french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations


الحركة الإسلامية المغربية والأوضاع الحقوقية - حسن بكير  

2008-09-14

 

                                                                             

الحديث عن الأوضاع الحقوقية في أي بلد كان لا ينفصل عن حديث السياسة وعالمها المتناقض الذي يدخله أغلب الناس عن قصد واختيار أو كرها واضطرارا.

وتاريخ المغرب المعاصر – كما هو شأن كثير من البلاد التي عرفت ممارسات سياسية متقلبة - له ما يميزه؛ ولعل ما يلاحظه المتتبع لهذا التاريخ تلك الهوة الشاسعة بين النظر والتطبيق، بين ما هو مرفوع من شعارات وما هو ممارس ومفروض على أرض الواقع.

وفي محاولة تلفيقية متعسفة للتغطية على واقع القمع والاضطهاد ومجاراة شعارات الديموقراطية، اخترعت السلطة مصطلح "التحول الديموقراطي" وروجت له وسائل إعلامها وسايرها في ذلك تنظيمات وأحزاب سياسية سواء منها ما هو إداري ومن صناعة هذه السلطة ومنها ما هو معدود في صفوف المعارضة ومحسوب عليها.

ولأن هذا التحول لا يصل فعلا إلى نتيجة فقد اضطر المروجون له إلى ابتداع مصطلح جديد دعوه "الخصوصية": خصوصية الديموقراطية المغربية، لكي يبرح هذا التحول الموعود مكانه، ولكي يرتكب في ظل هذه الخصوصية أبشع انتهاك لحرية الإنسان وآدميته، حتى صار العنف وإرهاب المواطن سياسة منهجية لهذه الأجهزة.

ولا شك أن لجوء الدولة إلى محاولة تفتيت التنظيمات والهيئات المستقلة وشرذمتها وشراء ذمم أفرادها وسياسة العنف الممنهج الذي مارسته أجهزتها الأمنية مدعومة بوسائل إعلامها غير المستقلة قد أثارت ردود فعل أكثرها عفوي في محاولة للحد من إرهاب الأجهزة وتحكمها في كليات الحياة السياسية المغربية وجزئياتها.

وللذين ما زالوا يتساءلون عن أسباب عزوف المواطن عن السياسة وإعراضه عن الأحزاب أقول: إن حياة سياسية لا يمكن أن توجد دون توفر أمرين مهمين:

أولهما بيئة سياسية صالحة، وهذا ما لم يتوفر في المغرب، بفعل تلويث الأجهزة للبيئة السياسية.

ثانيهما: إرادة سياسية حقيقية لإشراك كل المواطنين في اتخاذ القرار وتدبير الشأن العام. وهذا أيضا لا يبدو متوفرا حتى الآن لا لدى السلطة صاحبة القرار ولا لدى الأحزاب على اختلاف اتجاهاتها.

اضطررت إلى المقدمة، لكي أتحدث عن أحد ضحايا هذه السياسة وهو الحركة الإسلامية المغربية وشبيبتها، التي عانى أعضاؤها  منذ أكثر من ثلث قرن كل صنوف القمع والاضطهاد اعتقالا ونفيا وملاحقة وتضييقا.

والرجوع إلى التاريخ أمر مهم لفهم خلفيات الأحداث وتداعياتها، فنشأة الحركة الإسلامية لم تكن صناعة دولة، كما لم يكن من أهداف هذه النشأة خدمة مصالح حزبية ضيقة أو تسخيرها لمشاريع أجهزة الدولة السياسية والرسمية.

المحنة الأولى: (1975)

بعد أكثر من خمس سنوات على نشأة الحركة الإسلامية لم تفلح الدولة في ترويضها أو تسخيرها لغير أهدافها، فكان القرار الرسمي سنة 1975 بالتخلص من الجيل المؤسس وفي مقدمتهم فضيلة الشيخ عبد الكريم مطيع الحمداوي - صاحب السابقة في الحركة الوطنية وما بعد الاستقلال - وبضرب الحركة وتشتيتها بين السجون والمنافي، واستنبات جماعات وأحزاب تأتمر بأوامر الداخلية وأجهزة الاستخبارات.

إن حادثة اغتيال الفقيد بنجلون التي استخدمت لضرب الحركة انكشفت حقيقتها واعترفت الدولة عمليا ورسميا بوقوف الأجهزة الأمنية وراءها، فتأكد ما أعلنته الحركة بداية عن براءتها مما نسب إليها زورا وبهتانا.

وإذا كانت بعض أسرار هذه المرحلة قد كشفت رسميا للعلن لاسيما تقارير هيئة الإنصاف والمصالحة، وتأكدت براءة الحركة الإسلامية، فإنه من الغريب أن تستمر كثير من  المنابر في ترديد الرواية الرسمية المتهافتة، ليتم تبرير واقع الاضطهاد ويستمر استبعاد العشرات في المهاجر والمنافي.

المحنة الثانية: (1981)

بسبب منشور تافه منسوب إلى الحركة لم يصدر عنها ولم تأمر به، اعتقل عشرات الشباب وزج بهم في السجون، وكان نصيب أغلبهم أحكاما ثقيلة وصلت إلى الإعدام والمؤبد ومددا طويلة بالسجن.

المحنة الثالثة: (1985)

بسبب العلاقة مع الجزائر التي لجأ إليها بعض من تعرضوا للاضطهاد والملاحقة، اُتهم مجموعة من أعضاء الحركة بتهم ثقيلة أيضا وصلت أكثر أحكامها إلى الإعدام والمؤبد وسنوات طويلة من السجن، ولم تكن تلك الروايات المزعومة بعيدة عن وزير الداخلية إدريس البصري وجهازه.

إن مجرد إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة هو اعتراف صريح من الدولة عن وقوفها وراء ما عرف بسنوات الرصاص ومسؤوليتها التامة عن تداعياتها، لكن هذه الهيئة لم تشتغل بمعايير موحدة كما لم تذهب في عملها إلى منتهاه ومقصده وهو تصفية كل الملفات العالقة والقطيعة مع مرحلة الماضي، مما يدل على أن المقصد منها هو انتزاع شهادة دولية لحسن السلوك دون الوفاء بما ترتبه هذه الشهادة من التزامات.

لقد تعاملت الحركة الإسلامية بكل صدق وجدية مع ما رفع من شعارات للصلح والمصالحة وطي صفحات الماضي، واستجابت لكل المبادرات للتحاور مع الدولة مباشرة، لكن أكثر من ثلاثة عقود من الوعود والمماطلات لم يتحقق فيها الحد الأدنى من المطالب، وهو رفع الأحكام الظالمة وعودة المنفيين المجردين هم وأبناؤهم بل وأحفادهم من أبسط حقوقهم، عشرات الأبناء والأحفاد محرومون من بطاقة هوية أو شهادة جنسية أو جواز سفر، ألا يندرج هذا في سياسة عقاب جماعي تمارسه دولة بكل أجهزتها في حق عشرات المواطنين.؟؟؟

إن سنوات من الاتصال والتحاور مع الدولة ومسؤوليها أكدت لنا  القرار الحقيقي للدولة اتجاهنا؛ فهي لا تريد لنا وجودا سياسيا أو غير سياسي في البلد لاعتبارات كثيرة لاسيما بعد أن فشلت محاولات تجريمنا وتصنيفنا في خانة الخارجين عن القانون؛ لذلك لجأوا إلى التذرع بوجود اليسار ومعارضته لتسوية أوضاعنا، وبعد أن تراجع اليسار أصبحوا يتعللون بوجود بعض الأحزاب الرسمية الموالية للدولة التي نسب إليه رفع تقارير خطيرة تحذر من أي عودة للحركة وقيادتها.

وأخيرا أفهمونا أن رجوع المنفيين يتنافى مع الخطة الرسمية المعتمدة حاليا لتأهيل الساحة السياسية الحزبية.

ويبدو أن هذه الأجهزة لازالت تعمل بالمنهج القديم نفسه في اختلاق الأعداء الوهميين للبلد وتضخيم بعض الأحداث وتوظيفها للزعم بوجود خطر يهدد الأمن، ولهذا نجدها في كل مناسبة تزج بأسماء الأبرياء وترميهم بتهم الانتماء إلى خلايا لا تتوقف عن التكاثر والانتشار.

 إن الحركة الإسلامية التي هي أولى ضحايا الانتهاك الرسمي لحقوق الإنسان، أحق بالمناصرة والتأييد من قبل كل العاملين في المجال الحقوقي، الوطني والدولي.

فبالأمس القريب ودعنا أخا عزيزا هو الأخ حسن مشفي، خرج من بيته مضطرا منذ أكثر من 26 سنة وهو بعد في العشرين من العمر، ليقضي أغلب هذه المدة في المنفى محروما من مجرد وثيقة تعريف أو بطاقة هوية مع أن وعودا كثيرة أعطيت لتسوية وضعه ووضع إخوة آخرين، وبرغم علم السلطة بوضعه الصحي الذي كان يتطلب علاجا ضروريا، فقد ظل محروما من الوثائق التي تمكنه من التنقل لتلقي العلاج.

كما أن إخوة بأسرهم وأبنائهم ما زالوا يعانون من حرمانهم من وثائقهم، ولم تكتف الدولة بهذا الحرمان، بل تجاوزته أجهزتها إلى محاولة التضييق على المهاجرين والمنفيين في أماكن وجودهم، والتدخل لمنعهم من الاتصال بوسائل الإعلام المختلفة لتوضيح آرائهم ومواقفهم؛ مما يدل على انعدام العزم على طي صفحة الماضي الذي لا يشرف تاريخ المغرب المعاصر.

د. حسن بكير     الأمين العام للحركة الإسلامية المغربية

 

 

   

 

 

الصفحة الرئيسة

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها