التعليم و الجامعات
في السعودية:
الإصلاح في وجه
الانهيار
الدكتور
متروك الفالح
.واقع
التعليم
هو واقع منهار
سوى في أطواره
الأولى أو حتى
في الجامعات؛
بل إن رؤيتي
للجامعات هي
أنها لا تعدو
أن تكون
ثانويات
كبيرة.وهنا،
للأسف،
دائماً نظرة
سائدة بأن
لدينا مباني
كبيرة ونقول
دائماً في هذا
البلد إن
لدينا اكبر
مشروع في
المنطقة أو في
الشرق الأوسط أو
حتى لربما في
العالم، وهذه
نظرة قاصرة
بالتأكيد،
ذلك أنها تركز
على الهياكل المظهرية
فقط، ولكنها
لا تغص في
الجوهر و المضمون، وهو
ما يعني هنا
على مستوى
التعليم
الجامعي إغفال
عناصر العملية
المعرفية
التعليمية
والبحثية والتربوية
التي تجري أو
لا تجري في
أحشاء تلك الهياكل.
فمن ناحية
أولى،
المنهجيات
ليست على
مستوى العصر
فنحن في عصر
العولمة، عصر المعلومة،
عصر إنتاج
وصناعة
المعلومة
وقوة البلدان
لا تقاس
بالقوة
العسكرية
وإنما أصبحت
قوة الدولة،
إضافة إلى ذلك
و إلى دولة
المؤسسات و
القانون و
المشاركة في القرارات
والمحاسبة
والمراقبة
للسياسات الحكومية
بما في ذلك
السياسات
التعليمية، تقاس
بمدى القوة
المعرفية
والتكنولوجية
المتاحة
والموفرة بكل
أشكالها و
وسائطها و المتولدة
و المنتجة
للبلد و للعالم،
في سياق بيئة
قانونية
حاضنة و حاملة
و شفافة، و هي
بذلك من أهم
مقومات أي بلد
يبحث عن مكانة
في هذا
الكوكب. قيسا
على ذلك فان
واقع جامعاتنا
لا يشىء بشيء
من تلك
المقومات، بل
إنها تفتقر
إلى الحد
الأدنى منها.
وإذا
تطرقنا إلى
الجانب
البحثي داخل
الجامعات، من جانب
آخر، فوضعها
مزري ولا
يتجاوز إصدار
بعض الأبحاث
والتي في الغالب
لا يعرف عنها
احد، سوى بعض
أو عدد محدود
من المتخصصين
والأكاديميين،
وفي الغالب
تعتمد هذه
البحوث على
نظريات
ومفاهيم إما
أنها مهجورة
أو أنها
تقادمت على
أية حال، أو
أنها هجنت
بطريقة عجيبة
نتيجة للقيود
الرقابية
المتعددة
داخليا و
خارجيا. إضافة
إلى ذلك، فان
مراكز البحوث
في الجامعات
وكلياتها لا
تقوم بتوفير
الإمكانيات
لقيام
الأساتذة
بالأبحاث
لتعقيدات إدارية
وتعقيدات
ترتبط
بالبيئة
العامة للدولة.
في هذا السياق
أتذكر إنني في
عام 1991م،
أعددت بحثا
عنوانه "
اليابان من
القوة
الاقتصادية
إلى القوة السياسية
"، و تقدمت
به إلى مركز
البحوث بكلية
العلوم الإدارية
التي انتسب
لها، فماذا
كان الجواب: اتصل
بي الدكتور
عثمان
الرواف، وكان
مدير المركز
آنذاك، و
اخبرني أن
أعضاء مجلس المركز
يطلب قبل
الموافقة
علية تبيان
أهمية البحث
للسعودية !!
قلت للدكتور /
عثمان:
يا
للعجب و هل
أهمية
اليابان
للسعودية أو
البلدان
العربية و
أنها قوة
قادمة خافية على
أحد و ليست
واضحة، فقال
أنا ليس لدي
اعتراض ولكن
هكذا طلب مني
!!بالمناسبة، فانه
بعد أن نشرت
هذه الدراسة،
فلم يسأل عنها
احد؛ لا مؤسسة
حكومية و لا
خاصة في السعودية،
و الجهة
الوحيدة التي
حرصت على الاطلاع
عليها و
التواصل معي
هي السفارة اليابانية
في السعودية.
في هذا السياق
نشرت بحثا عن "
الصين:
الاستقطاب
الاجتماعي و السياسي
لبرنامج
التحديث و
الإصلاح 1987-1989 "
في مجلة
العلوم
الاجتماعية،
جامعة الكويت
(1991)، و لكن حتى
هذا البحث لم
يسأل عنه احد
رغم الوفود
الحكومية و التعليمية
المتكررة و
التي زارت كل
من اليابان و
الصين بما في
ذلك زيارات من
جامعة الملك
سعود. إذا
هناك إهمال من
الجامعة و من
مؤسسات
الدولة في
التفاعل و
الاستفادة من
البحوث، و
السبب يعود إلى
غياب المصلحة
العامة و كذلك
سيادة العلاقات
الشخصية و القرابية
و المناطقية
في تلك
المؤسسات.
إضافة إلى
ذلك، هناك بعض
مراكز الأبحاث
التي لم تقم
بأي بحث على
رغم أن إنشاءها
يعود لأكثر من
ستة عشر سنة! ومثالها
مركز دراسات
الخليج في
كلية العلوم
الإدارية و
الذي تم
إنشاءه في
أوائل التسعينات
من القرن
العشرين
الميلادي
الماضي، و
الذي وحتى هذه
اللحظة حسب
معلوماتي لم
يتبنى أي بحث
أو يصدر أي
دراسة.
فوق
هذا و ذاك
هناك
إشكاليات و
قيود رقابية
من خارج
الجامعات،
غالبا ما تكون
أمنية، تتحكم
غالبا
بإتجهات و
مواضيع البحوث
بما في ذلك
مواضيع رسائل
و أطروحات
الماجستير و الدكتوراه،
و خاصة إذا ما تعلق
الأمر في
السياقات
الثقافية
و الفكرية و
الإيديولوجية
و بدرجة اكبر
السياسية ذات
الصلة بالشأن
العام المحلي
أو العربي. و يبقى
السؤال
المشروع
المفتوح على دلالات
و معان من
التعجب و
الاستنكار هو:
ما علاقة
الأمن
بالثقافة و
المثقفين!!!؟
العلاقة بين
ما يدرس في
الجامعات
والحياة
التطبيقية شبه
مفقود إن لم
يكن مفقوداً
كلية.وانا
أتحدث هنا
منطلقا مما
اعرفه من خلال
خبرتي وعملي
في جامعة
الملك سعود،
وبالتالي
باعتبار هذه
الجامعة من
أقدم
الجامعات
لذلك فالحديث
رغم كونه
محددا، إلا
انه يمكن
تعميمه مع بعض
التحفظات.ليس
هناك ما يبدو
علاقة بين
النظرية
والممارسة ومثالي
على ذلك ما
يلي:
طلبة
قسم القانون
يتخرجون وهم
في المستقبل يفترض
أن يعملوا
كمحامين
وحقوقيين
ومستشارين
ومع ذلك فهم
أيام الدراسة
لا يوفر لهم
تطبيقات تدريبية
و عملية من
مثل حضور
جلسات
محاكمات حقيقية
أو حتى صورية
أو حتى العمل
مع مكاتب
محامين
للتدريب ضمن
الخطة
الدراسية لقسم
القانون،
علماً أن هناك
قاعة محكمة ( صورية
في كلية
العلوم
الإدارية،
جامعة الملك
سعود، أنشئت
لهذا الغرض )
لم تجر فيها أي
محاكمات
صورية لتدريب
الطلاب على
عمل
المحاكمات. وهذا
الأمر ينطبق
على طلاب العلوم
السياسية
الذين يفترض
أن يلزمهم عدد
من الساعات
العملية في
مجال
العلاقات الدولية
والدبلوماسية
والتفاوض
وحتى في سياق
الانتخابات؛
فالطلاب لا
يتدربون أبدا وعليه
فأنهم
يتخرجون
بمفاهيم
ونظريات فقط. هذا
ما يحدث رغم
أن بعض
الأساتذة في
قسم العلوم
السياسية
حاولوا أن
يساهموا في
ربط بعض
الطلبة
بالجانب
العملي في
العمل السياسي
كزيارة
السفارات
والقنصليات
إلا انه لم
يسمح لهم بذلك
ومنعوا من
ذلك. وهذا ينطبق
على أقسام و
طلبة الإعلام
والإدارة و إدارة
الأعمال و الاقتصاد،
وهذا يعطي أمثلة
واقعية على
ضعف العلاقة
بين الممارسة والنظرية
في العملية
التعليمية و المعرفية
الجامعية. و من هنا ليس
غريبا أن تسمع
أصوات تنادي
بقفل بعض التخصصات
في الجامعات
السعودية، و
مثال ذلك ما
طالب به أ. قينان
الغامدي( رئيس
تحرير جريدة الوطن
سابقا وعضو
مجلس إدارتها
حاليا، و عضو
مجلس جمعية الصحفيين
) تجاه قسم الإعلام
في الجامعات
السعودية.
ما
سبق يقودنا
إلى إشكالية
اكبر إلا و
هي، أن
الجامعات
تخلو من ندوات
وحوارات، و
انفتاح ثقافي
و تثاقف مع
الثقافات
الأخرى، و كذلك
غياب تنوع و
تعدد في
المجلات
والدوريات
وخصوصاً في
الجوانب
الثقافية
والفكرية؛ فمنذ
عام 1990 وحتى هذه
اللحظة في 2006
تقريباً وعلى رغم
مرورنا بعدة
تحولات كبرى في
العالم وفي
المنطقة
ابتداء بسقوط
الاتحاد
السوفييتي
وحروب الخليج
الثلاث بما في ذلك
الغزو و
الاحتلال
الأمريكي
للعراق، و كذلك
أفغانستان،
وأحداث
فلسطين
(الانتفاضات
الأولى
والثانية)
ومؤتمرات الشرق
الأوسط وبما
يتعلق
بتحولات
العولمة وآثارها
وأبعادها
السياسية
والثقافية،
فان الجامعات
ومنها جامعة
الملك سعود لم
تقم بأي
ندوة ولا
مؤتمرات لا
صغيرة ولا
كبيرة عن هذه
المواضيع و لم
تفتح أية
حوارات أو نقاشات
عن تلك
المواضيع على
أهميتها؛ لا
بل أن قسم
العلوم
السياسية، لم
يقم بأية ندوات
عن تلك
الأمور،
فماذا يفعل
أساتذة العلوم
السياسية و
ماذا يستفيد
طلبة القسم في
بيئة لا نقاش
و لا حوار و لا
ندوات فيها؛ و
الحقيقة أنني
أتعجب و
أتساءل من أين يمكن
أن تجد
الإبداع و
التنافس سواء
بين الاساتذه
أو الطلبة !!! .
فإذاً
الجامعات في
هذا الشأن لا
تقوم بإتاحة
الفرصة لا
للأكاديميين
فيها
وللمثقفين في
هذا البلد سواء
في البلد أو
من خارجها بأن
تتاح لهم فرصة
المشاركة
والتفاعل مع
تلك القضايا والتحولات.
إضافة
إلى ذلك، لا
يسمح للأساتذة
للمشاركة في
الندوات والمؤتمرات
الخارجية إلا
بموافقات
رسمية من خارج
الجامعة،
وهذا مما يحد
من قدرة الجامعات
كمؤسسة من
خلال الإفراد
المنتمين لها
من التواصل
والإسهام على
المستوى المعرفي
و الثقافي
عربيا و
إقليميا و حتى
على المستوى
العالمي. وهذا
بالتأكيد يؤدي إلى
مزيد من تراكم
الاحباطات
على مستوى
الأساتذة
وأيضا يثير
تساؤلات من
الخارج عن عدم
قيام
الأكاديميين
السعوديين
بالإسهام في
هذه النشاطات
والتظاهرات
الأكاديمية والثقافية
الدولية على
رغم وجود
القدرات لدى
الأساتذة
والمثقفين. و
إذا كان الأساتذة
مقيدين، و/ أو متابعين
من أجهزة لا
علاقة لها
بالثقافة أصلا،
بشكل كبير عند
و في التواصل
و التثاقف مع
الخارج، فان
الطلاب هم
الآخرون
محرومون من
هذا التثاقف
ليس فقط مع
الثقافات
الخارجية، بل
حتى أيضا من
التثاقف مع
تلك الثقافات القريبة
بما في ذلك
العربية، حيث
منعت الجامعات
أو قيدت بشكل
كبير من قبول
الطلاب العرب
أو الأجانب
بما في ذلك
أبناء
العاملين و
المقيمين في
البلد.
من
ناحية موازية،
إذا عدنا إلى
فكرة العملية
التعليمية من
الناحية
العملية
والتي تجرى
داخل القاعات،
أيضا توجد
إشكالية في
مجال تقييد شديد
إن لم يكن نفي
كامل للحريات الأكاديمية،
حرية الرأي
والتعبير،
سواء تعلق
الأمر
بالأستاذ
نفسه أم
بالطلاب. لذلك ما
يجري من عملية
تعليمية
والتي تفتقر
إلى الحريات
الأكاديمية
بحيث تتيح و
تثير فكرة
الإبداع
والنقاش
والجدل وتحرك
القضايا
وتتعامل
معها، جعل من
العملية
التعليمية الجارية
في الجامعات
السعودية
عملية نمطية
تقليدية
ولذلك فالغالب
على الأساتذة
أنهم يقومون
بتقديم
محاضرات
تقليدية تتسم
بالتكرار
والتلقين
دونما إثارة
الفهم
والحوار والجدل
و الاختلاف
حولها. كل هذا
يولد تراكم غياب
الحوار
وسيطرة الخوف
وفكرة الإقصاء
وخصوصاً انه
لا يوجد آراء
مختلفة،
فالأستاذ لا
يقبل بآراء قد
تخالفه أو قد تثير
له إشكالات لا
تزيغ عن رصدها
عيون و أذان
بشرية و
الكترونية لا
هم لها إلا
تسجيل
و كتابة
تقارير
للجهات
الأمنية،
لتفتح ملفات
المثقفين و
الأكاديميين
إن لم تراكمها
مع ما قبلها
من أيام
الدراسة
داخليا أو
خارجيا؛ في
المقابل
الطلاب أيضا وبحكم
تعودهم على
فكرة عدم
التحاور
والنقاش والتسامح
وقبوله الرأي
الآخر في
مراحل تعليمهم
الأول
(الابتدائي
والمتوسط
والثانوي)
وحتى في
مؤسسات
التنشئة
الاجتماعية ( المنازل
و المساجد
والنوادي) فهم
بذلك يترددون
أو يتوجسون
خشية من عيون
و أذان ظاهرة
و باطنة، حيث
القمع العام و
التربوي
مستمر منذ
الصغر أو حتى
في أثناء الجامعة،
هذا فضلا عن
الرقابة
الأمنية الحاضرة
في أوساطهم
داخل و خارج
قاعات المحاضرات.
في مثل هذه
البيئات
القمعية، كيف يمكن
لجامعات أن
توفر بيئة
تربوية و مساهمة
حقيقية في
بناء شخصيات
قوية فاعلة
منفتحة
حوارية
متسامحة
لاهثة وراء
العلم و المعرفة
لطلابها و هم
أجيال
المستقبل
لهذا البلد و
الأمة !!!؟؟
اذاً
فكرة الحريات
الأكاديمية
غائبة والتي
تتطلب مدونة
أو قانون
تشريعي تحفظ
هذه الحقوق للأساتذة
والطلاب بحيث
تضمن وجود هذه
البيئة
الأكاديمية
التي تولد
عناصر هذه
الحرية وتناميها
في المجتمع
والجامعة
معاً من أجل توالد
الأفكار
والآراء
والإبداعات و تناميها
و تواصلها.
وهذه
الجزئية وما
قبلها تثير
إقصاء دور
الأساتذة والطلاب فيما
يخص دورهم في
إدارة
العملية
التعليمية والتربوية
بما يتصل بها
من تنظيمات
داخل المؤسسة
التعليمية.
وما نعنيه هو
أن الأستاذة
والطلاب، و
لغياب فكرة
المدونة التشريعية
لحقوقهم (
حقهم في تكوين
جمعيات و اتحادات
مدنية، و حرية
البحث
العلمي، و حرية
الرأي و
التعبير )،
حيث ليس لهم
اتحادات لا
للأساتذة و لا
للطلاب
وبالتالي ما يقرر
لهم من إدارة
الجامعة من
داخلها أو من
خارجها هم
ليسوا أطرافا
فيه. و في غياب مشاركتهم
في إدارة
الجامعة من
خلال غياب تلك
المنظومة
الأهلية، فان
ما يصدر من قرارات
أو يقرر لهم
يكون بداية
مضر بمصالحهم أولا،
و ثانيا
بعدالة توزيع
الفرص المتكافئة
للتعليم
لعموم
الطلاب، و
خصوصاً، في
حالات بعينها،
للفئات
الفقيرة والقادمة
من الأطراف أو
أطراف المدن،
ومثال ذلك ما
صدر من قرارات
في عام
1412/1413هـ
حيث الغي نظام
الساعات من
دون استشارة
لا الأساتذة
ولا الطلاب،
كذلك ما صدر
عام 1415هـ حيث تم
إلغاء سكن
الطلاب من دون
أي اعتبار
لمصالح
الطلاب و خاصة المحتاجين
منهم من
الأرياف أو من
الفئات
الفقيرة من كل
فضاء اجتماعي
سواء في الأرياف
أو حتى فيما
حول و أطراف
المدن.
وهذا
الإهمال أو
التغييب لدور
الأساتذة أو
الطلبة،
يربطنا،
بالتالي،
بغياب نظام
(قانون)
للجمعيات الأهلية
المدنية
وتفعيلها. لذلك
فإن مشكلات
وشكاوى
الأساتذة أو
الطلاب شبه
مغيبة، وهذا
مما يزيد في
أن تكون قامة
جامعاتنا
قصيرة وقصيرة
جداً لا
تتوازى مع
هياكلها العمرانية.
إضافة إلى ذلك
فإنه فيما
يتعلق بالأساتذة
هناك مسألة
تولي مناصب العمادات
والأقسام:
كانت قبل 1994م
تتم عن طريق الترشيح
و الانتخابات
داخل الكليات والأقسام
ولكن حتى هذه
للأسف تم
إلغاؤها وتجاوزها
بفكرة
التعيينات
المفروضة
فرضاً على
الأساتذة
وغالباً ما
تكون هناك
أطراف خارجية-
أمنية في
الموضوع!!!.
أن مجموعة
هذه السلبيات
تشير، في
تجربتنا، إلى غياب
و تغييب
الجامعة
بالمفهوم
الدقيق و المتعارف
عليه عالميا.لا يمكن
الحديث عن
تعليم سليم و
جامعات فاعلة
في أجواء من سيادة
القمع و
الاستبداد و
تدخل الأجهزة
الأمنية في كل
المستويات. طبعا، في
كل ما قيل
سابقا، لا
يعني أن
الأساتذة و /
أو الطلاب منزهين
عن العيوب، بل
أنها كثيرة بالفعل،
و لعل أبرزها
هو انشغال
الأغلبية
منهم بالأمور
اليومية
الحياتية و
الرفاهية المباشرة
( و ليس الأسهم
منا ببعيد،
فضلا عن المنزل
و السيارة و
السفر.... الخ )، بفعل
التحولات
المادية و
التحديثية
المتسارعة، و
خاصة في
المجال
الاقتصادي و الحياتي
المظهري و
الاستهلاكي،
الانشغال عن
هموم التعليم
و التربية، و
بالتالي انصرافهم
و عدم مبالاة
الكثير منهم
في التفاعل مع
قضايا و هموم
الشأن العام و المصلحة
العامة.
في
النهاية نقول
و نؤكد على أن
الإصلاح في
التعليم و في الجامعات
لكي يحدث على
نحو سليم
يحتاج إلى منظومة
إصلاحية
متكاملة سواء
تعلق الأمر بالدولة
ككل أم
بالتفريعات
الأخرى،
والذي سينسحب
على التعليم
في مرحلة
لاحقة أو موازية.
ولذلك فإن
الأمر يتطلب
إيجاد ميثاق عقد
اجتماعي جديد
بين الدولة و
المجتمع يتم
من خلاله
التأكيد على
الحقوق
والحريات العامة،
ومن أهمها حق
و حرية الرأي والتعبير،
و حرية البحث
العلمي، و حق
والمشاركة في
القرار و
الرقابة و
المحاسبة على السياسات
سواء على
مستوى الدولة
ككل أم على مستوى
مؤسساتها
الفرعية
كالجامعات ومؤسسات
التعليم
والتربية.
يرتبط بذلك
صدور قانون
تشريعي يكفل
حق وعمل
الجمعيات الأهلية
بحيث تعمل
بشكل مستقل
وفاعل، وهذا أيضا
يكون على
مستوى الدولة
والمجتمع ككل و
في كل
المجالات أم
على مستوى
المؤسسات
التعليمية
بما في ذلك حق
الأساتذة
والطلاب بتكوين
اتحادات لهم
داخل
المؤسسات
التعليمية
تتيح لهم
المشاركة في
صناعة
القرار، و إدارة
الجامعات،
والمساءلة
والرقابة على
سياستها و
مسؤليها، كما
هو حق
المواطنين في المشاركة
و المساهمة في
صناعة القرار
و الرقابة
و
المحاسبة على
مستوى الدولة
ككل. إدارات
و مجالس
الجامعات،
كما هي يجب في
مستويات
التعليم
كافة، يجب و
يفترض أن تتكون
من ثلاثة
أطراف: 1- عناصر
الإدارة
العليا 2-
ممثلين
منتخبين عن
اتحاد منتخب مباشر
للأساتذة ( المدرسين
و/ أو
المدرسات في
التعليم
الأساسي ) 3-
ممثلين
منتخبين عن
اتحاد منتخب
مباشر للطلاب
و/ أو
ألطالبات. و
في التعليم
الأساسي هناك
طرف رابع يمثل
ممثلين لمجلس
منتخب للآباء
و / أو الأمهات.
إذا
استطعنا أن
نصل إلى هذه
البيئة بحيث
يشرك
المواطن، اين
كان موقعه أو
تصنيفه
المهني ، في
العملية التعليمية
كما هو في
العملية
التنموية و
السياسية و
إدارة
المجتمع ،
نستطيع أن
نصلح التعليم،
والذي ستقوم
به الفعاليات
صاحبة الاختصاص
و الرأي و
الخبرة كل في
مجاله، من
خلال مشاركة
مجتمعية
أهلية أو
مؤسسية. عندها
و عندها فقط
نستطيع أن
نتجاوز معظم، إن
لم يكن كافة
التعقيدات
سواء كانت
إدارية أو
تنظيمية أو
تتصل بانتهاك
الحقوق من داخل
المؤسسات أو
من خارجها، أو
تتصل يهدر المال
العام
والموارد على
مستوى
التعليم كما
هو على مستوى
الدولة
والمجتمع ككل.
من دون تلك
الآليات و
الأدوات
العصرية لإدارة
الدولة و
المجتمع
إدارة عصرية،
سنراوح مكاننا
و سوف تبقى
أية إصلاحات للتعليم
منفصلة غير
مترابطة مع
إصلاحات كلية،
علاجات و
مهدءات
موقنة، لا
تكاد تبدأ فعلها
حتى تعيدنا من
جديد إلى
أوجاعنا
القديمة،
فضلا عن مشاكل
إضافية
متراكمة ومتفاقمة
قد توصلنا إلى
صعوبة إن لم
يكن استحالة
الإصلاح و
فوات أوانه.
أننا في ظرف، الدولة
والمجتمع،
أحوج ما يكونا
فيه إلى إصلاح
حقيقي وشامل
وان كان
بمراحل متدرجة
ولكن واضحة و
معلنة، يطمئن
الناس على مستقبلهم
و مستقبل
أبناءهم، كما
هو مستقبل
الوطن و الأمة.
إن
الأمل، بعد
الله، معقود
على تعزيز و
تعميق جهود و توجهات
الاصلاح و
التي يقودها
الملك عبد الله
بن عبد العزيز
، و هو الذي
شدد في كلمة
اعتلاء سدة
الحكم و كذلك
في افتتاح
مجلس الشورى
في دورته (
1427ه-02006م)على مواصلة
الإصلاح و
مكافحة الفقر
و البطالة و هدر
المال العام و
مكافحة
الفساد الإداري
و المالي في
البيروقراطية.
إن الملك
عبد الله
يحتاج كل
مؤازرة و دعم
لتتعمق مسيرة
الإصلاح
لتصبح شاملة
وكلية و
متواصلة للوصول
إلى دولة
القانون دولة
الحقوق و الحريات
العامة، دولة
الحياة
الكريمة للإنسان
الفرد و
المجتمع ككل،
دولة العدالة
و الشورى
لخير و صالح
المجتمع و
الدولة و
الوطن و الأمة.