أخذت المؤشرات الاقتصادية وآثارها الاجتماعية بالتدهور في قطاع غزة منذ بدء الحصار الظالم في منتصف حزيران/يونيو 2007، حيث تم اعتباره منطقة معادية من قبل الحكومة الإسرائيلية في ايلول/سبتمبر من العام نفسه. وقد سمحت إسرائيل بإدخال 30 سلعة من أصل أكثر من 3000 كانت تدخل قطاع غزة، الأمر الذي أثر على كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية بصورة كبيرة.
شنت قوات الاحتلال العديد من الهجمات والاعتداءات على قطاع غزة وذلك في الاعوام "2008 – 2009" و2012، إلى جانب العدوان الراهن الذي بدأ في أوائل يوليو/2014 وما زال مستمراً إلى الآن .
حدث هناك تحولين فيما يتعلق بالحصار الأول بعد حادث اسطول الحرية الذي جرى في 1/5/2010 والذي قامت البوارج الحربية الاسرائيلية باستهدافه مما أدى إلى استشهاد 9 من المتضامنين الأتراك. وقد أدى ذلك إلى حراك سياسي ودبلوماسي بسبب الغضب الشعبي العالمي، مما أدى إلى موافقة حكومة اليمين المتطرف برئاسة نيتنياهو باستبدال قائمة المسموحات بالممنوعات، وقد تم تمرير ذلك عبر اللجنة الرباعية الدولية، وذلك في محاولة للتلاعب والالتفاف على المطالب المستمرة برفع الحصار عن قطاع غزة .
ورغم بهتان هذا القرار إلا أن ذلك ساهم بادخال العديد من المواد التي كانت ممنوعة، علماً بأن المواد الإستراتيجية اللازمة لعمليات البناء والاسكان والتشييد أي مواد البناء بقيت ممنوعة باستثناء ما ياتي لبعض المشاريع الخاصة بالمؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة وأبرزها "الاونروا".
جرى التحول الثاني عبر زيادة نشاط "الأنفاق" في رفح على الحدود المصرية الفلسطينية وقد ساهم ذلك وخاصة بالفترة ما بين 2010 حتى - منتصف 2013 بازدهار نشاط الانفاق بما في ذلك مواد البناء والمواد اللازمة لمشاريع التنمية في المجالات الصناعية والزراعية والخدمية والسياحية، لدرجة وصل معها معدل مواد البناء الموجودة في اسواق القطاع حوالي والتي تاتي عبر الانفاق الـ70%. وقد ساهم ذلك في ازدهار قطاع الانشاءات والمباني وتم تنفيذ بعض مشاريع البنية التحتية والطرقات خاصة انه تزامن مع عدد من المشاريع المقدمة من بعض البلدان العربية أبرزها المشروع القطري بمبلغ 450 مليون دولار اميركي إلى جانب المشاريع الانسانية الاخرى المقدمة من الامارات والسعودية وتركيا والتي كانت تشمل بناء مستشفيات وعيادات ومدارس ... إلخ .
رغم أهمية التحوليين المذكورين أعلاه إلا أنهما لم يساهما في إحداث اختراق أساسي فيما يتعلق بالحصار الذي استمر وادى، إلى جانب الهجمات والعدوان، إلى النتائج الاقتصادية والاجتماعية التالية :-
1. استمرار ارتفاع معدلات الفقر بنسبة 38% "للفقر الشديد" والبطالة بنسبة 45% من حجم القوى العاملة.
2. اعتماد حوالي 70% من المواطنين على المساعدات الاغاثية التي تقدمها الاونروا وغيرها من وكالات الاغاثة الدولية والمحلية.
3. استمرار أزمة المياه من حيث النقص والملوحة، إلى جانب أزمة الصرف الصحي الذي لا يخضع إلى معالجة ويصب بكميات كبيرة بالبحر الأمر الذي ساهم في تلوثه.
4. أصبح هناك 57% من المواطنين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
5. تراجع القطاع الزراعي وبالتالي انخفاض مساهمته بالناتج المحلي الاجمالي، حيث انخفض عدد العاملين به من 60 الف إلى 28 ألف.
6. تراجع مساهمة القطاع الصناعي، حيث اغلق بسبب الحصار حوالي 3500 مصنع وورشة من اصل 4000 بسبب انقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة ونقص المواد الخام اللازمة لتشغيلها. الأمر الذي أدى إلى انخفاض عدد العاملين بالقطاع الصناعي من 50 الف إلى 20 الف عامل علماً بأنه تم ضرب وتدمير المنطقة الصناعية في عدوان 2008 – 2009 والتي كانت تقع في منطقة ايرز، حيث كانت تشغل حوالي 8000 عامل.
7. محدودية التصدير الذي لا يتم إلا بصورة موسمية وبما يخدم مصلحة شركة التصدير الاسرائيلية عبر استغلال مزارعي التوت الأرضي والزهور.
العدوان الراهن وآثاره الاقتصادية :-
في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها أبناء القطاع جاء هذا العدوان المستمر حتى الآن ليعمق ويفاقم من حدة الازمة إلى حد يمكن اعتباره بالكارثة.
قامت قوات الاحتلال بقصف العديد من المستشفيات والبنية التحتية والمنازل وآبار المياه ومحطة تشغيل الكهرباء. كما مارست سياسة الارض المحروقة، خاصة بالمناطق الشرقية والشمالية من قطاع غزة الأمر الذي أدى إلى النزوح القسري الداخلي لحوالي 450 ألف من سكان تلك المناطق، تم استيعاب نصفهم تقريباً في مدارس الايواء التابعة للأونروا والنصف الآخر تم استيعابه لدى ذوي واقارب العائلات المشردة.
تم تدمير حوالي 6000 منزل بصورة كلية و25 ألف بصورة جزئية، 5000 منها غير صالح للسكن وبحاجة إلى اعادة تأهيل.
كما تم تدمير الاراضي الزراعية واستهدفت بصورة منهجية ومدروسة، مما سبب الخسائر الكبيرة لهذا القطاع بما يتضمن مشاريع الثروة الحيوانية حيث نفقت نسبة كبيرة من المواشي، وقد قدرت الخسائر المباشرة لهذا القطاع بحوالي 200 مليون دولار اميركي.
وتم تدمير حوالي 195 ورشة ومصنع بصورة كاملة والمئات بصورة جزئية، الأمر الذي أدى إلى تسريح حوالي 12500 عامل كانوا يعملون بتلك المصانع والورش، فأصبحوا عاطلين عن العمل.
وقامت قوات الاحتلال باحداث تخريب منهجي ومقصود بالبنية التحتية والطرقات والمنتزهات العامة، بحيث تم ضرب شبكة الاتصالات ومحطة الكهرباء، وعدة آبار للمياه، كما تم استهداف وضرب سيارات الاسعاف، والمستشفيات، ومحطات الصرف الصحي، والمساجد، وسيارات البلدية، وذلك بهدف خلق آثار صحية وبيئية واجتماعية ذات طبيعة كارثية ضاغطة على بنية المجتمع الفلسطيني الصامد.
تقديرات الخسائر :-
هناك اجتهادات وتقديرات كثيرة حول حجم الخسائر الاقتصادية سواء من خلال بعض المؤسسات الاقتصادية التابعة للقطاع الخاص أو من بعض الخبراء الاقتصاديين أو مؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني. إلا أن كل ذلك يبقى في حدود الاجتهاد، الأمر الذي يستلزم قيام لجنة حكومية مركزية لانجاز مهمة حصر الأضرار وتحديد الخسائر بصورة أكثر دقة وعلمية. ولعل واحدة من التقديرات حول حجم الخسائر والتي تحتاج إلى مزيد من التدقيق، تتراوح بين 4 و6 مليار د.أ. وذلك إذا ما حسبت الاضرار في كافة المرافق والقطاعات الاقتصادية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: "البنية التحتية، الطرق، المنازل، الزراعة، المياه، الصرف الصحي، الصناعة والحرف، البنوك والمصارف، السياحة، الخدمات"، وبذلك تقدر الخسائر كمعدل يومي خلال الـ30 يوماً من العدوان بين 150 و200 مليون د.أ علماً بأن العدوان ما زال مستمراً .
إعلان غزة منطقة منكوبة :-
بناءً على الكارثة التي ما زالت مستمرة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بأبعادها البيئية والصحية وبالاستناد إلى أزمة اللجوء القسري الداخلي وازدحام مدارس أماكن الإيواء وتدمير القطاعات الزراعية والصناعية والمنشآت والبنية التحتية والمنازل والمنتزهات والمساجد وشبكات المياه والكهرباء، فقد تم إعلان قطاع غزة منطقة منكوبة من قبل القيادة الفلسطينية وعليه طُلب من الأمم المتحدة التصرف على هذه القاعدة وتوفير كافة التسهيلات والآليات والتدخلات اللازمة لوقف العدوان ومنع استمرار حالة التدهور بالأوضاع الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية الحادة على بنية المجتمع.
إن هذا الإعلان يتطلب التدخلات التالية:-
- توفير ممرات إنسانية سريعة ومحمية.
- مستشفيات وغرف عمليات متحركة وسريعة الدخول.
- توفير أماكن عاجلة ومحمية لإيواء المهجرين قسرا.
- توفير ملاجئ أو أماكن محمية دولياً للسكان علماً بأن الاحتلال استهدف مدارس الإيواء التابعة للأونروا في العديد من المرات.
- معالجة الأمراض التي قد تنشأ بسبب استمرار وجود بعض الجثث تحت الانقاض والقمامة بالشوارع.
- إجراءات عاجلة وسريعة لحل مشكلة نقص المياه حيث ان 85% من سكان القطاع لا تصلهم المياه الأمر الذي سينعكس سلباً على النظافة والصحة والبيئة.
- توفير أماكن آمنة للنفايات ومعالجتها حتى لا تتراكم بالشوارع وتؤدي إلى تفشي الأمراض.
- توفير الأغذية والأدوية للمواطنين حيث يشهد القطاع نقصاً حاداً في المواد الغذائية والطبية.
إن التدخلات العاجلة الواردة اعلاه يجب ان ترتبط بالبعد القانوني لاعلان قطاع غزة منطقة منكوبة، حيث يجب ان يترتب على ذلك تحميل اسرائيل كدولة احتلال المسؤولية الجنائية المباشرة وراء هذه الكارثة، حيث ان استهداف الاقتصاد والبنية التحتية يعتبر من جرائم الحرب التي يجب تحميل اسرائيل المسؤولية المباشرة تجاهها.
التعويضات عن الخسائر :-
بعد عدوان 2008 -2009 عقد مؤتمر في شرم الشيخ برعاية وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك هيلاري كلينتون، تم التعهد به بمبلغ 5.4 مليار د.أ، إلا أنه و بسبب الانقسام وعدم الاتفاق على هيئة مشتركة لاستلام الأموال، فقد بقيت الأموال قيد التعهد وتم تحويل جزء يسير منها إلى الجامعة العربية. الأمر الذي ادى إلى عدم تنفيذ عملية اعادة الاعمار، حيث مازالت العديد من الاسر غير معوضة رغم وجود بعض البرامج المحدودة التي نفذتها منظمات غير حكومية دولية وأخرى تابعة للأمم المتحدة، إلا أنها لم تكن تغطي حجم الاضرار البالغة التي احدثها العدوان آنذاك.
وبعد عدوان 2012، توارد الحديث من جديد عن مهمة اعادة الاعمار دون ترجمة عملية بسبب استمرار حالة الانقسام والحصار، ومحدودية مواد البناء ذات الطابع الاستراتيجي واستمرار منعها من الدخول إلى القطاع. يدور الحديث الآن عن عقد مؤتمر دولي للمانحين بالنرويج في بداية سبتمبر2014، بهدف الشروع في عملية اعادة الاعمار.
الفرصة ستكون مواتية اكثر من المرات السابقة إذا تم فك الحصار والسماح لمواد البناء والمواد الخام بالدخول إلى قطاع غزة، وإذا استمرت حكومة الوفاق الوطني التي يجب أن تتولى المسؤولية إزاء ذلك.
الحاجة إلى هيئة مستقلة لإدارة عملية البناء واعادة الاعمار:-
ولعل المدخل الانسب باتجاه عملية اعادة الاعمار يكمن في تشكيل "هيئة مستقلة" يرأسها وزير ويتكون مجلس إدارتها من ممثلين عن كل من الحكومة والمنظمات الأهلية والقطاع الخاص للشروع في عملية اعادة الاعمار على قاعدة علمية ومنهجية ومدروسة، تأخذ بعين الاعتبار ثلاثة محاور متداخلة ومترابطة :-
1. الاغاثة والتدخل الانساني الطارئ.
2. اعادة التأهيل وتجهيز التربة والارضية.
3. اعادة الاعمار والتنمية.
المقترحات الطارئة :-
دفعت فظاعة العدوان وانعكاساته السلبية على كافة مناحي الحياة بالسلطة الى لاعلان قطاع غزة منطقة منكوبة. وعليه، على التدخلات الطارئة من قبل السلطة والمنظمات الدولية غير الحكومية وتلك التابعة للأمم المتحدة ان تسير على قاعدة هذا الاعلان بما يتضمن التحرك الفاعل والدينامي والسريع لمعالجة آثار العدوان على القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة والتي يمكن تحديدها بالتالي:-
1. الإيواء والسكن :-
لقد جرى تدمير حوالي 6000 منزل بصورة كاملة، و5000 بصورة جزئية غير صالحة للسكن وتحتاج إلى اعادة تأهيل، بالإضافة إلى 25 الف منزل بصورة جزئية، الأمر الذي يستلزم التحرك الفوري لحل مشكلة الأيواء. إذ يعيش في مدارس الأونروا حوالي 220 الف نسمة من المهجرين الذين شردوا بصورة قسرية من الحدود الشرقية والشمالية من قطاع غزة وخاصة من مناطق الشجاعية وخزاعة وبيت حانون وبيت لاهيا.
ويذكر ان المنازل التي دمرت بحاجة إلى مزيد من الجهد لانتشال الجثث من تحت الانقاض حيث ما زالت بعض الجثث موجودة في ظل ضعف ومحدودية امكانيات التنقيب والبحث. كما ان تلك المنازل بحاجة إلى تنقيب عن الالغام والمتفجرات غير المنفجرة والتي قد توقع ضحايا بين المواطنين إذا لم يجر التخلص منها بصورة سريعة. وهذا يتطلب تدخلات طارئة وتوفير الايواء للمواطنين من خيم أو كرفانات سريعة التركيب او استئجار بعض الشقق لإيواء المهجرين بصورة مؤقتة.
2. الصحة :-
لقد تم قصف العديد من المستشفيات والعيادات الطبية وسيارات الاسعاف والاطقم العاملة بها، وتم اخراج بعض المستشفيات من الخدمة جراء الاضرار الكبيرة التي لحقت بها بسبب القصف الاسرائيلي.
إن الخسائر البشرية هائلة؛ حيث استشهد حتى الآن أكثر من 1900 شهيد وسقط أكثر من 9000 جريح. ما أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية التي كانت اصلا موجودة قبل العدوان وتضاعفت أثناء العدوان في ظل نقص الأدوية والمستهلكات الطبية ونقص السولار والكهرباء الأمر الذي عمق من هذه الأزمة بصورة كبيرة.
كما أن عدم القدرة على انتشال بعض الجثث واستمرارية وجود بعض المتفجرات التي لم تنفجر بعد سيسبب مزيداً من المآسي إذا لم يتم التدخل الفوري لانتشال الجثث وإزالة الألغام والمتفجرات، الأمر الذي يستلزم تواجد خبراء بصورة عاجلة للتخلص السريع منها.
إن اعتبار قطاع غزة منطقة منكوبة يجب ان يترجم بصورة أساسية في المجال الصحي عبر توفير ممرات إنسانية عاجلة لنقل الجرحى، والتنقيب السريع عن الجثث تحت الأنقاض وتحريك العيادات المتنقلة المدعمة بالأطباء للقيام بعلاج المصابين والجرحى، وازالة الاجسام غير المنفجرة.
3. المياه والصرف الصحي :-
ضرورة الضغط على إسرائيل لإزالة الحواجز على الحدود الشرقية والشمالية من القطاع والتي تحول دون انسياب مياه الأمطار إلى الآبار الجوفية للقطاع. فانسيابها سيساهم في حل جزئي لمشكلة المياه بالقطاع. إن معالجة هذا الموضوع تتطلب تدخلات من نوع اخر مثل زيادة عدد محطات تحلية المياه ومعالجتها في المناطق الزراعية في قطاع غزة، إلى جانب أهمية معالجة مياه الصرف الصحي التي تصب في البحر، حيث ان عدم معالجتها أدى الى زيادة الجراثيم في البحر حيث أعلنت وزارة الصحة انه اصبح منطقة موبوئة وممنوعة من السباحة.
ليس من المناسب التسرع في تنفيذ مشاريع لتحلية مياه البحر، حيث ان لذلك آثار سلبية عديدة من حيث انها تضر بالبيئة وتقتل الأسماك، إلى جانب الضوضاء الشديدة التي ستحدثها. بالاضافة إلى أنها تحتاج إلى مادة السولار لتشغيل الكهرباء بكميات هائلة وبتكلفة عالية تفوق قدرة المواطن البسيط على توفيرها، ما قد يؤدي الى خصخصة المياه، وهذا ما قد يؤدي الى المزيد من الفقدان العدالة، علماً بأن اسرائيل ستستغل انشاء محطة لتحلية مياه البحر، لاضعاف مطالب شعبنا بحقه بالمياه بوصفها جزء من الموارد والثروات الوطنية.
4. الكهرباء
قصفت اسرائيل محطة الكهرباء الوحيدة العاملة في قطاع غزة، وهذا يتطلب حلول استراتيجية تخرج سيطرة اسرائيل عليها من المجتمع الدولي أو الزام اسرائيل بتوفير ضمانات لعدم ضرب محطة التشغيل إلى جانب بناء محطات اخرى و الانضمام إلى المشروع الاقليمي للكهرباء، بما يحرر القطاع من السيطرة الاسرائيلية عليه من خلال التحكم بمادة السولار.
5. البنية التحتية والمنشآت :- إذا استقرت الأوضاع فالقطاع بحاجة إلى مشاريع هائلة للبنية التحتية التي لحق بها تدمير كبير من خلال استهداف العديد من الطرق والأماكن العامة ومحطات المياه والصرف الصحي والمنتزهات فقد تم استهداف الشوارع والارصفة ولحق ببعضها الضرر بصورة كلية والأخرى بصورة جزئية.
قبل العدوان كان العديد من الطرق بحاجة إلى اصلاح فلم يتم استكمال المشروع القطري. ومن الهام حاليا اعادة رصف العديد من الشوارع المدمرة، وبناء طرقات وشوارع جديدة تساهم في توفير بنية تحتية فاعلة تساعد على تسهيل الحركة للسيارات والشاحنات.
إن تدمير 6000 منزل بصورة كاملة و5000 بصورة جزئية بحاجة إلى اعادة تأهيل إلى جانب 25 ألف تدمير جزئي بحاجة إلى اصلاح ، يتطلب خطة وطنية شاملة لاعادة بناء المنازل المدمرة سواءً بصورة كلية أو جزئية والعمل على بناء مدن سكنية جديدة لاستيعاب الكثافة في عدد السكان.
إن هذه المقترحات تتطلب توفير مواد البناء وفي المقدمة منها الاسمنت والحديد والحصوة وبدون انسيابها بصورة دينامية وفاعلة لا يمكن تحقيق تلك المتطلبات.
6. الميناء :-
ستساهم الميناء في فتح فرص عمل كبيرة وسيتولد حولها العديد من الورش والمشاريع التي يتطلبها تشغيل الميناء. ستعمل الميناء على خلق الترابط ما بين اقتصاد قطاع غزة وبين العالم. ولكن هذا يعتمد على درجة التدخل الاسرائيلي، لذلك فالمطلوب توفر الاشراف الدولي للحؤول دون تدخل إسرائيلي ما قد يفعل الحركة عبر الميناء تصديراً واستيراداً والتحرر من التبعية للاقتصاد الاسرائيلي، وسينعش الاقتصاد.
7. الزراعة :-
يحتاج قطاع الزراعة تدخلات سريعة من خلال إزالة الالغام وبلورة صندوق لتعويض المزارعين عن الاضرار والخسائر، وتنفيذ مشاريع لإعادة تأهيل الاراضي الزراعية واستثمار المنطقة محظورة الدخول إذا ما تم انسحاب قوات الاحتلال عنها بالاضافة إلى إعادة بناء وتأهيل الحمامات الزراعية وصيانة الآبار والعمل على ترميم البعض منها خاصة ما هو قابل للتأهيل وكذلك انشاء محطات لمعالجة المياه التي يمكن استخدامها للري.
كما يحتاج تطوير القطاع الزراعي إلى برامج تطويرية في مجال الزراعات الصناعية وذلك لاحتياج السوق المحلي وكذلك للتصدير. على أن يتم عبر شركة فلسطينية أو فلسطينية عربية بعيداً عن سيطرة شركة التصدير الاسرائيلية.
من الهام الاهتمام بقطاع الثروة السمكية، والعمل على زيادة الاستثمار به وتنميته وتطويره عبر اصلاح القوارب التي دمرت وانشاء قوارب جديدة وتزويد الصيادين بأدوات ووسائل جيدة وحديثة وكذلك العمل على انشاء مصانع لتعليب الاسماك وخاصة السردينة وذلك لأهداف التصدير وكذلك توسيع المياه الاقليمية التي يحتاج اليها الصيادون لزيادة المحاصيل
8. الصناعة :-
من الهام حصر الأضرار بصورة دقيقة، حيث يدور الحديث عن تدمير 195 مصنع بصورة كاملة ومئات المصانع بصورة جزئية، الأمر الذي يتطلب التدخل العاجل لتعويض أصحاب المصانع المدمرة وإعادة تأهيل البعض الاخر
إن انشاء منطقة صناعية يشكل ضرورة حيوية خاصة بعد تدمير المنطقة الصناعية أثناء عدوان 2008– 2009 قرب حاجز أيرز.
9. الأوضاع الاجتماعية والنفسية :-
لم يكن الهدف من توسيع حجم الدمار عبر القصف الجوي والبري والبحري بكميات هائلة من الصواريخ تدمير البنية التحتية والمنشآت والمرافق الانتاجية والاقتصادية فحسب، ولكن كان يهدف ايضاً إلى زرع الرعب في صفوف المواطنين. لقد كان الأطفال الاكثر عرضة للصدمة الناتجة عن حجم العدوان والدمار الهائل.
لمعالجة ذلك، لا بد من تنفيذ برامج للتدخل الطارئ والسريع ذات طبيعة نفسية واجتماعية بهدف اعادة تأهيل هذه الشريحة المهمة نفسياً وثقافياً في مواجهة المخططات الاحتلالية لبناء جيل متماسك صلب مؤمن بحقوقه وقضيته العادلة.
وبالاضافة الى مسؤولية المجتمع الدولي بمعالجة تداعيات وتبعات العدوان، إلا أن ذلك لا يلغي ضرورة مطالبته بالضغط على اسرائيل كدولة احتلال وبوصفها المسبب الرئيسي للكارثة بأن تدفع استحقاقات العدوان وعدم اعفائها من ذلك إلى جانب توفير ضمانات دولية للجم أية اندفاعات وحماقات لاحقة لقوات الاحتلال تجاه قطاع غزة .
إن عملية اعادة الاعمار تشترط توفر شرطين:-
- إنهاء الحصار والسماح بادخال المواد الخام ومواد البناء
- استمرار حكومة التوافق الوطني والاتفاق على تشكيل هيئة مستقلة لإدارتها
تكمن أهمية فكرة الهيئة المستقلة بأنها تعزز المشاركة وتوفر معايير عادلة لإيصال الخدمة لمستحقيها بكل شفافية ونزاهة. على ان تخضع لآليات الرقابة سواءً عبر المجلس التشريعي أو هيئة الرقابة العامة.
"إن كل ما سبق ذكره من تدخلات عاجلة وطارئة يرتبط بالآفاق الانتاجية والتنموية ويتوقف على القدرة على انهاء الحصار. إن تأسيس الميناء والمطار والممر الآمن مع الضفة الغربية تفتح آفاقا واسعة لاعادة تأهيل وبناء واعمار قطاع غزة ".
المصدر:
Arab NGO Network for Development <mailinglist@enewsletter.annd.org>
|