الستة،
ولا لدفاعهم، ولا للجنة التضامن معهم..
لتقديم حججهم ومواقفهم في إبطال الرواية
الرسمية المتهافتة .. وفي ذلك تكريس
للتمييز والإقصاء واحتكار قطاع السمعي
البصري الذي هوملك لكل المغاربة.. وهو
الأمر الذي دعا الدفاع لرفع دعوة قضائية
ضد هذا القطاع.
و لكون هؤلاء الرجال الشرفاء مشهود لهم
وطنيا و دوليا إيمانهم بالعمل في إطار
القانون و الدستور واعتماد الاعتدال
في مواقفهم و رفضهم المطلق و المبدئي
اللجوء لكل أشكال العنف و التطرف والغلو
والإرهاب و إيمانهم بالعمل السياسي
المشروع و قناعاتهم بثقافة الحوار و
الديمقراطية.
تطوع
منذ اليوم الأول من الاعتقال مجموعة من
الأساتذة رموز الحرية و الدفاع عن الحق
للدفاع عنهم من بينهم نقباء وأساتذة مشهود
لهم بالنزاهة والنضال من أجل حقوق الإنسان
حيث تجاوز عددهم 50 محاميا .
وقد صرح المحامون المؤازرون للمعتقلين
الستة للرأي العام الوطني والدولي
في قنوات فضائية بعد أول زيارة لهم بتاريخ
25 فبراير2008 لدى الضابطة القضائية أن
هؤلاء المعتقلين هم أبرياء من كل ما نسب
إليهم، وفندوا الرواية الرسمية المتهاوية.
كما
التأمت مجموعة من الفعاليات السياسية و
النقابية و الحقوقية و الثقافية في إطار
مبادرة
تاريخية قصد
تأسيس لجنة وطنية
للتضامن مع المعتقلين السياسيين الستة يوم
21/04/2008 حيث اختارت المناضل محمد
بنسعيد أيت يدر رئيسا و الأستاذ خالد
السفياني منسقا لها.
بعد أن قضى المعتقلون السياسيون الستة
11 يوم في مقر الضابطة القضائية تمت
إحالتهم يوم 28 فبراير2008 على قاضي
التحقيق في محكمة الإستيناف بسلا .
و بعد مضي 3 أشهر عن اعتقالهم شرع قاضي
التحقيق في استدعائهم للمثول أمامه من أجل
الاستنطاق التفصيلي وفي هذه المرحلة
انكشفت نية المسؤولين في حبك إدانة
المعتقلين الستة وقد تجلى ذلك فيما يلي :
- رفض قاضي التحقيق طلب هيأة الدفاع
القاضي بنسخ محاضر الضابطة القضائية حتى
يتمكنوا من التخابر مع موكليهم.
- رفض طلب هيأة الدفاع المتعلق بمتابعة
المتهمين في حالة سراح خاصة و أنهم
يتوفرون على كل الشروط و الضمانات التي
تخول لهم ذلك. فضلا عن رفض الغرفة
الجنحية بالمحكمة المذكورة أعلاه ضم ملف
التحقيق بموجب القانون قبل رفض الطلب
المتعلق بالسراح.
- رفض طلب هيأة الدفاع المتعلق باستدعاء
كل من وزير الداخلية ووزير الاتصال كشهود
للإدلاء بحجج المعلومات التي تطاولوا و
نسبوها للمعتقلين الستة و هي من أسرار
البحث القضائي.
- رفض طلب هيأة الدفاع استدعاء رئيس
المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي سبق
وأن صرح بمعلومات تهم أحد الشخصيات
المعتقلة في برنامج حوار على القناة
الأولى المغربية.
و نظرا لهذه الخروق القانونية الفاضحة و
التي تمس بمعايير المحاكمة العادلة و جد
المعتقلون السياسيون الستة أنفسهم مضطرون
للتعبير عن استنكارهم لمسلسل خرق القانون
والاعتداء على حقوقهم و الاستمرار في
حرمانهم من حريتهم، بخوض إضراب إنذاري عن
الطعام مرتين ، الأول لمدة 24 ساعة يوم
17/07/2008 و الثاني لمدة 48 ساعة يومي
24و25/ 2008 وقد تعاملت السلطات القضائية
بتجاهل ولامبالاة مع مطالبهم المشروعة.
و للإشارة فقد أصدر المعتقلون بيانات من
وراء القضبان عبروا فيها عن تمسكهم بحقهم
في الاستنطاق التفصيلي، وأكدوا استعدادهم
بل رغبتهم في الإجابة عن كل التساؤلات
وإعطاء كل التوضيحات حتى تنجلي الصورة
الحقيقية لهذه القضية المفتعلة ضدهم للرأي
العام الوطني و الدولي شريطة أن تمكن هيأة
الدفاع من نسخة كاملة من محاضر الضابطة
القضائية ،كما عبروا بأنهم الأكثر إصرارا
على إعلان كل الحقيقة للقضاء و الرأي
العام .
أمام الانتهاكات المسطرية الصارخة و
الإجهاز الخطير على الحقوق والحريات
والمكتسبات التي قدم من أجلها الشعب
المغربي الغالي و النفيس ومازال . نناشد
كافة المنظمات الحقوقية المهتمة وكل
الأحرار والشرفاء في الوطن و في العالم أن
يبذلوا ما في وسعهم من أجل مساندتنا
والتضامن معنا بكافة الوسائل الكفيلة
بالتصدي لأي شكل من أشكال التأثيرعلى مسار
القضاء، مع توفير حق الدفاع و كافة شروط
المحاكمة العادلة في هذه القضية حتى
الإفراج عن هؤلاء المعتقلين السياسيين
الستة.
من إنجاز: سكينة قادة
عن تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين
الستة بالمغرب
منسقة تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين
الستة : سكينة قادةcoordinatrice
: Sakina KADA
الفاكس
:
0021237201736
FAX :
الهاتف : 0021268096924 أو 0021261236260Tél
:
العنوان الإلكتروني :
Email : tanssikia_f6dp@yahoo.fr
الموقع :
www.freedomforsix.ma
site:
|