french

English

 

دليل المواقع

برامج وأنشطة

أخبار

الأرشيف

طلب مساعدة

عن اللجنة

الصفحة الرئيسية

Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913

e. mail achr@noos.fr

International NGO in special Consultative Status with the Economic and Social Council of the United Nations


رسالة من رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان إلى السيد رئيس مجلس الأمة الكويتي المحترم

2008-09-11

 

                                                                             

باريس في 13-08-2008

 

السيد النائب محمد هايف المطيري المحترم،

تحية حقوقية  عربية  وبعد،

كرئيسة للجنة العربية لحقوق الإنسان، وكدكتورة في علم النفس الاجتماعي وحائزة على دبلوم الدراسات المعمقة في علم النفس السريري والباتولوجي، إسمحا لي السادة الكرام أن أتوجه لكما بهذه الرسالة-النداء، للفت نظركما لقضية نعتبرها في لجنتنا في صميم اهتماماتنا الحقوقية.

أردت الإشارة لقضية المتحولين جنسياً في دولة الكويت والذين صدر بخصوصهم قانون يجرم التشبه بالجنس الآخر. الأمر الذي أدى للزج بهم في السجون كمجرمين، حيث حلقت شعورهم وعوملوا معاملة حاطة بالكرامة واستعملت ضدهم الألفاظ النابية والمهينة. كما وحوكم بعضهم على اساس هذا القانون الذي يقضي بسنة سجن وغرامة مالية تصل للألف دولار.

تداعيات هذا القانون لم تتوقف عند هذا الحد، بل تعدته للأسف لمنع فئة كبيرة ممن أصابهم إضطراب الهوية الجنسية من اكمال تعليمهم الثانوي او الجامعي، وبالتالي أدت لاضاعة مستقبلهم. كان ذلك بسبب عدم تحمل أهلهم لضغط المجتمع وتقييم الناس لهم، حيث طردوا من منزلهم. وأيضاً بسبب الخوف الذي لاحقهم من ممارسات رجال الأمن بحقهم على خلفية هذا القانون. بحيث ضاعت طاقات مبدعة كان لها أن تتحول لخدمة أصحابها ومجتمعها. كما وأن تكون فاعلة في تقدم بلدها، كونهم من الناحية العقلية، مثلهم مثل سائر البشر وليس ما يميزهم عن غيرهم.

في الوقت عينه، هذه المعاملة الحاطة بالكرامة واللاإنسانية والمهينة، وخاصة لمن اودعوا السجون، لم يكن لها أن تغير من أحاسيسهم وما بأنفسهم. بل أدت لتدهور حالتهم النفسية والتسبب بأضرار منها ما هو جسيم. باتوا ينظرون لأنفسهم بشكل سلبي من خلال نظرة وتعامل المجتمع معهم. ذلك إلى جانب تأثيرات السجن السلبية على الإنسان السوي، لاسيما ذلك الذي لم يسبب أي أذى لمجتمعه. وما للأمر من عواقب على مجمل حياته وعلى زيادة هشاشة بنيانه النفسي. في حين أن الأشخاص الذين لا تتفق هوياتهم الجنسية مع المعايير الاجتماعية المرعية، هم أشد ما يكونوا بحاجة للرعاية وللمعاملة الحسنة .

 

السادة الكرام

لا بد أنكما تتفقا معي أن المتحولين جنسياً والمتشبهين من الجنسين لا يمكن أن يجرموا على شئ لا ناقة ولا جمل لهم فيه. فهم لم يقرروا أن يصبحوا على هذا الحال بملء ارادتهم. وإنما هم ضحية ما آل إليه وضعهم وكان لهم أن يدفعوا ثمنه اضطرابات عديدة في حياتهم.

لن اتوقف طويلاً على أن دولة الكويت صدقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تحظر مادته السابعة الدول اللجوء للتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. بل أشير أولاً إلى أن حضارتنا العربية الإسلامية قد تنبهت لهذا الموضوع مبكراً، عندما تناول ابن سينا في كتاب القانون في الطب هذه الظاهرة بشكل علمي. وأشير ثانياً للأبحاث التي أجريت في علم النفس المعاصر والتي أظهرت ان الشعور بالهوية الجنسية من المستحيل تغييره وفقا لارادة فوقية تعسفية. هذا الشعور يتحكم بالإنسان على مستوى عميق غير خاضع للارادة. وقد يؤول نموه أثناء طفولته لأن لا تتفق عند البعض هويتهم الجنسية مع جنسهم، أو مع الطريقة التي يعبرون فيها عن هويتهم، وبشكل يمكن أن يتعارض مع التوقعات الاجتماعية المرتبطة بجنسهم.

لن استعرض مجمل النظريات التي خاضت في هذا الموضوع والتي منها ما تحدث عن تعرض الجنين في رحم أمه لتراكيز أعلى من الطبيعي من الهرمونات الأنثوية أو الذكورية، في حين أن أخرى ركزت أكثر على العامل البيئي والتنشئة البيتية ورغبات الأهل وتجارب الطفولة. سأتناول سريعاً ما ذهبت إليه مدرسة التحليل النفسي والتي مؤداها أن بناء الشخصية، بما فيه تشكل التوجهات الجنسية، يتم خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر. ذلك من خلال علاقة الطفل مع والديه، وخاصة الأم الأكثر قرباً له. علماً أننا نعيش كبشر ثنائية في شخصيتنا، حيث للذكور جانبهم الأنثوي وللإناث جانبهم الذكري.

وانطلاقاً من الاستعداد الفطري المتماثل تقريباً للاتجاهين عند الولادة، يمكن القول أن اكتساب الذكورة أصعب من اكتساب الأنوثة. وأن العوامل البيئية التي يلقاها الفرد خلال نموه تتدخل في تنمية كل من هذين المنحيين بحيث يغلب أحدهما على الآخر، بما قد يتفق أو يختلف مع جنس الطفل البيولوجي. فيصبح غالباً ذو توجه جنسي غيري، ولكن عند شريحة معينة تكون المثلية هي الغالبة.

لذلك، وبناء على كل العناصر الطبية والنفسية والاجتماعية التي توفرت في هذا الصدد، حذفت منظمة الصحة العالمية المثلية من لوائح الأمراض النفسية. والبلدان المتطورة باتت تنظر للمثلية ليس أكثر من اختلاف عن المتوسط والمعدل العام. وبالتالي، هي ليس فقط تتقبلهم، وإنما تعمل على مساعدتهم وتسعى للتكيف مع اختلافهم بإيجابية بناءة. لقد اتخذ العديد منها اجراءات وتشريعات تصب في مصلحة هذه الشريحة الاجتماعية. فتعاملهم بما يحفظ كرامتهم ويضمن حقوقهم ويحترم انسانيتهم وحقهم في الاختلاف ليغدوا أعضاء مفيدين وفاعلين في مجتمعاتهم.

استناداً لكل ما سبق، ولاعتبارنا أن دولة الكويت مضت شوطاً على طريق الديمقراطية وبناء دولة القانون والحريات الأساسية، نعتقد أنه من المفيد تعديل المواقف السائدة في بلدكم من هذا الموضوع. وذلك بسن تشريعات تعدل من الجنوحات الحالية للقوانين الناظمة في هذا الصدد وبخاصة قانون للصحة النفسية. وبالعمل على ايجاد مؤسسة مختصة بهذه الشريحة الاجتماعية وحاضنة مؤهلة لتأهيل وإعادة إدماج من ظلموا زوراً وبهتاناً. ظلموا بفعل القوانين المجحفة، والنظرة الدونية للمجتمع لهم، ومعاملة ذويهم بالاقصاء والتخلي عن مسئوليتهم التربوية في حين أن لبعضهم دور في ما آل إليه وضع أبنائهم. بذلك ستربحون مواطنيكم بدلاً من خسارة طاقاتهم واهدار حقوقهم بتحميلهم مسئولية ما ليسوا مسئولين عنه. كما وستقدمون المثل لبلدان الجوار فيما يمكن أن تذهب اليه دولتكم من حسن ادارة للشأن العام ومن جودة رعاية للجماعات المستضعفة.

أملاً بأن تلقى هذه المناشدة آذاناً صاغية،

تفضلا السيدين الكريمين بقبول عبارات الاحترام

 

د. فيوليت داغر

رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان

 

 

 

الصفحة الرئيسة

 

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي اللجنة العربية لحقوق الإنسان , إنما تعبر عن رأي أصحابها