Arab Commission for Human Rights
5, rue Gambetta
92240-Malakoff- France
Tel 0033140921588 Fax 0033146541913
e. mail achr@noos.fr
International NGO in special Consultative Status with
the Economic and Social Council of the United Nations
أيهما أعظم جرما تارك الصلاة
أم تارك
العدل؟ عبد الله الحامد
2008-07-29
ومن خلال دراسة كتب العقيدة وأصول الفقه؛
نجزم بأن الخلل لم يكن
عند كتاب الأخلاق والأدب والوعظ، ولا عند
الفقهاء فحسب، ولا عند المؤرخين فحسب، بل
كان أيضا عند كتاب أصول الفقه، بدءا من
الشافعي، وعند كتاب العقيدة أيضا بدءا من
عبد الله بن أحمد بن حنبل.
واعتبر
الإسلام ترتيب كبائر الطاعات، مبنيا على
وظيفتها، فالطاعة الكبرى هي الأكثر دورا
في
صلاح الحياة الدنيوية والأخروية، والمعصية
الكبرى هي الأكثر دورا في إفساد الحياة
الدنيوية والأخروية، وعظم الطاعة أو
المعصية مبني على عظم مفاسدها
الاجتماعية،(كما
أشار الشاطبي في الموافقات:2/207) ولما
كان أصل الدين التوحيد، تبين أن الشرك
بالله
هو أعظم المعاصي، كما قال تعالى'إن الله
لا يغفر أن يشرك به، ويغفر مادون ذلك لمن
يشاء'.
وقد جرى التيار الفقهي الشائع، على أن
الصلاة هي أهم الطاعات بعد
التوحيد، وأن الإخلال بها أعظم الكبائر
بعد الشرك، لأن الصلاة عمود الإيمان
الروحي،
ويمكن اعتبار القول بأنها أعظم الأركان
بعد التوحيد صحيحا، ولكنه غير مطلق، خاص
بشق
الشريعة الروحي ، فشيوع الظلم أخطر من
شيوع ترك الصلاة، للأسباب
التالية:
الأول:أن ربط الأشياء بنتائجها، يدل على
أن الظلم أعظم أثراً في حياة
الأمة من ترك الصلاة..
الثاني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين
أن بين العدل،
و الصلاة من الصلات، ما يجعل الإخلال
بأحدهما مفضيا إلى الإخلال بالآخر، كما
جاء في
الحديث 'أول ما تفقدون من دينكم الحكم،
وآخر ما تفقدون منه الصلاة'.
الثالث:
من المعروف أن العبادات الروحية والغيبية
التي تنحصر علاقتها بين الله والإنسان؛
إنما مبناها على المسامحة والغفران. فصلاة
المستبد الظالم وصومه وحجه لنفسه، فإن
أهملها فذنبه على جنبه، أما ظلمه وبغيه
واستبداده، فوزره على الأمة، وأثره فيها
كأثر الوباء في الأصحاء، لأن العدل
والشورى من العبادات التي مدار علاقتها
بين
الناس.
الرابع: إذا ربطنا الأمور بتائجها،فالظلم
والاستبداد إذن أعظم الإخلالات
بالدين، وهو الكفر البواح، كما نص عديد من
الفقهاء كالنووي. وليس الأهم في الإدارة
السياسية أن يتهجد الطاغية ويقرا القرآن،
كما ذكروا عن بعض الخلفاء الطغاة، أجل
العدالة مطلوبة في كل رئيس وأمير، لكن
الأهم الإدارة أن يعدل، لأن'عدل ساعة خير
من
عبادة سنة'.
ونص فقهاء المقاصد كالشاطبي على أن الطاعة
أو المعصية؛ إنما تسمى
كبيرة بناء على آثارها، وأيضا فإن الكبائر
درجات أعظمها أكثرها أثرا.
الخامس: أن
الرسول صلى الله عليه وسلم من على الرغم
من تشديد الإنكار على المنافقين في
الصلاة،
لم يحرق بيتا ولم يجلد أحدا ولكنه عاقب
من أخل بشروط العدل، ولذلك فإن الفواحش
المدنية مبناها على التشدد، كالظلم والقتل
والسرقة والزنا، ومن أجل ذلك شرع الله
لها عقوبات دنيوية، لأنها تخل بـ(نظام
المعائش والممالك)، أما الفواحش الروحية
كترك
الصلاة والصوم، فلم يعاقب النبي صلى الله
عليه وسلم من اقترفها.
السادس:أن
الصلاة شعيرة روحية، لايقبلها الله إلا من
من أخلص النية، فلو أجبرنا الإنسان
عليها، فصلى من دون وضوء، أو من دون إيمان
بها لما نفعته، وهذا يدل على أن سبيل
الأمر بها هو الإقناع. أما الظلم فيجب
إجبار الظالم، حفظا لحقوق
الآخرين.
السابع: معالجة الأخطاء الشائعة، فقد عكست
التيارات المحافظة على
الصياغة العباسية للعقيدة والتربية
والثقافة، في عصر الإمبريالية الغربية،
القضية،وشددت على الصلاة، وتساهلت أمام
الظلم، فتجد الناس يسكتون عن الظالم إذا
بغى
وطغى، مادام يصلي، والأولوية في الشريعة
تقتضى تشديد النكير على كل معروف متروك،
ومنكر مألوف.
الثامن:أنه لا يجوز إجبار غير المسلم على
الصلاة، بينما يجب إجبار
غير المسلم على العدل.
التاسع:مبنى الشعائر الروحية، هو تمتين
العلاقة بين
الإنسان وخالقه، ولذلك ينبغي حفظ السمت
العام، بترك المجاهرة بانتهاكها، كما قال
الرسول صلى الله عليه وسلم'كل أمتي معافى
إلا المجاهرون'، أما الحقوق المدنية فهي
حقوق للناس، فمن أسر بجريمة الاختلاس، ليس
أقل جريمة من السارق في وضح
النهار.
العاشر: سد الذرائع: فلو تساهلنا في عصر
الامبريالية الغربية في شروط
العدل، لفتحنا الباب الموارب للعلمنة
والشيوعية، وصرنا أرقاء في سوق الفرنجة،
وشحاذين في سوق العولمة.
ب-مشكلة العرب المتوارثة كفر الإلحاد
أم كفر
الجور والاستبداد؟
في سياق الأولويات قد تكون القسمة الصحيحة
غير صالحة
للاستدعاء والتركيز، فهناك في علم العمل
مبدأ اسمه ترتيب الأولويات ومعالجة
الأخطاء
الشائعة، ، لأن الفكرة الصحيحة, لايلزم من
صحتها أن تكون صالحة للتركيز في كل مكان
وزمان, فهنالك عناصر في أي خطاب, تبرز
ويركز عليها لغايات علمية مجردة, وهناك
عناصر
ذات أولوية يركز عليها لغايات عملية.
فصطلحات كالكفر والبراء والولاء صحيحة لا
ريب فيها, وهي جزء من نسيج العقيدة, ولكن
إبرازها والتركيز عليها اليوم، ولكن لابد
فيه من مراعاة الأولويات والتوازن، والروح
العملية.
لماذا؟. لأن مشكلتنا في عقر
دارنا ليست مشكلة كفر إلحاد، بل كفر جور
وطغيان واستبداد. ومشكلتنا مع العالم
الغربي مشكلة ظلم واستعمار واستغلال
وهيمنة وعدوان. وليست قضية توحيد
وكفران،لأن
العالم الغربي لأهله والطارئين فيه عالم
عدل وحرية وتعددية وشورية وإحسان، ولذلك
ينتشر فيه الإسلام سراعا. ويتمتع فيه
المسلمون بالحريات المشروعة، التي لا
يكادون
يجدونها في أوطانهم الأصلية،
مشكلتنا من ذوانتا, فطغيان الحكام, ووضعف
وعي
الفقهاء السياسي والحضاري، وقابلية
الجماهير للمظالم، أنتج الطغيان الذي خرب
الأوطان.
أن مشكلة العرب والمسلمين اليوم إذن
ذاتية، إنها الاستبداد والذي تدل
عليه العبارة العتيدة, 'ولي الأمر أدرى
بالمصلحة' إنها الدكتاتورية والحكم
الشمولي
والبوليسي، إنها ميراث الحجاج إنها الحكم
الصحراوي الكسروي.
هذا الحجاج الذي شهد
أحد معاصريه بأن الناس يخرجون على يديه من
دين الله أفواجا، كما دخلوا في عهد
النبوة في الإسلام أفواجا. وبسنة الحجاج
البدوي الكسروي القديم خرج العرب أفواجاً
من الأندلس، وبسنن الحجاج المتبدون
المتفرعن، المتظاهر بالعروبة أو التدين؛
انفتحت
اليوم أبواب المقدس الصهاينة, ودخلنا
أفوجا في نير الإمبريالية الصهيونية
والأمريكية والأوربية
ج-أكبر إخلال بالعقيدة موضوعا ومنهجا
:
مبدأ
الصلاة والجهاد خلف الإمام الجائر:
يتبين من ذلك أن أكبر الأخطاء في ثقافتنا
الاجتماعية هو اختلال المعادلة: العدل
عديل الصلاة، ومن الخطأ أن يركز الفقهاء
الإسلام بالجانب الروحي من العقيدة، على
حساب الجانب المدني وشئون الحياة الأخرى،
فيهمشوا القيم المدنية، من ما لابقاء
لأفراد ولا مجتمع ولادولة من دونه، ومن
الخطأ
أن تجد شيخاً يشغل الناس بأمور ثانوية،
فيكرر الدروس والمواعظ، ويكثر الكلام
والمواقف، في أمور ثانوية كإعفاء اللحي
وقص الأظافر، أو خلافية كالنقاب، وإغلاق
الناس أسواق التجارة وقت الصلاة، ومن
الأخطاء التركيز على زجر الأفراد ، وصفع
الرءوس وجرح النفوس، وشتم وصراخ في أمور
خلافية أو ثانوية.
يتشدد أمام تلك
المفاسد ويتساهل أمام انتهاك السلطان حقوق
العباد،وتصرفه بشئون الأمة كما يتصرف
الأب القاسي بالأولاد، والوصي الفاسد
بالأيتام، ويتهاون أمام الرشوة الظاهرة
الخفية، وهي تلين فولاذ الحديد، وشفاعة
السوء وهي تقرب كل صيد بعيد، وهما تفتكان
بالناس، كما يفتك السكري والسرطان، ومن
الإخلال بالدين أن يفتى فقيه الناس بجواز
دفع الرشوة، -من باب الضرورة إذا كان
الراشي لا يستطيع نيل حقه من المرتشي.
من
الإخلال بالدين أن يسكت الفقيه وهو يرى
كفة ميزان العدالة تطيش وتتهاوى، و يرى
الأقوياء ينهشون الضعاف، ويستأثرون
بالأموال والضياع، و من الإخلال بالدين أن
يغفى
وهو يرى العطالة المقنعة تعطل حوائج
الناس، ويرى فساد الإدارة، يفتك بالناس،
وكأن
العدالة الاجتماعية ليست أصلا من أصول
الدين، ولكنه يثور غيرة وحماسة، ويقدم عير
هياب ولا وجل، حين يرى فاسقا معلنا
الإخلال بالصلاة أو الفطر في رمضان أو
شاربا من
المسكرات، أو الفجور والخنا.
فأي الأمرين أضر على الأمة: ما تصدى
له-وهو على كل
حال منكر كبير-أم ما غفل عنه من شيوع
الظلم والاستبداد والطغيان وهي منكرات
كبرى.
ومن خلال دراسة كتب العقيدة وأصول الفقه؛
نجزم بأن الخلل لم يكن عند كتاب
الأخلاق والأدب والوعظ، ولا عند الفقهاء
فحسب، ولا عند المؤرخين فحسب، بل كان أيضا
عند كتاب أصول الفقه، بدءا من الشافعي،
وعند كتاب العقيدة أيضا بدءا من عبد الله
بن
أحمد بن حنبل.
لو أن فقهاء العصر العباسي؛ بذلوا في جانب
العقيدة المدني القطعي؛
عشر مابذلوا في جانبها الروحي في صراع
المذهبي على أمور ظنية،كمسألة خلق
القرآن،أو
فناء النار، أو ما بذلوا في نوافل
العبادة، لأنشأوا فكرا أنفع وأقوم،
ولرسخوا
مفاهيم العدالة والتعددية والشورى وسلطة
الأمة، وقيم الحرية
- من قيادة اللجنة العربية لحقوق الإنسان
معتقل في سجن بريدة كذلك وكيله الشرعي
الدكتور متروك الفالح من قيادة اللجنة
العربية لحقوق الإنسان معتقل في سجن
الحاير نجدد النداء لكل الأحرار للتضامن
معهما ومع كل سجناء الرأي في السعودية