المنظمات شبه الحكومية وحقوق
الإنسان
وجهة نظر
أثارت قضية المشاركة في مؤسسات
حقوق الإنسان المعينة من قبل السلطة التنفيذية كما الحال في المملكة المغربية
وجمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ودولة قطر نقاشا هاما حول موضوع
مشاركة نشطاء حقوق الإنسان فيها وهل هي عملية تدجين
وتحييد لعدد من المدافعين عن حقوق الإنسان وشق جديد في أوساط المنظمات غير
الحكومية الخ. خاصة وأن عضوا من الجمعية الوطنية في السعودية هاجم علنا دفاع
اللجنة العربية لحقوق الإنسان عن معتقلي الرأي في المملكة في حين قام آخرون
بالاتصال باللجنة وشكرها على ما تفعله من أجل المعتقلين. كذلك وقف نائب رئيس المجلس القومي في مصر في مراكش
يهاجم الزميل هيثم مناع لتعرضه لمعتقلي قضية منتجع هلتون
في سيناء وتهجم مسؤولين في الهيئة المغربية كل من منظمة
العفو الدولية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
إننا في اللجنة العربية نود توضيح
التخوم بين المنظمة غير الحكومية التي تنتخب قيادتها وتحدد سياساتها باستقلال كامل
عن السلطة وتلك التي تسمى من هذه السلطة وتتحدد بسقفها. هذه الأخيرة معروفة بالغرب
باسم "هيئة شبه حكومية" تشكل الجسر بين غير الحكومي والحكومي، فما هو
الدور المناط بها في بلداننا؟ وهل سيكون لها تأثير إيجابي على الفضاء غير الحكومي
والحريات الأساسية وحقوق الإنسان؟ فيما يلي وجهة نظر مدير الشبكة العربية لمعلومات
حقوق الإنسان، والحوار في أوله
رسالة مفتوحة إلى نقيب الصحفيين
آن الأوان لتترك مجلسهم الزائف
الأستاذ الفاضل / جلال
عارف نقيب الصحفيين المصريين تحية طيبة وبعد .. يكتب
إليكم ، جمال عبد العزيز عيد ، المحامي والمدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات
حقوق الإنسان .
فوجئنا منذ عام تقريبا ، بقبولكم لعضوية ما يسمى بالمجلس
القومي لحقوق الإنسان ، وهو منصب قد يسعى إليه بعض الطامحون للتقرب من الحكومة
المصرية ، رغم ما يسمها من ممارسات اقل ما توصف به أنها بوليسية وتعمل بالنقيض
تماما مع ما تنتهجه حكومة تحترم قيم حقوق الإنسان .
إلا أن اسمك وسمعتك التي نحترمها كل الاحترام تجعلنا نضيفك ضمن قائمة الساعين
لتحسين حالة حقوق الإنسان في مصر بشكل جدي .
وكانت ثقتنا الكبيرة بكم سببا في النظر لتك الخطوة من جانب الحكومة المصرية بشيء من التفاؤل المشوب بالحذر ، نظرا لما عرفناه عنك من حرص على
أن يظل اسمك نظيفا وقلمك مدافعا دائما عن قيم ترسخ لحرية الرأي والتعبير وقيم
الديمقراطية والتسامح مع الأخر . وأن قبولكم لعضوية هذا المجلس قد يسهم بعض الشيء
في تحسين حالة حقوق الإنسان في مصر ، بعد عقود من تربع الحكومة المصرية في مركز
متقدم بقائمة الدول ذات السجل السيئ في مجال حقوق الإنسان .
ولكن الآن وبعد مرور ما يقرب من العام على نشأة المجلس
المذكور ، فقد وضح تماما ، أن الحكومة المصرية كانت الرابحة وأنكم وقلة ممن قبلوا
عضوية المجلس المذكور قد أوشكوا على الخسارة ، نظرا لأن استمراركم ضمن عضوية هذا
الغطاء الرسمي سوف يضفي مصداقية عليه ، ويسهم في تضليل المواطن المصري وإيهامه أن
الحكومة المصرية تسعي فعليا لوقف أو الحد من انتهاكات حقوق الإنسان المنتشرة
كالوباء في كل ربوع مصر .
إنه سؤال بسيط يسأله المواطن البسيط لنفسه بين الحين والأخر :
ما الذي يدفع نقيب الصحفيين الذي اشتهر عنه الدفاع المستميت عن قيم الحرية والحق
في حياة آدمية وكريمة وحصل على منصب نقيب الصحفيين المصريين فقط برغبة وإصرار
زملائه الصحفيين ، لقبول هذا المنصب ؟ وكانت الإجابة وحتى وقت قريب ، لأنه يرى أن
هناك فرصة لتحسين الوضع المتردي وأنه لن يقبل أن يستخدم بسمعته الطيبة لتحسين وجه
الحكومة البالغ السوء .
ولم يتحسن الوضع ، ولم يظل على حاله من السوء ، بل ازداد سوءا و ترديا ، وكأن
الحكومة المصرية قد أبت إلا أن تستفيد من اسمكم وما يحيط به من تقدير واحترام ،
للتمادي أكثر في إهدارها لكرامة المواطن المصري ، سواء الواقع تحت سيطرة جلادي
أقسام الشرطة ، أو جلادي البوليس السياسي القابعين في لاظوغلي .
سيدي النقيب ، عاما يوشك على الاكتمال من عمر هذا المجلس ، والظلمة تزداد كثافة
، فمن تعذيب أسر بكاملها في حلوان ، إلى تحويل مواطن بسيط إلى مطفئة لسجائر رئيس
مباحث شبرا ، إلى التعتيم على انتهاك أجساد الأطفال في المعادي ، وقتل العديد
المواطنين بسيارة ترحيلات الشرطة الغير آدمية ، إلى
استمرار وتزايد حالات الاعتقال بسبب الطوارئ ، إلى العقاب الجماعي ضد مدينة
بأكملها مثل العريش ، إلى حبس الصحفيين والاعتداء عليهم مثل أحمد عز وعبد الحليم
قنديل والتحرشات بالجمعيات الأهلية وإغلاقها كالنديم وجمعية التنمية بأسوان .. هل
نذكرك بالمزيد سيدي النقيب؟
هل هناك بصيص ضوء يسعى هذا المجلس للتحرك من خلاله ؟
لا أعتقد ، فتركيبة المجلس الموالية بأغلبها لحكومة لا
تحترم حقوق الإنسان ، لن تسمح لكم سوى بدور تجميل هذا الوجه . فهل تقبله ؟
سيدي النقيب ، كنت ، وكان غيري من المحامين فخورين بكوننا محامين وأعضاء نقابة ذات
دور عريق في الدفاع عن الحريات ، ولكننا اليوم ، وبعد تردي حالة نقابتنا بسبب
ممالئة نقيبنا لتلك الحكومة أو دفاع مجلسنا عن مصالح جماعات ضيقة ينتمون إليها ،
دون النظر لمصالح المحامين ، أصبحنا ننظر لنقابة الصحفيين ببعض الغيرة ، نقيب جاء
بإرادة الصحفيين و يدافع عن أعضاء نقابته ، ومجلس يعمل بأغلبه للدفاع عن كرامة
الصحفيين وحرية التعبير ،
نستخدم هذا النموذج كقدوة للعمل النقابي ، فلا تسمح لمن يسعون لإجهاض هذا المثال
أن ينجحوا .
أترك هذا المجلس وأعلن أن مجلسا قوميا لحقوق الإنسان ، يجب أن يكون مجلسا حقيقيا
وليس واجهة لحكومة ذات سجل سيئ في انتهاكات حقوق الإنسان .
اتركه سيدي النقيب غير مأسوفا عليه ، أو أعلن شروطا
للبقاء ، فأنت الأكثر ثقلا في هذا المجلس ، وليس مستهجنا أن تفرض شروطا لبقائك إن
أرادوا الحفاظ على اسمك البراق ضمن مجلسهم .
فليرفعوا حالة الطوارئ لتبقى، فليلغوا الميزانية الهائلة
على وسائل وجلادي التعذيب لتبقى، فليمنحوا المواطنين حق اختيار مرشحهم للرئاسة
لتبقى ، فليعيدوا للقضاء استقلاليته لتبقى.
تربح ونربح في الحالتين ، أن تبقى بعد أن يستجيبوا لشروطك المشروعة، نربح وتربح
خطوة للأمام في طريق انتزاع حقوقنا.
تربح ونربح أن تتركهم ، حيث ينكشف الوجه القبيح على حقيقته، ونجهض محاولتهم
استخدام اسمك لتحسين صورة هذا الوجه .
تخسر ونخسر سيدي النقيب ، إن استمروا في الاختباء خلف
اسمك يوما واحدا إضافيا، تحت زعم العمل على تحسين حالة حقوق الإنسان .
أتركهم وانسحب سيدي النقيب من هذا الشرك ، أو افرض شروطك
العادلة، فمطلبنا هذا حق لك علينا، وسماعنا و الاستجابة لمطلب كل من يحترمك ، حق
لنا عليك .
جمال عيد الشبكة العربية
لمعلومات حقوق الإنسان .