قضية
علوني: أزمة
ضمير قضائية
في إسبانيا
د.
فيوليت داغر
تسلمت
اللجنة
العربية
لحقوق
الإنسان
باللغة
الإسبانية أهم
ما ورد في التصويت
الخاص Voto particular من
القاضي
يواكان
جيمنيث
غارسيا، أحد
أعضاء
المحكمة
الإسبانية
العليا، حول
نص الحكم
الصادر على
تيسير علوني الذي
سلم لمحاميه
قبل يومين. وبغض
النظر عن
المكان
المتميز الذي
خصص للصحفي
العربي
الإسباني
علوني، هناك
إعلان
ببراءته من
التهم
الموجهة إليه،
وبالتالي
ضرورة إطلاق
سراحه فورا.
بداية، أود
التنويه
بموقف هذا
القاضي النزيه
وأقف أمام
شجاعته
الأدبية
إجلالا. لقد عرف
أن يؤمن نفسه
من الانجراف
مع التيار
الذي جعل
الكثيرين
يكفرون
بالقضاء
الإسباني
وباستقلالية
السلطة
القضائية عن
السلطة
التنفيذية. فالعديد
من المواطنين
العرب كانوا
يعتقدون في
بداية قضية
علوني
بديمقراطية
مؤسساته
وكانوا يضعون
تساؤلات
كبيرة حول
مبررات
دفاعنا عن
تيسير. فهل
لأننا نفتقد
مثل هذه
المواقف في
ضمير القضاة
في الدول
العربية، خاصة
عندما يتعلق
الأمر بقضايا
الإرهاب، كان
لا بد من تصور
شيء مغاير في
الدول التي
تسمى
بالديمقراطية؟
لكن
هل هي في
الواقع
ديمقراطية
فعلا، خاصة عندما
نجد أنفسنا
أمام ندرة مثل
هذه الموقف،
وبما يؤكد المسيرة
البطيئة
لاستقلال
القضاء في
إسبانيا بعد
مصائب
دكتاتورية
فرانكو؟ هذه
الوضعية ليست
بالتأكيد
صحية ولا بد
أن تتعافى
مؤسسات هذا
البلد سريعا
من الشوائب التي
علقت بها، حتى
بعد سنوات
طويلة من رحيل
الدكتاتور
وخاصة مع
نهاية حقبة
الصراع
المسلح مع منظمة
إيتا التي
أوقفت إطلاق
النار من جانب
واحد وبشكل
نهائي. بقي أن
تتحمل الطبقة
السياسية
الإسبانية
مسؤولية ما آل
إليه الوضع. ولا
أعني بهذه
الطبقة وبكل
صراحة،
الإدارة السياسية
الحالية
بالضرورة. فهي
ربما أيضا
تعاني من
موروثات من
سبقها، وتبحث في
هذا المثل
بالتحديد عن
طريقة ما لإقفال
ملف تعرف بأنه
فارغ مع حفظ
ماء الوجه
لسمعة البلاد.
لكن
هل لنا أن
ننتظر من
السلطات
السياسية، التي
عرفت أن تأخذ
موقفا جديرا
بالاحترام من
التدخل في
العراق، أن
تفعل الشيء
نفسه هنا
وهناك استشراس
من خصومها
يتهمها بكل
موبقات
التواطؤ مع
الإرهاب؟ ثم وفي
الوقت نفسه
ننشد استقلالية
القضاء ؟ لذا
لن أجد بداً،
بعد أن تابعت
عن كثب قضية
الأخ والزميل
تيسير علوني، من
مخاطبة
القضاء
الإسباني
بعينه. وأقصد
بالقضاء
الإسباني
الآن المحكمة
الدستورية،
التي أناشدها
وضع حد لهذه
المأساة التي
طال أمدها
والتي طالت،
ليس فقط
الضحايا
وعائلاتهم
ومن لف لفهم،
ولكن أيضا
سمعة القضاء
الإسباني.
النائب العام
يعاني من أزمة
ضمير، وأحد
القضاة يسجل
في تقرير طويل
وجهة نظر مغايرة
تماما للحكم تعلن
براءة علوني. وهو يصر
على تسجيل
عناصر رأيه
المخالف حتى
لا يدفع ثمن
قرار قضاة
اختارتهم يوما
حكومة أزنار
وحزب الشعب.
هذا الحزب
الذي خسر
السلطة
والشعبية
بسبب سياسة
رئيس الوزراء
السابق الذي
نهج على نسق طوني بلير
وبرلسكوني
موقفا مؤيدا
وداعما
للسياسة
الأمريكية.
موقف يؤجج
كلما استطاع
الخوف من
المسلمين في
أوربة والخوف
من الإرهاب
لإضعاف
الحكومة
الاشتراكية
الحديثة.
أذكّر
هنا بمحاولته
إنزال مظاهرة
مليونية في
السادس من
حزيران 2006 في
مدريد. خطوة
لم تنجح تماما
لكنها استنفرت
قرابة 150 ألف
شخص في
العاصمة
الإسبانية
للتعبئة ضد
الإرهاب
المنسوب لإيتا
وللعرب بآن.
لقد كانت
الشعارات
وبعض
اليافطات
مليئة بالشوفينية
والعداء لأية
مصالحة وطنية
في إسبانيا تنهي
كل أشكال
العنف
السياسي. ووصل
الحال لاتهام
رئيس الوزراء
الحالي، عبر أحد
المتحدثين في
المظاهرة،
بالتواطؤ مع
جماعات عربية
لتنظيم أحداث
11 آذار
الإرهابية في
إسبانيا.
والهدف كما
يفترض هذا
المتحدث نجاح ثاباتيرو
في الانتخابات
وتسلمه
السلطة.
جو محموم
وموبوء كهذا
ليس من الغريب
أن يوظف فيه
ملف الإرهاب
في ألاعيب
سياسية رخيصة.
لكن هناك جالية
عربية ومسلمة
تدفع الثمن وصنوف
تعذيب في
السجون وأحكام
بحق أبرياء
بتهم الإرهاب
أو التعاون
معه. فهل يحق
لمواطني هذا
البلد
ومثقفيه وصحافته
إغماض العين
عما يجري والاستمرار
في هذه اللعبة
الخطيرة؟ أم سيكون
للمحكمة
الدستورية
كلمة مغايرة،
كلمة الفصل في
قضية شخص
ومجموعة مواطنين
من أصل عربي
ومسلم يدفعون
ثمن زمن ردئ
مع سبق
الإصرار
والتصميم وهم
براء؟
المحكمة
الدستورية
تُعدّ
المحكمة الدستورية
الهيئة القضائية
الأكثر مقاما
في اسبانيا.
يُنظر إليها
على أنها حارس
الحقوق والحريات
الدستورية.
ذلك باعتبار
أن الدستور
يكرّس قواعد
الإجراءات الجنائية
(المعارضة، حق
التزام
الصمت، منع
إجبار المتهم
على الاعتراف
على نفسه، القواعد
المتعلقة
بالدليل
الإجرائي،
ضرورة
المحاكمة
العادلة،
احترام حقوق
الدفاع وقرينة البراءة). من المهام
التي تتولاها
هذه الهيئة
القضائية،
منذ إنشائها
عام1981،
مساعدة
السلطة
القضائية على
تطبيق
القوانين
وفقا لما ينص
عليه الدستور
شكلا
ومضمونا. وقد
سبق وأمرت المحكمة
الدستورية
من خلال قرار
رقم 245/1991
بإطلاق سراح
مسجونين
بموجب حكم صدر
نتيجة إجراءات
اعتبرتها
المحكمة
الأوروبية
لحماية حقوق
الإنسان
مخالفة
للاتفاقية
الأوروبية لحماية
حقوق الإنسان.
تبّين المادة 159 في الباب
التاسع تحت
عنوان "المحكمة الدستورية"
من
القانون
الأساسي
المتعلق
بالمحكمة
العضوية ما
يلي:
1. تتكون
المحكمة
العضوية من
اثني عشر عضوا
يعّينهم
الملك، يقترح
الكونغرس
بأغلبية 3/5 من
أعضائه أربعة
منهم، ومجلس
الشيوخ يقترح
بنفس
الأغلبية
أربعة آخرين،
والحكومة
عضوين اثنين، ونفس
العدد يقترحه
المجلس العام
للسلطة
القضائية.
2. يُعيّن
أعضاء
المحكمة الدستورية
من القضاة
والوكلاء
وأساتذة
الجامعة والموظفين
العموميين
والمحامين،
ممن مارسوا
مهنتهم منذ
أكثر من عشرين
سنة. وبذلك
يصبح كلهم
قانونيين يتمتعون
باختصاص
معترف به.
3. يُعيّن
أعضاء
المحكمة الدستورية
لمدة تسع
سنوات يتم
بعدها
تجديدهم
بالثلث كل
ثلاث سنوات.
4. يتعارض
شرط أعضاء
المحكمة الدستورية
مع كل تفويض
نيابي وكل
وظيفة سياسية
أو إدارية
وممارسة مهام
التسيير داخل
حزب سياسي أو نقابة
والعمل فيهما
وممارسة مهام
القضاة والوكلاء
وكل نشاط آخر
مهنيا كان أم
تجاريا. عدا ذلك،
لأعضاء
المحكمة الدستورية
نفس حالات
التعارض
المفروضة على
أعضاء السلطة
التشريعية.
5. إن
أعضاء
المحكمة الدستورية
مستقلون ولا يمكن
عزلهم طيلة
عهدتهم".
وتضيف
المادة 161 في
الفقرة
الأولى أن هذه
"الهيئة
القضائية
العليا" تمارس اختصاصها
على كامل التراب
الاسباني و(...) تضمن حق الطعن الفردي
للحماية من انتهاك
الحقوق والحريات
المنصوص عليها
في المادة 53 من الدستور. كما وتُعد قراراتها
نهائية بالنسبة
للجميع.
يمكن
للقاضي أو المحكمة،
في نظام
القضاء الدستوري
الاسباني، أن
يطرح مسألة
عدم الدستورية،
عندما يقدّر
حزب ما،
تلقائيا أو بمبادرة
منه، أن
القاعدة التي
ترقى إلى
القانون
وتُطبق في
النزاع، يمكن
أن تتعارض مع الدستور.
وتسمح المادة 163
للقاضي
العادي
باللجوء
للهيئة القضائية العليا
إذا ما شك في دستورية
القانون. وبفضل عرض
مسالة عدم الدستورية، أصبح
دور القضاة
والمحاكم
العاديين، الذين
يحللون
القانون من
حيث الدستورية، بطريقة ما،
قريبا من
الناحية
الوظيفية للنموذج
الأنجلو-سكسوني
والمراقبة
الخاصة بدستورية القانون.
لا يحمي
طعن Amparo إلا عددا
محدودا من
الحقوق
والحريات، خصوصا
تلك المذكورة
في المادتين 14 و19 من
الدستور. وقضت
المحكمة الدستورية في أحد
قراراتها انه
لا يمكن الأخذ
بعين
الاعتبار، خلال
طعن Amparo ، أحد
أحكام
الاتفاقيات
الدولية التي
صادقت عليها
اسبانيا. وفي
عام 1989،
ظهرت هذه
المحكمة
وكأنها في
حِلّ عن ضمان
الاستعمال
الصائب
للقوانين
الأوروبية
والدولية. إذن، وحدها
القوانين الدستورية صحيحة
لإقامة الطعن.
بعد
هذا
الاستعراض
السريع
للمحكمة التي
سيقدم إليها
الطعن، تفرض
الأسئلة
التالية نفسها:
أليست قضية
هؤلاء الأسبان
المسلمين من
أصل عربي
مشمولة
بمخالفة
صريحة للمادة
14 من الدستور
الإسباني حول
التمييز؟ لماذا
لم يعتقل
إسباني
كاثوليكي أو
يهودي أو ملحد
واحد لأنه
قابل قيادة
منظمة
إرهابية إسبانية
أو دولية؟
لماذا لم
يحاسب إسباني
واحد على
ذهابه إلى
البوسنة؟
المحكمة
الدستورية
اليوم أمام
خيار صعب.
فكما اختلف من
قبل القضاة في
تقدير التهمة
والبراءة في
قضية ما
تعارفوا على
تسميته بخلية
القاعدة الإسبانية،
ملف تيسير
يواجه اليوم
من جديد أزمة
ضمير في القضاء.
قضاء
يخضع لضغوط
بعض الصحف
التي تعيش من
الفضائح ولحزب
سياسي يبغي مع
تراجع شعبيته
استعادتها بتجارة
الخوف من
العرب
والمسلمين.
فحتى متى سيبقى
هذا الآخر
الخبز اليومي
الذي يعتاش
عليه
المأزومون ؟
--------------------
رئيسة
اللجنة
العربية
لحقوق
الإنسان
القدس
العربي 21/6/2006