ميثاق السلم والمصالحة الوطنية زكاه الشعب الجزائري بأغلبية مطلقة في
استفتاء 29سبتمبر 2005، حيث استجاب الجميع بعدما ملوا لون الدم وروائح
الجثث المتعفنة، الى دعوة الرئيس بوتفليقة الذي هب ينشد السلم والمصالحة من
خلال شعارات براقة... تغنى العرابون بها وهذا ديدنهم، وأغرقوا الناس في
أحلام لا تنتهي، جاعلين من الميثاق الجنة المرتقبة لكل الجزائريين بلا
استثناء، أحمد أويحيي، عبدالعزيز بلخادم، بوقرة سلطاني، عبدالله جاب الله
ولويزة حنون... كثيرون هبوا من كل حدب وصوب حتى ممن كانوا يتبجحون
بالاستئصال، ووقعوا على بياض للرئيس من خلال نتائج كشفت أنه لا مكان الا
للحوار والمصالحة... بعد أعراس ركن الجميع للصمت المطبق وراجت الإشاعات عن
مصير الميثاق، الذي لا يعلمه الا الله ثم الرئيس بوتفليقة، وزاد الطين بلة
ما شاع على اثر نقل بوتفليقة لباريس في رحلة مرضية مفاجئة ومثيرة للجدل، في
وقت حرج كان الجميع يرتقب التطبيق الفعلي للميثاق... بعد ستة أشهر ظهرت
القوانين التطبيقية فاستبشر الجميع خيرا، ثم شرعت السلطة في تطبيقه من خلال
مكاتب تم فتحها خصيصا لذلك، الكل انغمس في مراده من خلال ما أعطاه من حق،
حتى انتهت مهلة العمل به، ولا أحد قدم حصيلة ما وعد به إبان الحملة
الانتخابية... عثرات كثيرة جعلت الواقع بعيد كل البعد عن روح الميثاق،
فالتنظيم المعروف بالجماعة السلفية للدعوة والقتال رفضه جملة وتفصيلا، وصار
تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، وشكاوى كثيرة ملأت صفحات الجرائد عن
مواطنين يشكون جور الإدارة والعدالة ومصالح الأمن.
مساجين في مفترق طرق...
من بين بنود هذا الميثاق هو الإفراج عن المساجين سواء حكم عليهم نهائيا أو
مستأنفون لأحكامهم أو لا يزالون قيد الحبس الإحتياطي، أو حتى الذين لا
يزالون في زنزانات مصالح الأمن تحت ما يعرف قضائيا "التوقيف تحت النظر"،
القانون شرع استثناءات ثلاث، وتتمثل في المساجين المتورطين في إغتصاب أو
قنابل في أماكن عمومية أو ارتكب مجازر في حق مدنيين... بناء على ذلك شرعت
السلطات القضائية في ابطال المتابعات والإفراج عن المساجين، وكانت أول دفعة
في مساء السبت 04 مارس 2006، وهبت العوائل من كل فج عميق لإستقبال ذويهم،
الذين من بينهم من قضى أكثر من 15 سنة، نذكر هنا خنافيف-أ الذي قبض عليه في
مواجهة مسلحة عام 1992 بالبليدة، حكم عليه بالمؤبد حيث ترك زوجته حاملا،
ولما أفرج عنه استقبله ابنه بلال البالغ من العمر 14 عاما...
عرفت طريقة معالجة ملفات المساجين سرية مطلقة وغموضا مثيرا للغرابة، حتى
محاموا الدفاع لم يتمكنوا من معرفة مصير ملفات موكليهم، وسجلوا عدة
احتجاجات نذكر منهم المحامية فاطمة بن براهم والمحامية بومرداسي حسيبة...
حيث راسلوا الرئيس الجزائري يشرحون له الواقع المزري الذي فرضته الجهات
الرسمية عليهم وعلى كل الملف...
أهالي المساجين أيضا سدت في وجوههم كل الأبواب، ولم يجدوا من وسيلة سوى
الضغط على المحامين، الذين صاروا بين المطرقة والسندان، وخاصة لما تأخرت
الإجراءات في حق موكليهم، الذين بالرغم من أن الميثاق صريح ويوجب الإفراج
عنهم، إلا أن مصيرهم يكتنفه المجهول، وزاد الطين بلة عدم برمجة قضاياهم في
دورات جنائية متعددة، مما فوت عليهم فرصة العودة لآهاليهم، أو معرفة مصيرهم
على الأقل... الأسبوع الأول من هذه الإجراءات، أي في الفترة الممتدة من 04
مارس الى 10 مارس 2006 شهدت دفعات كبيرة عبر كامل السجون الجزائرية، ولكن
فيما بعد تراجعت الوتيرة كثيرا وتباطأت الأمور أكثر، فتجد الإفراج عن شخص
واحد في أسبوع وتدرج الأمر حتى مضت أشهر ولم يفرج على أي سجين... الجهات
المعنية فسرت ذلك بأن الملفات جد معقدة، تحتاج الى الكثير من الوقت للفصل
فيها، والمحامون يرون عكس ذلك، فالكثير من الملفات أخطر بكثير فصل فيها،
ويوجد من تأخرت معالجة ملفاتهم ومتابعتهم لم تتجاوز الإشادة بالأعمال
الإرهابية او التموين، وهي التهم التي تدخل في اطار الدعم والإسناد الذي لا
استثناءات فيه... لقد عرف مسار تطبيق الميثاق فيما يتعلق بالمساجين عثرات
مختلفة، حيث أن البعض ممن أفرج عنهم أعتقلوا من جديد في القضية نفسها التي
أبطلت المتابعة فبها وأعيدوا الى السجون، واعترف وزير العدل الجزائري الطيب
بلعيز في أفريل 2006 باخطاء ارتكبها القضاة اثناء دراسة الملفات، ومن بين
هؤلاء نجد ع-دحومان المطلوب أمريكيا فيما يخص قضية أحمد رسام وآخرين معه،
أعيدوا الى سجن سركاجي، وكذلك نجد أ-النذير وهو أفغاني جزائري سابق قبض
عليه بسوريا في فيفري 2005، وبعدما قضى حوالي 3 اشهر سجينا سلمته دمشق
للجزائر، أفرج عنه من سجن الحراش وأعيد اعتقاله ويتواجد حاليا في سجن
سركاجي بالعاصمة الجزائرية...
الطريقة التي تمت بها معالجة ملفات المساجين المعنيين لم تخلو من الشبهات،
ففيما يتعلق بمن كانوا في عداد المسلحين، فقد تم الإفراج عن المصابين
بأمراض مزمنة، فنجد على سبيل المثال لا الحصر، كمال وعيسى وأحمد الذين
فقدوا أبصارهم نهائيا بين الحراش والبرواقية، وآخرين أصيبوا بأمراض معدية
وخطيرة أصبحت أعباءهم لا تطاق لإدارات السجون، وهناك من توفي وسبب إحراجا
لوزارة العدل الجزائرية… حتى أنه يوجد من فقد أطرافه مثل لخضر قليل من
ولاية الجلفة، حكم عليه بـ 20 سنة نافذة قضى منها أكثر من 8 سنوات بين
الحراش والشلف والبويرة والجلفة، بترت ذراعه بسبب التعذيب وهو مريض بداء
السكري… السلطات الرسمية أعلنت الافراج عن أكثر من 2500 سجين، لكن حسب
الملفات والمعلومات التي وصلنا اليها أكدت أن أغلب المفرج عنهم متهمين في
قضايا ثانوية كعدم التبليغ أو الإشادة، ويوجد من لا علاقة له البته بمشروع
الرئيس وأقحم لحاجة في نفس يعقوب، والأدهى أنه خلال 2005 أي قبل التطبيق
الفعلي للميثاق شهدت الجزائر عمليات إعتقال واسعة النطاق… فنجد مثلا قضية
سعيد "الليبي" –يطلق عليه ذلك لأنه عاش لسنوات في ليبيا- هو من أبناء برج
منايل (ولاية بومرداس)، بلغ عدد المتهمين فيها قضيته26 فردا، كلهم يشتغلون
في تهريب رمال الشواطئ، ينفذون خططهم في ساعات متأخرة من الليل، مرة بدأت
حملة القبض عليهم على أساس أنهم رأوا "إرهابيا" يسوق جرارا ولم يبلغوا عنه،
وبثت وسائل الإعلام أنه تم تفكيك عصابة "إرهابية" خطيرة، أفرج عنهم بعد
أكثر من سنة ونصف في السجن… ويوجد في سجن الحراش حوالي 60 متهما من شبكة
مهربي الرمال يشتغلون على طول الشريط البحري (برج منايل، كاب جنات، قورصو،
زموري، الرغاية… الخ)، وكذلك قضية بوعبدالله-س والذي كان يسطو على السيارات
وفي القضية 13 متهما، وقضية قاسة –م المتهم بالسطو على موزع سيارات
فولسفاقن بالبليدة، وقضية ملكي-ج دهان سيارت ولا علاقة له بـ"الإرهاب" من
قريب او من بعيد، وقضية الأقارب بن عجال من زموري البحري والمتورطين أيضا
في التهريب، وأيضا قضية بوعرعارية-م والمتهم في تهريب الرمال أيضا وهو من
ولاية البويرة… فهناك قضايا هي في الأصل تتعلق بما يطلق عليه بالحق العام،
ولكنها أدرجت في إطار "الإرهاب" وأفرج عنهم وبقي المعنيون يقبعون في
زنازينهم… التأخر والمراوغة والتلاعب الذي عرفه تطبيق ميثاق السلم
والمصالحة الوطنية، فسره البعض ممن تحدثنا اليهم بفشل المشروع في شقه
المتعلق بالمسلحين وأكبر دليل هو التحاق تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة
والقتال" بتنظيم القاعدة…
الكثير من المساجين شرعوا في شن اضرابات عن الطعام وعبر سجون مختلفة،
كالبرواقية والحراش وتيزي وزو وباتنة والشلف وسركاجي… أدى في حالات تعد على
الأصابع إلى استجابة السلطات لهم وأفرجت عنهم، نذكر في هذا الإطار ح-بوشمة
من العاصمة المحكوم عليه بالمؤبد وكان موقوفا بسجن الحراش، وكذلك بوشناق-ع
من منطقة الأخضرية، سدي-م، نكاع-ك، بوعلام-ص… الخ.
من الأمور التي أرتكبت أثناء تطبيق الميثاق، نجد متهمين في قضية واحدة حيث
يتم الإفراج عنهم ولكن يقع واحد أو اثنين في خانة الإستثناء من دون مبرر،
مما يسبب متاعبا لأسرهم وفيها من جاءوا من أقصى الجنوب أو الغرب ويبيتون في
العراء… كما حدث مع الشيخ بوعلام البالغ من العمر 67 سنة، والأخوين تونين
حيث أفرج عن الأخ الأكبر وبقي الأصغر أكثر من 17 يوما، القضية واحدة ولا
توجد له أي متابعة أخرى، وكذلك الأخوين مخلوفي… الخ.
وأيضا هناك من تمت اعادته من مركز المراقبة وبقي أسابيعا ينتظر حتى أصيب
بصدمة عصبية، ففرحته لم تتم وراودته الشكوك من كل جانب، نذكر مثلا بشير-ذ
وشفيق-ي أعيدا من مكتب تسليم بطاقات الإفراج بسجن الحراش بعدما أعلن العفو
عنهما، للتذكير أنهما مكثا في السجن أكثر من 3 سنوات من دون محاكمة…
أكد لنا مصدر رفيع المستوى رفض أن نفصح عن هويته، بأن المخابرات الجزائرية
قد لعبت دورا فعالا في العملية، حيث تم ايداع ضباط أمن بين المساجين
كمتهمين في قضايا تتعلق بـ"الارهاب"، وهو الأمر الذي دأبت عليه في اختراق
المساجين الإسلاميين كما حدث في سجن لامبيز الشهير الذي سنفرد للقضية ملفا
قريبا، تابع هؤلاء عن قرب وقبل انطلاق العملية بأشهر، وبناء على التقارير
التي يرسلونها للقيادة، وبالتعاون أيضا مع مدراء المؤسسات العقابية، تم
الفصل في القضايا حيث أستثني الكثيرون تحت علل مختلفة، فتجد من تم تحويل
قضيته من قضية "إرهابية" إلى قضية حق عام، ونذكر في هذا السياق السجين
ا-زكرياء المتواجد حاليا بسجن تيزي وزو، بالرغم من أنه قبض عليه في مواجهة
مسلحة وكان بيده السلاح الحربي، ومطلوب من قبل لدى السلطات الأمنية
كإرهابي!! الا أن قضيته تحولت كما ذكرنا إلى حق عام، لأن التقارير المسربة
عدته من العناصر الخطيرة التي قد تلتحق بمعاقل الجماعات المسلحة من جديد،
ونجد أيضا من يتفاجأ بقضية جديدة فيها الاستثناءات الثلاث، كما حدث
لفاروق-ح الذي تم اعلامه بأنه متورط في تفجيرات الأربعاء (البليدة) مع
بداية تطبيق إجراءات الإفراج... توفيق-ل كان متهما بمحاولة اغتيال عمه
النائب في البرلمان الجزائري في أواخر 2005، وصارت القضية وضع قنبلة في
أماكن عمومية في حي من أحياء زموري ببومرداس، وكذلك الشيخ عيسى البالغ من
العمر 70 سنة أبطلت متابعته في قضية وتم جعل قضيته الرئيسية في اطار الحق
العام، ومحكوم عليه فيها بـ 5 سنوات نافذة، بدأ في قضاء العقوبة من 5 مارس
2006، وان كان له في السجن أكثر من 3 سنوات، وهو من المسلحين الذين سلموا
أنفسهم في 2003...
قضية السجين علالو حميدة
السجين علالو حميدة قيل أنه "منسق" تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال
بمنطقة دلس (100 كلم شرق العاصمة)، والذي تداولت الصحف الجزائرية والدولية
أنه سيتم الإفراج عنه مع مؤسس
GIA
عبد الحق العيادة... توبع في 5 قضايا وحكم عليه في البعض منها وصلت عقوبته
الإجمالية أكثر من 50 سنة، قانون المصالحة يبطل متابعته لأنه غير متورط في
الإستثناءات الثلاث، لكنه ظل الى حد اللحظة يقبع في سجن الحراش... شن مؤخرا
اضرابا عن الطعام بعدما تمت برمجته للمحاكمة في الدورة الجنائية الحالية
بالعاصمة الجزائرية، وهذا ما رآه محاموه بأنه يتنافى وقوانين الميثاق الذي
زكاه الشعب بأغلبية ساحقة... كان حميدة من قبل مسجونا في سجن سركاجي، وعلى
اثر إضراب عن الطعام شنه المساجين بسبب المعاملة السيئة والقاسية وغير
الأخلاقية أحيانا، تم تحويله برفقة آخرين الى سجن الحراش، وهذا دأب ادارة
السجون وديدنها بعد كل عمليه احتجاج يقدم عليها المساجين... تم عزله من طرف
ادارة السجن بناء على توصية ادارية صادرة عن مكتب النائب العام للجزائر
العاصمة، هذا الذي أخبرته به الادارة لما وضعته في زنزانة انفرادية، فمنذ
ما يقارب الثلاث سنوات وهو يقبع في الزنزانة الثامنة في جناح المحكوم عليهم
بالإعدام، والزنزانة طولها 14 شبرا وعرضها 9 أشبار وارتفاعها 18 شبرا، حيث
ينام السجين متوسدا المرحاض المتمثل في ثقب بالزاوية، الظروف اللانسانية
فيها لا يمكن حصرها وخاصة في فصل الصيف الذي تبلغ درجة الحرارة فيها حدا لا
يطاق، يضطر السجين أن يبيت واقفا وهو يصب الماء على رأسه، إن كان الماء
موجود أصلا، فأغلب من يعيشون فيها يصابون بأمراض مزمنة، وهي الزنزانات
نفسها التي أودع فيها زعيم جبهة الإنقاذ المحظورة علي بن حاج، حيث مكث في
الزنزانة الرابعة عدة أشهر، حتى أصيب بمرض فاضطر الى شن إضراب عن الطعام،
ليتم تحويله على جناح السرعة الى العيادة، وخصصت له قاعة فسيحة كزنزانة
انفرادية، كما هو معلوم أنه أعتقل بسبب تصريحات أدلى بها لقناة الجزيرة
القطرية واعتقل معه صديقه بورحلاوي-س.أ، وغير المعلوم أنه لا أحد يدرك
الدور الحقيقي الذي لعبه المدعو جربوعة من دمشق في هذا الموقف، كان ذلك في
مطلع أوت 2005... النائب العام قدور براجع الذي أمر بعزل حميدة علالو وهو
الآن يشغل منصب رئيس المحكمة العليا الجزائرية راوغ في حوار له أجرته معه
صحيفة الخبر الجزائرية في عددها الصادر بتاريخ 6 مارس 2007 ورمى المسؤولية
على عاتق غيره... علالو حميدة تعتبره جهات أمنية الذراع الأيمن لحسان حطاب
مؤسس تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال وأميرها الوطني، قد طلق العمل
المسلح وراهنت عليه السلطات كثيرا في إنجاح مشروع الرئيس بوتفليقة... عائلة
علالو ناشدت كل الجهات المختصة لكنها لم تجد آذانا صاغية وبرمجت محاكمته،
ولكن السؤال الذي تطرحه الكثير من الجهات القانونية، كيف تتم محاكمته وقد
أبطل الميثاق متابعته؟
قضايا أخرى في طي المجهول...
السجين ع-جدي أحد أقارب القيادي التاريخي لجبهة الإنقاذ المحظورة علي جدي،
أفغاني جزائري سابق، من أبناء مدينة الشريعة ولاية تبسة (شرق الجزائر)، كان
ضمن الشباب الذين هبوا لنصرة القضية الأفغانية، التحق بأفغانستان عام 1989
برفقة رشيد رمدة (المسجون حاليا بباريس)، وقد كان للوزير وزعيم حركة حمس
الجزائرية الدور الرئيسي في تجنيدهما، على غرار الكثيرين ممن التحقوا
بمغارات تورابورا بفضل دعم الوزير لهم، فمنهم من قتل هناك ومنهم من قتل في
الجزائر وآخرون يقبعون في السجون!!... قضى فترة في كابول وتعده بعض الجهات
الذراع الأيمن لقلب الدين حكمتيار، جرح في انفجار قنبلة عام 1990 وكادت أن
تودي بحياته، بعد نهاية الحرب هاجر كباقي الأفغان العرب الى اليمن، ومن ثمة
شد رحاله الى السعودية، حيث تفرغ الى الدراسة والعمل... عام 2003 عاد الى
الجزائر ولم يتم توقيفه في المطار لأنه غير متابع لدى المصالح الأمنية
الجزائرية، لكنه بعد حوالي 3 أشهر أوقفته المخابرات وهو في زيارة والده
بالمستشفى، وكان شقيقه أيضا محل هذا التوقيف... خضعا للتحقيق لدى جهاز
المخابرات، وتم ايداعهما السجن، فيما يخص جدي-م فقد برأته المحكمة بعد
عامين من السجن الإحتياطي، وبقي الآخر الى حد الساعة سجينا، البداية كانت
بسجن سركاجي ثم تم تحويله الى سجن الحراش، وفي أوت 2005 حول الى سجن الشلف
(الغرب الجزائري) بعد اضراب المساجين عن الطعام بسبب وفاة السجين العداوري
في ظروف غامضة... توبع في قضيتين وشملهما العفو، لكنه لا يزال يقبع في سجن
الشلف ويعاني من مرض الربو، الذي بلغت درجته ما يهدد حياته، وخاصة في هذا
السجن الذي يسميه جزائريون مروا عليه "غوانتانامو الجزائر"... سعت عائلته
كل السعي لأجل أن يفرج عنه ولكن كالعادة سدت في وجوههم كل الأبواب، فلقد تم
الإفراج عمن يحملون الإتهام نفسه، ويوجد من تم ترحيله من دول أجنبية،
الأغرب في ذلك أن أحدهم ممن له السلطة القضائية طلب من أهله رشوة من أجل
الإفراج عنه!!.
قضية أخرى لا تقل شأنا عن قضية جدي-ع، وتتعلق بـ بوذراع-ج أحد ابناء وهران
(الغرب الجزائري)، من قدماء العرب المقاتلين في الشيشان، التحق بجورجيا
قادما لها من ألمانيا في عام 2000، ومن ثمة تم تهريبه الى الشيشان عن طريق
جماعات التهريب التي تشتغل في ذلك... تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة في 2001
ونجا منها بأعجوبة بعدما إخترقت رصاصات قاتلة بطنه... في 2002 على جسر
الدويسي الرئيسي وكان بصدد المفاوضات مع مهربين لإستعادة مقاتلين عرب
معتقلين في هولندا، نصب له كمين من طرف عملاء المخابرات الأمريكية، ألقي
عليه القبض وقتل صهره الذي كان برفقته، تم نقله إلى أفغانستان وقضى أكثر من
سنتين أسيرا في أحد سجون كابول السرية، كاد أن ينقل إلى غوانتانامو لكن
لحسن حظه نقلته طائرة أمريكية خاصة إلى العاصمة الجزائرية في 2004، بعد
تحقيق مضني وتعذيب على أيدي ضباط المخابرات الجزائرية تم ايداعه سجن الحراش
وحكم عليه بستة سنوات سجن نافذة... في اوت 2005 تم تحويله أيضا الى سجن
الشلف، ولكنه لم يمكث الا بعض الأشهر ليتم تحويله الى سجن سيدي بلعباس
(الغرب الجزائري) بعدما شن إضرابا عن الطعام بسبب سوء المعاملة وتدهور
التغذية والعلاج... بوذراع-ج لا يزال لحد الساعة يقبع في السجن بالرغم من
أنه قد شمله ابطال المتابعة القضائية... ولقد كان شقيقه بوذراع-ر أيضا
سجينا وهو من العرب الشيشان كذلك، قضى 3 سنوات كاملة وأفرج عنه في 7 ماي
2006 بعد نهاية العقوبة في سجن البرواقية (ولاية المدية)، ولم يستفد بدوره
من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية... بوذراع-ج متزوج من شيشانية وله ولد
اسمه أحمد شاكر، سماه بذلك تيمنا بأحد العرب الذي قتلوا في معركة الدويسي
على إثر كمين للقوات الروسية، لا زالت زوجته في بماكو (عاصمة جورجيا) ولم
تتمكن من الإلتحاق بالجزائر للظروف المادية المزرية...
القضايا كثيرة ومتعددة لا يمكن حصرها، ويوجد ممن لم نتمكن من الوصول إلى
قضيتهم وما أكثرهم، لأن ما وصلنا إليه احتاج بالفعل إلى الجهد الكبير
والمغامرة مع جهات ليس بالهين أن تبوح بمكنونات متهمين في قضايا شديدة
الحساسية، فضلا عن أخذ الإذن من المعنيين... حتى بعض المحامين لا يودون
إعطاء هذه المعلومات ولكل أسبابه ودوافعه، ليس المجال لبسطها، قد نلتفت
إليها في وقت آخر...
نعود إلى موضوعنا حيث نشير ببعض الاختصار إلى قضايا سنفرد لها تفاصيلا
حالما تصلنا، نجد مثلا قضية لحمر-ع من قدماء عمال مؤسسة سوناطراك بحاسي
مسعود، من نواحي وهران (الغرب الجزائري)، يتواجد حاليا بسجن الحراش، تم
اتهامه بالانتماء إلى ما كان يسمى بكتيبة الأهوال، التي أسسها قادة بن شيحة
مع رفيقه مصطفى العقال بالغرب الجزائري، ألقي عليه القبض في جانفي 2004 مع
ياسر سالم (45 عاما) الملقب بابي جهاد والمقيم منذ 1993 في الجزائر بتهمة
تمويل رحلات نحو 300 جزائري للذهاب الى العراق لقتال القوات الاميركية في
عامي 2003 و2004،شمله القانون وإستثنته آيادي خفية، وفي هذا السياق نذكر
كذلك قضية نجار-أ ومن معه –على حد التعبير القانوني الشائع في الجزائر-
والذين قبض عليهم في ديسمبر 2000، وتناقلت وسائل الإعلام المحلية والدولية
خبر توقيف أخطر عصابة اختصت في تموين الجماعات "الإرهابية"، تم إيداع
المتهمين الخمسة سجن الحراش وفي الجناح المخصص للإسلاميين أو ما يطلق عليه
"جناح القانون الخاص"، ولكن بعد صدور القوانين التطبيقية للميثاق، تم
استثناءهم من العفو بحجة أنها قضية حق عام، أصدر التكييف قاضي التحقيق لدى
محكمة الشراقة (مجلس قضاء البليدة)، وتم تبليغهم على مستوى ادارة سجن
الحراش وأعطاهم حق الطعن في أجل أقصاه ثلاثة أيام، المتهمون طعنوا في
القرار غير أن الإستئناف ضاع بيد فاعل، وهي سابقة فريدة في القانون…
دخلوا في إضراب عن الطعام ولكن لم يجدهم نفعا فالأمر أخيط بإحكام، لأنه تم
تضييع حتى دفتر الطعون الذي يوقع فيه المساجين على طلباتهم، لا زالوا
يقبعون في السجن ينتظرون المحاكمة المتأخرة…
قضية أخرى تدخل في هذا الإطار وتتعلق بالسجين شامة-م المعروف بالقعقاع، من
قدماء الجماعة الإسلامية المسلحة
GIA،
قضى أكثر من 11 سنة في الجبال، حتى فقد رجله اليسرى في إنفجار، سلم نفسه
لمصالح الأمن في أكتوبر 2004 بعد عجزه، هو الآن في سجن الحراش من غير جديد
يذكر، وإن كان السجين انتمى إلى تنظيم تنسب له كل المجازر، اسال الحبر
الكثير عن طبيعة تكوينه ومن يقف وراءه، ووجهت أصابع الإتهام إلى المخابرات
الجزائرية، لكن يوجد آخرون من التنظيم نفسه قد أبطلت متابعتهم نذكر ذباح-ب
ومحمد-ع... وان كان قد تم إقصاء مقران-ج وعوار-م من القضية نفسها، مما دوخ
محامي الدفاع، فقد أفرج أيضا عن الإخوة لعريبي وهم أصهار أمير الجيا
نورالدين بوضيافي المعروف حكيم
RPG،
والذي ألقي عليه القبض في 5 نوفمبر 2005، وقد تولى هذا الأخير إمارة
الجماعة الإسلامية المسلحة بعد مقتل زعيمها رشيد أبو تراب في شهر جويلية من
عام 2005، حيث أن الموالين لبوضيافي هم الذين قتلوا أبو تراب لتمكين حكيم
RPG
من تولي الزعامة، ويمثل هذه الأيام لدى محكمة البليدة بعد أكثر من سنتين
قضاهما لدى الأمن الجزائري، وتقول المعلومات أنه شارك في عدة مجازر مثل بن
طلحة والرايس، كما كان ينشط على مستوى مناطق بئر التوتة والبليدة والعفرون
ومليانة، وحسب مصادر مطلعة فإنه كان قد قام بقتل إثنين من أبنائه وزوجته
و15 طفلا و13 امرأة خلال العام 2005 فقط، وان كنا نعلم نحن أن له ابنا من
شقيقة الإخوة لعريبي يعيش الآن مع لعريبي-ج المفرج عنه من سجن الحراش...
قضية بنك بئر خادم
قضية السطو المسلح على بنك بئر خادم في آواخر ماي 2005، حيث تم القبض على
المنفذين المفترضين بعد أكثر من شهر، وقد رافقت العملية تصريحات لمدير
الأمن الجزائري العقيد علي تونسي، الذي أكد في تصريح لوسائل الإعلام
الجزائرية بأن ما يطلق عليه بـ "التائبين" في إطار العفو العام الذي استفاد
منه عناصر ما كان يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ في جانفي 2000، قد التحقوا
بالعمل "الإجرامي المنظم" على حد تعبير العقيد، حتى أنه لما قبض على
المجموعة ومن بينها ممن يدخلون في هذا الإطار، ذهبت بعض الصحف الى التشكيك
في الأمر وأعتبروه فبركة وراءها جهات نافذة تعمل في اتجاه مضاد للرئيس
بوتفليقة الذي كان حينها في التحضير والتعبئة السياسية لمشروعه!!
قبض على "المتهمين" في آواخر شهر جوان 2005، وبعد التحقيق المضني والبشع تم
ايداعهم سجن الحراش في 26 جوان 2005، تتكون المجموعة من ستة أفراد، ويتعلق
الأمر بشمامي-م وهو إمام مسجد ومن قدماء المناضلين في جبهة الإنقاذ
المحظورة، وسعادو-إ وعبدالرزاق-ق ورحيم-ن وهم من أبناء منطقة مفتاح
(البليدة) التي يتحدر منها عبدالمالك درودكال الأمير الوطني لتنظيم القاعدة
في المغرب الإسلامي، ونجد أيضا عواج-ج وهو من عناصر مدني مزراق الذين طلقوا
العمل المسلح في عفو الوئام المدني، وكذلك مرابط-ك ومرداس-م وهما من قدماء
المساجين الإسلاميين... عدت العملية تدخل في اطار العمل "الإرهابي"، لأنه
تم من خلاله تموين ما كان يسمى بالجماعة السلفية للدعوة والقتال، حتى أن
وزير الداخلية الجزائري يزيد زرهوني أكد ذلك وعلله بإفلاس التنظيم
ونهايته!!
في شهر فيفري 2006 تم القبض على المتهم الوحيد الذي كان في حالة فرار،
وأعتبر من طرف مصالح الأمن الجزائرية أنه قد إلتحق مجددا بمعاقل الجماعات
المسلحة حاملا لهم الأموال، هذا بناء على تصريحات المقبوض عليهم، ويتعلق
الأمر بمراد-ش –وهو ابن عمة الإمام الذي ذكرناه آنفا- وهو أيضا من
المستفيدين من الوئام المدني... على إثر هذا القبض الذي تم في الغرب
الجزائري وبالضبط في وهران، قامت المخابرات الجزائرية بإخراج مرابط-ك
وسعادو-إ من السجن للتحقيق معهما من جديد، وقد تعرضا إلى أبشع أنواع
التعذيب، وهذا ما يتنافى مع القانون الذي يمنع إستخراج مساجين وتعذيبهم،
وقد حدث ذلك مرارا وتكرارا، بل يوجد من تم تعذيبه في عيادة السجن، حيث تلقى
أمرا من الحراس بأنه مطلوب لدى الطبيب المختص، وهذا الذي سنفرد له ملفا في
القريب ان شاء الله... بعد صدور قوانين الميثاق تم تكييف القضية في إطار
الحق العام من طرف قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس... بعض المحامين
الذين إتصلنا بهم أكدوا بالإجماع أنه يتنافى مع هذه القوانين، لأنها تبطل
المتابعة القضائية في حق أي قضية عدت "إرهابية"، مالم تكن فيها الإستثناءات
الثلاث، والسطو طبعا لا يندرج في هذا الإطار، حتى أن أحدهم فضل أن لا نذكر
إسمه قال ساخرا: "عندما قبض عليهم جعلتهم مصالح الأمن إرهابيين وشهروا بهم
في وسائل الإعلام وعذبوهم من أجل ذلك، ولكن لما أبطل الميثاق متابعتهم
حولوهم إلى مجرمي الحق العام، لأجل السياسة صاروا إرهابيين ولأجل المال
حولوهم إلى مجرمين... يالها من عدالة!!!".
وما خفي أعظم...!!
توجد عدة قضايا لا يزال يلفها الغموض، وتلتهمها إعتبارات أخرى يعلمها الله
ثم أصحاب القرار، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، قضية لخضر-س وهو من
أبناء منطقة الأخضرية (80 كم شرق العاصمة)، عاد من سورية على المطار الدولي
بالعاصمة بصفة عادية، وبعد ايام لما أراد العودة من حيث أتى تم توقيفه بناء
على مذكرة المانية، حيث كان من قبل يقيم في فرانكفورت قبل رحيله الى دمشق،
وتم ايداعه سجن الحراش في شهر أفريل 2006، أي خلال المدة القانونية للعمل
بالقوانين، التي سنتها السلطة وعجزت في تطبيقها... ونجد كذلك مراد-س
المطلوب لدى القضاء الفرنسي، والمحكوم عليه بعامين غيابيا، بعدما قضى قبلها
سنة في باريس وتم الإفراج المؤقت عليه،تنقل الى لندن وأقام هناك لسنوات مع
زوجته وإبنته بثينة، هو في سجن الحراش الآن...ثم قضية الشيخ داود الذي
سلمته فرنسا للجزائر في ماي 2006، بعدما قضى أكثر من 3 سنوات بسجن باريس،
حيث أتهم بالتورط في إغتيال القائد الأفغاني أحمد شاه مسعود، عملية تحويله
للجزائر كانت على متن طائرة خاصة مقيد اليدين والرجلين، تعرض إلى أبشع
أنواع التعذيب لدى المخابرات الجزائرية، وسبب له ذلك نزيفا حادا في أذنه
اليسرى، حتى فقد البعض من سمعه، قد يصل به الحال إلى الطرش النهائي، عائلته
سجلته من قبل في عداد المفقودين، ولما بلغها الأمر عن طريق أحد آهالي
المساجين، زارته والدته البالغة من العمر 86 سنة، ولم تراه منذ 15 عاما،
منعتها ادارة سجن الحراش من رؤية ابنها بصفة إستثنائية حتى تعانقه، وهو ما
يخوله القانون لمدير السجن، فأغمي عليها في قاعة الزيارات...
ثم نذكر قضية مريني-ف وجاوتي-م وهما حاليا في سجن سركاجي، أتهما بتدبير
مخطط للسطو على بريد الكاليتوس في العاصمة الجزائرية، قبض عليهما في بداية
2004، وأعتبرت القضية "إرهابية" لأنهما كان ينويان الإستيلاء على مسدس
شرطي، صرحا لدى مصالح الأمن أنهما يريدان فتح صندوق للتضامن من أجل تزويج
المتدينين، الطبيب النفسي التابع لوزارة العدل أكد في تقرير له أنهما في
غير حالتهما الطبيعية، وهما في السجن يعيشان بالأقراص المهدئة ذات المفعول
الكبير... بعد صدور القوانين تم إستثنائهما من العفو وأعتبرت القضية قضية
حق عام، بالرغم من أنهما لم ينفذا العملية بل كانت مجرد أفكار وتخطيطات
وتخمينات...
عائلات المساجين تتهم السلطات بخرق القانون في عدم الإفراج عن ذويهم، بل
هناك من وصل به الحال إلى أن يتهم إدارة السجن بتدبير مؤامرات من أجل
الإبقاء عليهم قيد الإعتقال، جاء ذلك على إثر حملات واسعة النطاق شنتها
خاصة إدارة سجن الحراش على الهواتف النقالة، الذي انتشر بصفة كبيرة لدى
المساجين وخاصة في عهد المدير السابق حسين بومعيزة، وقد أقدمت وزارة العدل
على إقتناء أجهزة تشويش صرفت لأجلها المبالغ الطائلة، وتم تثبيتها على
البنايات التي فيها الزنازين، وقد عجزت الإدارة في مراقبة طرق تسريبها وهي
غالبا ما تأتي عن طريق الحراس، الذين وجدوا في هذه التجارة الربح الكبير
وخاصة أنهم يعتبرون من ذوي الدخل البسيط، الهاتف يباع عدة مرات حيث ثمنه في
السوق الجزائرية 2000 دج، ويدفع فيه السجين ما يفوق غالبا على 12000 دج، بل
وصل في بعض الأحيان الى 30000 دج هذا في سجن الحراش، أما في سجن البليدة
فوصل حد 60000 دج... هذه الحرب التي أعلنتها وزارة العدل جاءت بعد تسريب
ملف يتناول بالتفصيل حياة المساجين الإسلاميين وكل كبيرة وصغيرة عنهم وعن
مواقفهم وأفكارهم، وقامت بنشره الصحفية نائلة بن رحال بالتعاون مع الضابط
عبدالمالك نوار الذي كان موقوفا حينها بجناح الإسلاميين في قضية مع الوزير
بوقرة سلطاني أسالت الحبر، فتحت عنوان بارز "الجزائر نيوز تخترق سجن
الحراش" في أكتوبر 2006 تم نشر الملف، قدم تصريحات وإحصائيات شاملة عن
مواقف المساجين الإسلاميين من مشروع الرئيس بوتفليقة للمصالحة الجزائرية،
القضية أوصلت المدير ح-بومعيزة إلى سجن سركاجي ليس مديرا بل سجينا تفننت
المصالح القضائية في ملىء ملفه بتهم ثقيلة... من بين ما يمكن أن نسجله في
هذه الحرب أن حكم على بوعبدالله-س بعام حبس نافذ بسبب شريحة هاتف، وقد
أبطلت متابعته في القضية الرئيسية بتاريخ 7 مارس 2006، وحكم على مقران-ج
بثلاث سنوات بسبب هاتف أيضا، وفاروق-ح بسنتين في جهاز هاتف من دون شريحة،
ومصطفى-م بعامين في جهاز تشحين البطاريات، ألياس-س بعام بسبب جهاز ايضا،
وجعفر-ي بعامين... وكل الأحكام فيها نافذة.
أغلب هؤلاء ينفون علاقاتهم بذلك، ويتهمون جهات من الإدارة بدس الشرائح
والهواتف في أماكنهم، للتذكير أنه من يلقى عليه القبض بتهمة حيازة هاتف أو
أي شيء يتعلق به، يعاقب بشهر عزلة في الزنازين التي ذكرنا سابقا مساحتها،
يصل النزلاء فيها أحيانا إلى 15 سجينا، نعجز في وصف طريقة نومهم أو قضاء
حاجاتهم... وفي سياق متصل نذكر بلال-م وهم فلاح من منطقة زموري (ولاية
بومرداس)، أقدم حارس على تفتيشه في ممر قاعة المحامين، ففاجأه بوجود مبلغ
400 دج في جيب سترته، حكم عليه بعام سجن نافذ و لما إستأنف الحكم عليه تم
تخفيضه الى ستة أشهر نافذة أيضا، وقد أكد لنا بلال-م لما أفرج عليه في 5
سبتمبر 2006 أنه لا علاقة له بالقضية بل أن الحارس أراد أن يثبت فطنته
وتفانيه في عمله لدى مسؤوليه... "شريحة الهاتف ثمنها 50 دج ان قدمها الحارس
على اساس أنه عثر عليها لدى سجين ينال إمتيازات، وخاصة ان أعد سيناريو
محكم، وهذا ما دفع ببعض من لا ضمير لهم إلى إفتعال مثل ذلك لأجل كسب ود
المدير أو الضباط القادة..."، كما حدثنا لعريبي-م وهو أحد قدماء المساجين
المفرج عنهم في 7مارس 2006، بل أكثر من ذلك أن والدة سجين طلبت أن لا نذكر
إسمه أضرب عن الطعام 13 يوما حتى اشرف على الهلاك، بسبب العثور على هاتف
محمول، وطلبت منه إدارة السجن أن يصرح بما يضر غيره، ولم يكن الآخر سوى
الصحفي محمد بن شيكو الذي كان معه في القاعة نفسها وهي 7 مكرر أ... وإن
كانت القضية لا تتعلق بالإسلاميين إلا اننا آثرنا الحديث عنها لما فيها من
دلالات لما يتعلق الأمر بالسياسة...
الكثير من المفرج عنهم تمت إعادتهم للسجون بقضايا جديدة لا تختلف عن
الأولى، عتمت عليها وسائل الإعلام على غير عادتها لما يتعلق الأمر بالقبض
على إسلامي أو ما تتفنن فيه من أسماء وألقاب... أغلب التهم تتراوح ما بين
التموين والدعم والإسناد والإشادة وعدم التبليغ... وقد أكد لنا البعض ممن
إستطعنا التحدث إليهم بطرقنا الخاصة كياسين-ل من برج منايل (ولاية بومرداس)،
أفرج عنه في 6 مارس 2006 وأعيد الى سجن الحراش في 21 جوان 2006، بأن
القضايا صارت تلفق لهم من طرف مصالح الأمن لأجل إعادتهم للسجون من جديد،
لأنهم صاروا يشكلون ثقلا على السلطة التي فشلت أن تقنع المسلحين بتدابير
ميثاق السلم هذا...
في ختام ذلك وان كانت الأحداث كثيرة ولا يمكن حصرها في هذا الموقع، غير
أننا نطرح سؤالا ونترك الإجابة فيه للمعنيين بالشأن الجزائري، وكذلك لعرابي
ميثاق السلم والمصالحة الجزائرية، الذين أنفقوا الكثير من الوعود والعهود
والشعارات المزركشة في ظاهرها وفي باطنها جوفاء: هل يكتب النجاح لأي مشروع
تتم معالجته بطريقة روينا الغيض من فيضها؟!.
* كاتب واعلامي مقيم في باريس
C.A. DROITS HUMAINS -5 Rue
Gambetta - 92240 Malakoff - France
Phone: (33-1) 4092-1588 * Fax:
(33-1) 4654-1913 *
Email:
achr@noos.fr
http://www.achr.nu
عودة إلى الرئيسة |