المصطفى صوليح* |
عدا الديمقراطية ، كل شيء محتمل في معظم دول المغرب العربي
|
1 ــ
كرونولوجيا مقارنة للتفجيرات الانتحارية في مدينة الدار البيضاء من المملكة
المغربية
تتميز
التفجيرات الانتحارية التي شهدها المغرب في يوم 16 ماي 2003 ، و في يوم 11
مارس 2007، ثم في يومي 09 و 10 أبريل ( الجاري ) 2007 ، و من المحتمل أن
يكون قد حدث تفجير جديد يومه 12 أبريل 2007 حاصدا ما يزيد عن 11 روح بريئة
، و البقية تأتي ، بما يلي :
1 ـ أن هذه
التفجيرات كانت كلها انتحارية ؛
2 ـ أن هذه
التفجيرات حدثت كلها في مدينة الدار البيضاء ؛
3 ـ أنه فيما
جاءت التفجيرات الأولى في زمن قريب من أحداث 11 شتنبر 2002 ، التي أزهقت
بقسوة فائقة أرواحا بريئة من بينها مغاربة و ضربت و / أو هددت بضرب رموز
اقتصادية و عسكرية أمريكية داخلية ، و كانت محكمة التنظيم بحيث شملت بشكل
متزامن 05 مواقع متفرقة و متنوعة من حيث رمزيتها الدينية و السياحية
المتواجدة في مركز العاصمة الاقتصادية للبلاد ، و أوقعت أضرارا بليغة من
حيث عدد الأرواح ( 33 ضحية ) التي أودت بها و من حيث المباني التي
استهدفتها و كذا من حيث الرعب الذي خلفته لدى المواطنين في شتى أنحاء
البلاد ، فإن التفجيرات الانتحارية الموالية قد جاءت بعد أربع سنوات من ذلك
، و بعد قرابة 03 سنوات عن وقوع مأساة قطارات الموت في مدريد 11 مارس 2004
، و تمت داخل أوساط شعبية ( مقهى انترنيت في حي سيدي مومن ، حي الفرح و
الفداء أثناء مطاردة أمنية ) ، و أوقعت 05 قتلى ( 04 انتحاريين و أحد أفراد
الشرطة ) ؛
4 ـ أنه سواء
تعلق الأمر بالتفجيرات الأولى أو الموالية ، كانت الفرق الأمنية المغربية
تصل بسرعة فائقة إلى تطويق الجناة و اعتقالهم أو إطلاق الرصاص عليهم و
متابعة الفارين منهم و مداهمة بيوت أهلهم و أخذهم كرهائن أحيانا ( أكثر من
2000 معتقل في شأن التفجيرات الانتحارية الأولى و عشرات المعتقلين إثر
تفجير 11 مارس 2007)، بل و الإعلان عن أسمائهم و مصادرة متفجراتهم و المواد
الخام ذات الصلة بإنتاج هذه المتفجرات ،، و إطلاق سراح من لم تثبت التهم
الموجهة ضدهم دون اعتذار لهم أو تعويضهم و تنظيم محاكمات يصفها محاموهم
بأنها جائرة و غير عادلة، و إطلاق سراح بعضهم ، بناء على عفو ملكي ، ضمن
لوائح شملت أحيانا متفجرين حقيقيين أو مشاريع متفجرين جدد .
5 ـ أنه في حين
تم تنفيذ التفجيرات الانتحارية الأولى مباشرة بعد انتهاء الاحتفالات
الرسمية التي خصصت لولي العهد ( مولاي الحسن الثالث )، فإن التفجيرات
الأخيرة قد تم تنفيذها بعد الإعلان عن إحداث تنظيم القاعدة في بلاد المغرب
الإسلامي ،
6 ـ أن هذه
التفجيرات الأخيرة قد جاءت في سياق انتشار أخبار عن استعداد المملكة
المغربية لاحتضان مقر القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا ( أفريكوم ) .
2 ــ التنسيق
الأمني البين حكومي المغاربي ضد الإرهاب
هل نحن الآن
أمام مرحلة أولى من تدشين تنظيم القاعدة لإستراتيجيته القتالية الجديدة ؟
هل نحن الآن أمام بداية إعمال القاعدة لإستراتيجيتها المعلنة خلال شهر
شتنبر 2006 و التي يتم اختصارها في " تنظيم القاعدة في بلاد المغرب
الإسلامي" و قد يكون مفادها : قيادة أركان حربية ، قارة أو متحركة ، في
مكان ما من العالم و أدوات تنفيذية على صعيد الإقليم المعروف بالمغرب
العربي و كذا على صعيد كل قطر من أقطار هذا الإقليم بغاية " مطاردة الحلف
المتكون من الصليبيين و حلفائهم في كل مكان " ؟ أكيد أن الأمر هو كذلك ،
فاغلب الخلايا و الجماعات المتطرفة باسم الإسلام قد وحدت تسمياتها السابقة
لتصبح هي " الجماعة ( المغربية أو الجزائرية أو التونسية أو الليبية أو
الموريتانية ) الإسلامية المقاتلة ". و أكيد أيضا أنه ليس مجرد صدفة أن
التفجيرين العنيفين الذين عصفا بموقعين حساسين في الجزائر العاصمة و
أوديا
بحياة عشرات المواطنين ( 33 ) قد وقعا في يوم 11 أبريل الجاري ، أي مباشرة
بعد آخر التفجيرات التي حدثت في مدينة الدار البيضاء المغربية .
لكن ما هي
الإستراتيجية المضادة التي هيأها وزراء داخلية هذه البلدان و مدراء أمنها
الوطني الدائمي التنسيق ؟ و ما هي الاستراتيجيات المحلية ( القطرية ) التي
أعدها وزراء القطاعات الاجتماعية و الاقتصادية و التربوية من أجل اجتثاث
أسباب التطرف ، الكامنة و الظاهرة في بنية هذه المجتمعات ، المؤدية إلى
الإرهاب ؟
3 ــ تعدد
التفسيرات
فيما تشير
المعلومات التي يمكن رصدها عبر تتبع الحملات الأمنية الجارية في المملكة
المغربية ، و خاصة انطلاقا من ماي 2003، إلى أن مختلف الخلايا أو
التنظيمات أو الجماعات الأصولية ، سواء منها ذات الوجود القانوني أو دونه ،
هي مخترقة من الداخل ، الأمر الذي يسهل على الأجهزة الأمنية ذات الصلة توقع
خططها قبل وضعها قيد التنفيذ ،، و
فيما تشير نفس المعلومات إلى أن إدراج أسماء أعضاء من هذه الهياكل ، محكوم
عليهم بالسجن بناء على ملفات إرهابية سابقة، ضمن قوائم العفو الملكي تدخل
في إطار تعزيز هذا الاختراق ،،، فإن هناك من يعتقد أن التفجيرات الأخيرة (
التفجير الانتحاري بنادي الانترنيت ، و التفجيرات الانتحارية الثلاثة في
أحياء شعبية ) هي تفجيرات إرهابية حقيقية كانت لها أهداف محلية محددة ،
لكنها لأنها كانت خاضعة لعملية التحكم فيها عن بعد من قبل أجهزة أمنية
موازية – غير معلن عنها ، تم تنفيذها خارج سياقها لتخدم سياقا آخر هو ، من
جهة ، إعطاء الشرعية ، أمام مختلف القوى الوطنية و الدولية المعادية
للتواجد العسكري الأجنبي في المغرب ، لإتمام إجراءات احتضان المغرب لمقر
القيادة العسكرية الأمريكية بإفريقيا ( أفريكوم ) ، و الضغط ، من جهة
أخرى ، على القوى الديمقراطية من أجل التخلي عن مطالبها المتزايدة في شأن
إصلاحات دستورية جذرية و إصلاحات مؤسساتية و بنيوية عميقة أخرى تضع قاطرة
البلاد بشكل فعلي و واضح فوق سكة الديمقراطية و تحد بشكل ملموس من وطأة
إخطبوط الفساد الجاثم فوق رئة البلاد.
و في حين تصر
الأوساط الحكومية المغربية مدعومة من قبل بعض أفراد النخبة السياسية و
الإعلامية على عدم الربط بين العنف و الفقر و باقي مظاهر تدهور الأوضاع
الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية الذي يصل مداه لدى عديد من الفئات
الشعبية إلى حد المس بكرامتهم الإنسانية ، يلح آخرون على التذكير بأن "
الوطن ليس مجرد موقع قدم " ، و بأن الناس لا يولدون و هم مجبولون على "
الحريك " ، و على مواصلة القيام بمحاولات انتحارية لعبور مضيق البوغاز في
اتجاه أوروبا بحثا عن لقمة عيش ، و على الانبطاح فوق قضبان السكك الحديدية
في انتظار قطار داهم بعد تمادي المسؤولين المعنيين في إهمالهم لواجب الدولة
في ضمان مصدر للعيش الكريم لمئات من ذوي الحاجات الخاصة ، و على التهديد
بحرق الذات أمام مقر البرلمان أو أمام مقر جهاز حكومي آخر ،،، و بعبارة
أخرى ، إن الذين ينتحرون أو يحاولون الانتحار يوميا لأسباب تعود إلى الفقر
يمكنهم في أي لحظة أن يتمنطقوا بأحزمة متفجرة ، و الخطورة ستتضاعف أكثر
كلما قرر هؤلاء ألا يتخلوا عن أحزمتهم أبدا درءا للوقوع في أيدي الشرطة . و
يصبح هذا التذكير ذا قيمة كبرى ، علما بأنه لم تعلن أية جهة تبنيها
لتفجيرات الدار البيضاء ، إذا تم الأخذ بعين الاعتبار تصريح السيد وزير
الداخلية بأنه ( على عكس ما حدث في الجزائر ) لا علاقة بين التفجيرات إياها
و بين الإرهاب الدولي ، و أن ما وقع إنما كان عملا إرهابيا يائسا .
أخيرا ، هل قدر
الإنسان في هذا الجزء من شمال إفريقيا هو أن يكون هناك دائما عائق ، حقيقي
أو مفتعل ، ينتصب بين الحين و الآخر لتبرير الحاجة إلى تأجيل الديمقراطية ،
و ذلك رغم أن هذه الأخيرة هي الفضاء الذي يتيح للجميع فرصة الوجود مع الآخر
ضمن بيئة نظيفة من العنف الذاتي و العنف ضد الغير ، خاصة و أن الإرهاب قد
أصبح بمثابة الدجاجة في شريط سينمائي كل واحد يراها من منظوره و من زاوية
خدمة أغراضه ؟
*
من المغرب ، كاتب ، باحث ، و مؤطر ، في مجال التربية على حقوق الإنسان و
المواطنة – من أطر اللجنة العربية لحقوق الإنسان ، باريس – فرنسا
El Mostafa Soulaih
C.A. DROITS HUMAINS -5 Rue
Gambetta - 92240 Malakoff - France
Phone: (33-1) 4092-1588 * Fax:
(33-1) 4654-1913 *
Email:
achr@noos.fr
http://www.achr.nu
عودة إلى الرئيسة |