صديقي /
هيثم مناع قرأت مقالك التجديد من أجل
الحرية والذي طرحت فيه قضية المعتقلين في
الوطن العربي واقترحت عدة طرق للتضامن مع
المعتقلين حتي تبقي قضيتهم حية لا ننساها
مطروحة دائما واقترحت عدة طرق للتضامن مثل
تضامن المشرقي مع المغربي والعربي مع
الكردي والعلماني مع الإسلامي . و ذكرت
عديد من الأفكار الجميلة في هذا الشأن .
وفي هذا السياق أود أن أحكي لك قصة أحد
المعتقلين في جنوب مصر محافظة أسوان في
أوائل هذا العام جاءتني إلي مركز هشام
مبارك للقانون سيدة عجوز تجاوز السبعين
عاما من عمرها وحكت لي قصتها مع الاعتقال
والمعتقلات .
هذه السيدة لها ابن سافر إلي لبنان بحثا
عن لقمة العيش كحال معظم شباب مصر الذين
ضاقت عليهم مصر فصاروا طعاما لأسماك القرش
في قوارب الهجرة ، وقد أقام هذا الشاب
الذي أصبح عند اعتقاله شيخا مدة عشرون
عاما بلبنان وتزوج بها وأنجب 4 أولاد
بمراحل التعليم المختلفة ونظرا للظروف
المعيشية هناك لم يتمكن من النزول طوال
العشرون عاما الماضية .
و في عام 2000 أتيحت له الفرصة للنزول
فحضر إلي مصر هو و أولاده . لكن دائما
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فلأننا
أسرة فقيرة بسيطة ونعيش حياة الفقراء
ونقيم في احدي مراكز الصعيد في محافظة
أسوان فلم نجد وقتها أن نوفر لهم الحياة
الكريمة من مسكن ومعيشة حتي أنه لم يجد
فرصة العمل التي تجعله ينفق علي أولاده
فبعد عام كامل من إقامتهم معنا دخل خلالها
أولاده المدارس لكن عدم وجود فرصة عمل
التي توفر لهم الحياة المعيشية هو وأولاده
. قرر ثانية العودة إلي لبنان وسافر هو
وأولاده وكله حسرة علي فراق الأهل والوطن
.
(( صديقي هيثم أنني أنقل إليك نص الشكوى
المرفوعة من هذه السيدة إلي السيد
وزير داخلية مصر )) .
وبعد مرور عام ونصف عاد إلي مصر في إجازة
قصيرة لمدة شهر ليطمئن علينا من ناحية
ويبحث عن فرصة عمل من جديد تاركا أولاده
وزوجته في لبنان . وأثناء وجوده معنا
فوجئنا أن مباحث أمن الدولة تطلبه ولأنه
بالنسبة له أمر متوقع لأنه عائد من الخارج
حيث أنه راجعهم المرة الأولي هو وزوجته
ولثقته بأنه لا تشوبه شائبة ذهب إليهم
بنفسه بعدما حضروا ولم يجدوه . ذهب إليهم
ليستفسر عن الأمر ولكن بعدها لم نراه
ثانية في أي جهة تسأل عليه فيها وبعد مرور
أكثر من شهرين أرسل إلينا أنه مودع في سجن
برج العرب ـ الغربنيات ـ الإسكندرية وكان
هذا في يوم 9 يناير 2004 .
ومنذ هذا التاريخ ابني معتقل ومودع بسجن
الغر بنيات بالإسكندرية وكلما قدمنا تظلم
يفرج عنه حتي أن المحكمة برأته في أكثر من
خمس جلسات لأنه لا اتهام عليه ولكن الذي
يتم أنه يتم احتجازه في قسم كوم الدكة
بالإسكندرية لمدة أسبوع بعدها يعاد إلي
سجنه ثانية . فالأولاد يا معالي الوزير
موجودين في لبنان مع أمهم بدون عائل وبدون
مصدر رزق يعيشون منه وأنهم في مراحل
التعليم أي أنهم محتاجين لمن يعولهم هذا
من ناحية ومن ناحية أخري فأنا سيدة مسنة
تعدي عمري 70 عاما حتي أنني أصبت في نظري
من كثرة بكائي عليه أنني محتاجة لإجراء
عملية بالنظر وأخشى أن أفقد نظري قبل أن
أطمئن علي ابني وأراه حرا أمامي .
ويعلم الله لولا ثقتي في عدالتكم و أن
معاليكم ينظر إلينا بعين الرضا والعطف
خوفا من تشرد أسرتين وأطفال لا ذنب لهم من
الضياع والتشرد ما كتبت إليكم مأساتي هذه
. فهل أطمع أن أري ابني أمامي حتي يتمكن
أولاده من النزول ويجمع شمل أسرتين أضناها
المرض وعلي حافة التشرد والضياع .
وفقكم الله وإياكم لما
فيه الخير والصلاح لمصر والمصرين
وحماكم الله وجعلكم عونا
ونصرة للمظلومين
والسلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
مقدمه لسيادتكم
والدة المعتقل / محمد عبد الرحيم إبراهيم
الفخراني
المودع بسجن الغر بنيات ـ برج العرب ـ
الإسكندرية
محافظة أسوان ـ مركز ادفو
صديقي العزيز تلك كانت رسالة أم معتقل
إلي السيد اللواء / وزير الداخلية مصدر
قرار اعتقال ابنها يبدو أن شكوى الفلاح
الفصيح هي فريضة علي هذا الشعب . وأود أن
أوضح لك أن تهمة هذا المعتقل هي الانتماء
إلي حزب الله اللبناني ذلك أن زوجته شيعية
لبنانية ولديها أخوة أشقاء أعضاء في حزب
الله و كان يقوم بالاتصال بهم للاطمئنان
علي زوجته و أولاده . فصدر قرار باعتقاله
بتهمة الانتماء إلي حزب الله . ولك أن
تتخيل معاناة هذه السيدة مع هذه التجربة
المريرة فقد حكت لي معاناتها أثناء
زيارتها له فالسجن المودع به بمدينة
الإسكندرية أي عليها أن تقطع مسافة تجاوز
الألف كيلو متر بالقطار لزيارة ابنها
وتصريح الزيارة يستخرج من مدينة القاهرة ـ
نيابة أمن الدولة لمدة أسبوع من تاريخ
إصداره.فكانت تنام في المساجد حتي تستطيع
زيارته وأخيرا أفرج عنه في منتصف هذا
العام أي أنه قضي أربع سنوات رهن الاعتقال
.
وأودأن اقترح عليك فكرة تضاف إلي أفكارك
النيرة هي تشكيل رابطة لأمهات المعتقلين
وأسرهم علي مستوي الوطن العربي . وأعتقد
أن أكثر الأشخاص إحساسا بفداحة هذا الظلم
هو أهل المعتقل نفسه خاصة أمه وكانت لنا
تجربة جميلة مع أهالي المعتقلين في العام
2005 عام التظاهرات السلمية بمدينة
القاهرة . فقد قررن الاعتصام بنقابة
المحامين هن وأسرهن حتي يتم الإفراج عن
أبناءهن وكن يبتن بالنقابة العامة
للمحامين بالقاهرة مساءا وصباحا يخرجن
للتظاهر أمام مصلحة السجون و وزارة
الداخلية مطالبات بالإفراج عن أبناءهن
واستمر الاعتصام فترة إلي أن تم قمعه
كسائر الاعتصامات .
صديقي إن أنين أمهات المعتقلين مكتوم
دعونا نطلقه حتي يصبح صرخة للحرية
أسوان
|