أطلقت عمليات حرق مليارات الاطنان من الوقود الاحفوري لتوليد الطاقة خلال الاعوام الـ150 المنصرمة لتطوير الصناعة، غازات تحبس الحرارة كثاني أوكسيد الكربون، وهي من أهم أسباب تغير المناخ، وهو يودي بحياة 150 الف شخص سنويا، ويتوقع أن تنقرض 20 بالمئة من الأنواع الحية البرية مع حلول العام 2050.
العالم العربي
في تقرير لها أشارت الأمم المتحدة عام 2009 إلى أن أكثر الدول تضررا من ظاهرة الاحتباس الحراري، وما يتبعها من نتائج، هي دول شرق آسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وموريتانيا وتونس والإمارات وجزر البهاما وبنغلاديش وسيريلانكا وفيتنام ومصر. وفي ما يلي سنحاول الإطلال على تأثير التغير المناخي في كل من لبنان، سوريا، مصر، الاردن والسودان.
البحر الابيض المتوسط قد يكون ارتفاع مستوى سطح البحر في القرن المقبل (2100) ما بين 30 سم (12 بوصة) و100 سم (39 بوصة)، والتغير في درجات الحرارة من 0.05 إلى 0.1 درجة مئوية في أعماق البحار كافيا لإحداث تغييرات كبيرة في كثرة الكائنات والتنوع الوظيفي. يؤدي ارتفاع البحر بين 0.5 متر إلى متر خلال القرن المقبل إلى ابتلاع البحر لحوالي 30 بالمئة من مدينة الإسكندرية، كما أن مدينة بورسعيد هي الأخرى مهددة بأخطار مماثلة، وهذا الارتفاع في منسوب البحر، ستكون له عواقب خطيرة، حيث سيدمر تدميرا كاملا زراعات القمح والأرز وباقي الزراعات في دلتا مصر، كما سيؤدي إلى تلوث المياه الجوفية ومياه النيل بمياه البحر ويجعلها غير قابلة لا للزراعة أو للري.
السودان في اتون التصحر
بلغ مجموع المساحات المتصحرة في العالم حوالي 46 مليون كلم2، يخص الوطن العربي منها حوالي 13 مليون كلم2، أي حوالي 28 بالمئة من جملة المناطق المتصحرة في العالم، ويحتل السودان مرتبة متقدمة جدا بين البلدان التي تأثرت بالتغيير المناخي، وهو يعاني ما نسبته 51 بالمئة من مساحة البلاد من التصحر التام، وما يزال الخطر داهم بفعل التغيير المناخي.
النيل يغرق الدلتا
ستشهد مصر في عام 2020 تغيرات مناخية كبيرة يتوقع أن تؤدي إلى غرق 90 بالمئة من منطقة الدلتا (البالغة عشرة آلاف ميل مربع)، بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ونتيجة لذلك سيتم تهجير بعض سكان المدن الساحلية، وسينتج عن التغيرات المناخية اختفاء الشعب المرجانية بالبحر الأحمر (شَهِدَ البحرُ الأحمر ارتفاعا حادا في درجة حرارة مياهه منذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي بوتيرة أسرع من المعدلات العالمية، وفقا لدراسة حديثة نُشرت في دورية)، ونقص موارد المياه، وذلك بسبب التبخر السريع لمياه النيل، وبالتالي خفض موارد المياه العذبة، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تفاقم النقص الحاد الذي تعاني منه البلاد في مجال مياه الشرب والري وتوليد الطاقة الكهربائية.
الاردن… موت البحر الميت مرتين
أشارت الدراسات الى ان الهطول المطري للأعوام المقبلة في الأردن، سينخفض بنسبة 15 بالمئة، فيما سترتفع نسبة التبخر الى 3 بالمئة، مقابل ارتفاع الطلب على المياه لأغراض الزراعة الى 18 بالمئة، بالتوازي مع انخفاض كميات المياه المتاحة بحوالي 30 بالمئة، ونتيجة التغيير المناخي هبط منسوب المياه الجوفية في بعض مناطق حوض البحر الميت الى 52 مترا، وفي حوض الازرق 17 مترا، وصاحب هذا الهبوط ارتفاع في ملوحة المياه الجوفية نتيجة الاستخراج الجائر، حيث ارتفعت ملوحة المياه في بعض آبار حوض البحر الميت من 438 جزء بالمليون الى 685 جزءا بالمليون. ولقد ظهرت اثار التغير المناخي جلية على البحر الميت، حيث ان مستوى سطحه كان 390 مترا عام 1960 تحت سطح البحر، وقد وصل إلى 422 مترا في العام 2014، وانخفضت مساحته إلى 630 كلم2 بعد ان كانت 1020 كلم2 عام 1960.
سوريا… الحرب دمرت الغابة
تعتبر سوريا وبحكم موقعها الجغرافي (ضمن المناطق شبه الجافة) واحدة من البلدان الأكثر عرضة لتأثيرات التغير المناخي الحاصل على الكوكب، وقد تجلى ذلك في ظواهر مناخية لم تعرفها من قبل، تتمثل في انحباس الأمطار والجفاف والتصحر وحرائق الغابات والعواصف الرملية، وجفاف بعض الأنهار وانخفاض مستوياتها، وارتفاع معدلات درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. وتسبب هذه الظواهر ضغطاً على الموارد الزراعية وعلى موارد الطاقة بسبب ارتفاع درجات الحرارة و نقص فيمياه الري و المياه الصالحة للشرب. أيضاً أثر تغير المناخ في أنماط استعمالات الأراضي وسرع من وتيرة تدهورها، وزاد من مخاطر الجفاف وحدوث موجات الحر والعواصف الغبارية، إضافة إلى تداعيات على الصحة العامة والقطاعات الاقتصادية الأخرى والنظم البيئية الطبيعية. لقد نالت الحرب السورية من طبيعة البلاد الجميلة، حيث قام الارهابيون بقطع وحرق الغابات والأحراج والمحميات وأبراج المراقبة، وتعرض الغطاء النباتي في الغابات إلى التدهور بسبب عمليات التخريب التي تقوم بها المجموعات المسلحة، وطاولت الاعتداءات النباتات الحولية والمعمرة والنباتات الطبية والعطرية والتزيينية، ما أضر بالتنوع الحيوي واختفاء الكائنات الحية الحيوانية التي تقطن تلك الموائل.
لبنان نباتات غريبة تجتاح الجبل
الحرائق التي تلتهم آلاف الهكتارات من غابات لبنان وغطائه النباتي، يضاف إليها الرعي الجائر والتمدد العمراني والمقالع والكسارات والمرامل، وجمع النباتات الطبية لأغراض تجارية، كل ذلك ساهم بزيادة ظاهرة الاحتباس الحراري وتغيير المناخ في لبنان. لقد بدأت مفاعيل هذا التغير تظهر بوضوح في البيئة اللبنانية، حيث تفتحت ازهار الاشجار هذا العام باكراً بسبب الطقس الدافئ وتأخر قدوم الشتاء، وعاد فصل الربيع مبكرا. وتجتاح الطبيعة اللبنانية العديد من الزهور البرية الغريبة، وتكاد ينقرض كلا من سوسن صوفر والتوليب اللبناني وكذلك مئات الانواع من الحيوانات. كما ظهرت تأثيرات التغير المناخي على صحة المواطنين، منها ارتفاع في عدد الوفيات سببها تكرار موجات الحر والعواصف. كذلك ارتفاع في نسب بعض السرطانات مثل سرطان الجلد وبعض الأمراض الصدرية التي ترتبط بالغذاء.
توقع الاسوأ
في قمة المناخ التي انعقدت في كوبنهاغن في كانون الول (ديسمبر) عام 2009، تعهدت الدول الصناعية بتوفير 30 مليار يورو، لمساعدة البلدان النامية في مواجهة التغيرات المناخية على مدى الثلاث سنوات المقبلة، نتمنى أن تلتزم الدول بوعودها هذه المرة، وبانتظار نتائج قمة باريس حول المناخ نتمنى للطبيعة الام ان تستعيد عافيتها، الا ان هذا الأمر يحتاج إلى جهود جبارة مشتركة بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والافراد، لنرفع شعار يا سكان الارض اتحدو ليبقى كوكبنا اخضر.
Greenarea 23/10/2015
|
|