حق
الأسرة في
التعليم و في
اختياره إشكالية
الاختيار و
الإلزام من
منظور
القانون
الدولي لحقوق
الإنسان المصطفى
صوليح
أشكركم ،
و أستسمحكم في
أن أتناول هذا
الموضوع
الإشكالي من
خلال المفاصل
التساؤلية
التالية : ـ ما
حقوق الأسرة
المنصوص
عليها في صكوك
القانون
الدولي و ما
آليات حماية
هذه الحقوق و ما
النقط
الخلافية
فيها ؟ ـ ما
موقع الحق في
التعليم ضمن
هذه الحقوق و
آلياتها و تلك
النقط ؟ ـ هل
الأمر يتعلق
باختيار
الأسرة
لتعليم أبنائها
أم هي ملزمة
بذلك ؟ و كيف
ييسر القانون الدولي
ذا الصلة حل
هذه
الإشكالية ؟
ثم كيف يفعل
ذلك ؟ ـ و
أخيرا ، ما
مدى استجابة
السياسة
التعليمية في
بلادنا
لمقتضيات
المادة 14 من
العهد الدولي
المتعلق
بالحقوق
الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية و
لتوضيحات
اللجنة
المعنية بهذه
الحقوق في
دورتها العشرين
( 1999 ) الخاصة
بخطط العمل من
أجل التعليم
الابتدائي ؟
1 ـ حقوق
الأسرة كما هي
منصوص عليها
في صكوك القانون
الدولي لحقوق
الإنسان : لن
أهتم هنا
بالتباينات
الفقهية و
القانونية
حول مفهوم
العائلة ، و
ذلك لأن
الشرعة الدولية
لحقوق
الإنسان قد
يسرت
المأمورية
أمام الجميع
حين أقرت بأن "
الأسرة هي
الوحدة
الطبيعية الأساسية
للمجتمع و لها
حق التمتع
بحماية المجتمع
و الدولة " (
البند 03 من
المادة 16 من
الإعلان العالمي
لحقوق
الإنسان 1948 ) .
و
لن أهتم كذلك
بالتباينات
الأخرى حول
مستويات و
مكونات
الأسرة ،
فالصكوك
الدولية
التالية لهذه
الشرعية و
المتفرعة
عنها قد ركزت
بالغ انشغالاتها
على المرأة و
الطفل
لكونهما أضعف
أفراد الأسرة و
أكثرهم تعرضا
للأذى ، و
أسرعهم تأثرا
بهذا الأذى . و
هكذا ،
فبالإضافة
إلى إعلانات
الجمعية
العامة للأمم
المتحدة
المناهضة
للتمييز ضد
المرأة و
إعلان بكين الصادر
عن المؤتمر
العالمي
للمرأة
المنعقد في 1995
،،، تم إقرار
عدد آخر من
الاتفاقيات بعضها
خاص بالمرأة
أهمها
اتفاقية
القضاء على
جميع أشكال
التمييز ضد
المرأة (
السيداو ) و
بعضها يحمي
المرأة إلى
جانب فئات
أخرى مثل اتفاقية
مناهضة
الأشكال
المعاصرة
للرق ، و
بعضها الآخر
يتعلق بالطفل
منها اتفاقية
حقوق الطفل
التي تم
إقرارها في 20
نونبر 1992 . و هي
اتفاقيات رغم
اعتنائها ،
تنصيصا ، بالمرأة
و الطفل فإنها
في الواقع
تعتني
بالأسرة و ذلك
باعتبار أن ما
يحمي المرأة و
الطفل و يعزز
الارتقاء بحقوقهما
هو يحمي و
يعزز ، في ذات
الآن ، حقوق الأسرة
. و للتدليل
على ذلك ، يمكن
التذكير بأن
أفعالا
تشجبها تلك
الاتفاقيات و
تمنعها مثل
الدعارة ، و
الاتجار في
النساء
و الأطفال و
استعمالهما
في أغراض
تجارية أو
إباحية أو سخرية
، و إجبارهما
على القيام
بأعمال أخرى
مشينة أو
مسيئة
للكرامة
الإنسانية
،،، هي أفعال
لا تساهم فقط في
إضعاف الأسرة
بل تخرب
بنيتها و تهدم
كيانها .
و إلى ذلك
، لن أهتم
أيضا بمعضلة
العلاقة بين النظرية
و التطبيق ، حيث يكفي
التذكير ، هنا
كذلك ، بأن
هذه الصكوك
الدولية
الحامية
لحقوق الأسرة
هي صكوك بين حكومية
، كما أنها
ملزمة و آمرة
لحكومات
الدول الأطراف
فيها . كما
يكفي التذكير
، إضافة إلى
ذلك ، بأن
الأمم
المتحدة قد
أنشأت عدة
آليات لحماية
الأسرة و
تعزيز لحمتها
، إذ من
المعروف أن كل
اتفاقية
دولية
تعاقدية مثل اتفاقية
حقوق الطفل و
اتفاقية
مناهضة جميع أشكال
التمييز ضد
المرأة ،
يتبعها وجود
لجنة خاصة (
لجنة حقوق الطفل
، لجنة مناهضة
التمييز ضد
المرأة
CEDAW )
تتشكل من
خبراء يتم
انتخابهم من
قبل الدول
الأطراف في
الاتفاقية ،
فتقوم وفق
نظامها
الداخلي باستلام
التقارير
الدورية من
قبل كل دولة
طرف في
الاتفاقية
حول احترامها
لمواد
الاتفاقية و
التزامها
بمقتضياتها و
إنفاذها لمحتوياتها
، و كذا
باستلام
التقارير
الموازية ( تقارير
الظل ،
التقارير
المضادة )
التي يمكن لهياكل
المجتمع
المدني (
المنظمات غير
حكومية ) ذات
الصلة أن
تتقدم بها هي
بدورها . و يتم
درس هذه
التقارير و
مناقشتها
بحضور وفد
الدولة المعنية
و مراقبين
موفدين من قبل
المنظمات
الدولية
المعنية ليتوج
ذلك بتقديم
ملاحظات و
مقترحات
للدولة
المستهدفة .
و حتى لا
تتذرع حكومات
دول بقلة
الخبرة أو بالفقر
أو بهما معا
فإن وكالات
الأمم
المتحدة و صناديقها
المختلفة ذات
الصلة مثل
برنامج الأمم
المتحدة
الإنمائي و
صندوق الأمم
المتحدة
لرعاية الطفولة (
اليونيسيف ) و
صندوق الأمم
المتحدة
للمرأة و اليونسكو
و منظمة الصحة
العالمية و
غيرها ،،،
تنفذ برامج
لمساعدة
الأسر و في
مقدمتها الأسر
الفقيرة و
اللاجئة و
تمكينها من
الخدمات
الصحية و
التعليمية و
التوعوية . و
في هذا تجدر
الإشارة إلى
أن الأسرة
المغربية
توجد في صلب
هذه البرامج .
2 ـ موقع حق أفراد
الأسرة في
التعليم ضمن
حقوق الأسرة
المنصوص عليها
دوليا : إن
من ميزات الحق
في التعليم
أنه قابل
للتصنيف بعدة
طرق مختلفة و
ذلك "
باعتباره حقا
اقتصاديا و
حقا اجتماعيا
و حقا ثقافيا .
و فضلا عن
انطباق جميع
هذه الصفات
عليه ، فإنه يمثل
أيضا حقا
مدنيا
و
سياسيا ، لأنه
أساسي
للإعمال
التام و الفعال
لهذين الحقين
كذلك . و
بالتالي فإن
الحق في التعليم
يعبر عن عدم
تجزئة حقوق
الإنسان كما يعبر
عن ترابط هذه
الحقوق
جميعها " (
الفقرة 2 من
خطط العمل من
أجل التعليم
الابتدائي - اللجنة
المعنية
بالحقوق
الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية –
الدورة
العشرون – 1999 –
التعليق رقم 11 ) .
و قد تم
التنصيص على
هذا الحق في
عدد مهم من
الصكوك
الأممية
لحقوق
الإنسان . و هو
ما يتضح من : ــ
المادة 26 من الإعلان
العالمي
لحقوق
الإنسان التي تنص
على الحق في
التعليم و
وإلزاميته و
مجانيته في
المرحلتين
الابتدائية و
الإعدادية . ــ
المادتين 13 و 14
من العهد
الدولي الخاص
بالحقوق
الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية اللتين
تؤكدان على حق
كل فرد في
التربية و
التعليم ، و على
وجوب استهداف
التربية و
التعليم
تمكين كل شخص
من الإسهام
بدور نافع في
مجتمع حر ، و
تؤكدان على
إلزامية و
إجبارية
التعليم الابتدائي
و الإعدادي ،
و على تعميم
التعليم الثانوي
و التقني و
المهني و جعله
متاحا للجميع
، و على الأخذ
تدريجيا
بمجانيته . ــ
المادتين 10 و 14
من اتفاقية
مناهضة
التمييز ضد
المرأة اللتين
تحظران
التمييز بين
الرجل و
المرأة في ميدان
التربية و
التعليم ، سواء
من حيث شروط
التوجيه
الوظيفي و
المهني و
الالتحاق
بالدراسات
العليا و
الحصول على
الدرجات
العلمية في
المؤسسات التعليمية
على اختلاف
أنواعها و
فئاتها ، أو
من حيث الحصول
على المنح و
الإعانات
الدراسية و
الإفادة من
برامج مواصلة
التعليم و محو
الأمية و
المشاركة في
الألعاب
الرياضية و التربية
البدنية و
تشجيع
التعليم
المختلط و غيره
من أنواع
التعليم التي
تساعد على
القضاء على أي
مفهوم نمطي عن
دور المرأة في
جميع أشكال
التعليم . ــ
المادة 28 من
اتفاقية حقوق
الطفل التي تنص
على حق كل طفل
في التعليم .
ــ قمة
الألفية الأخيرة
التي رفعت
شعار تحقيق
التعليم الابتدائي
للجميع بحلول
عام 2015.
3 ـ حق
الأسرة في
اختيار نوع
تعليم
أبنائها –
إشكالية
الاختيار و
الإلزام :
حين تثار
مسألة حق
الأسرة في
اختيار تعليم
أبنائها ، غالبا
ما يتم تركيز
الانتباه على الفحوى
اللفظي للبند
03 من المادة 26 من
الإعلان
العالمي
لحقوق
الإنسان الذي
يقول : " للآباء
الحق الأول في
اختيار نوع
تربية
أولادهم"، و للبند
03 كذلك من المادة
13 من العهد
الدولي الخاص
بالحقوق
الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية ، و
الذي يقول : "
تتعهد الدول
الأطراف في
هذا العهد
باحترام حرية
الآباء ، أو
الأوصياء عند
وجودهم ، في
اختيار مدارس
لأولادهم غير
المدارس
الحكومية ،
شريطة تقيد
المدارس
المختارة
بمعايير
التعليم
الدنيا التي
قد تفرضها أو
تقرها الدولة
، و بتأمين
تربية أولئك
الأولاد
دينيا و خلقيا
وفقا
لقناعاتهم
الخاصة "، و للبند
( ب ) من المادة 05
من اتفاقية
مكافحة
التمييز في
التربية الذي
يؤكد على أنه "
يلزم احترام
حرية الآباء و
أولياء
الأبناء ، إن
وجدوا ، أولا
في أن يختاروا
لأبنائهم
معاهد خلاف
المعاهد التي
تنشئها
السلطات
العامة ، بشرط
أن تكون هذه
المعاهد
متمشية مع
المستوى
التعليمي
الذي لا تقبل
الدولة مستوى
أدنى منه ، و
ثانيا في أن
يضمنوا تعليم
أبنائهم تعليما
دينيا و
أخلاقيا
يتمشى مع
عقائدهم مع مراعاة
ما تتبعه
الدولة
لتطبيق
تشريعاتها ، و
يجب ألا يرغم
شخص أو جماعة
من الأشخاص
على تلقي
تعليم ديني
يخالف عقيدته
" .
و الواقع
أن المعالجة الحقوقية
لعنصر
الاختيار هذا تستوجب
تناول
المسألة من
جوانب متعددة
منها :
ـ أولا ، الجانب المتعلق
بكون أنه لا
يحق للآباء و
لا للأوصياء و
لا للدولة
النظر إلى
القرار ذا
الصلة بإتاحة
التعليم
للطفل كما لو كان
قرارا
اختياريا . و
هذا المتطلب
يشدد أيضا على
حظر التمييز
على أساس
النوع ( الجنس )
في ما يخص
إتاحة
التعليم ، و
ذلك وفقا
للمادتين 2 و 3
من العهد
الدولي الخاص
بالحقوق
الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية . و
لكن ينبغي التأكيد
على أن
التعليم
المتاح يجب أن
يكون كافيا من
حيث النوعية و
وثيق الصلة
باحتياجات الطفل
، كما يجب أن
يعزز إعمال
حقوق الطفل
الأخرى.
ـ ثانيا ، الجانب
المتعلق
بالظروف
المعاشة للأسرة
، حيث سيصبح
كل من عنصري
الاختيار و
الإلزام
بمثابة وهم
مادام ذلك
يتزامن مع
وجود زهاء 70% من الأسر
في بلدنا
المغرب تعاني
من الأمية و محرومة
من الخدمات
الضرورية
بسبب الإقامة
في مناطق
بعيدة عن
المؤسسات
التعليمية و
صعوبة التنقل
و غياب
المطاعم
المدرسية و
عدم كهربة معظم
الأرياف و كذا
الأحياء
السكنية
الهامشية في
المدن ، و
حاجة الآباء
إلى تشغيل
أبنائهم في
أعمال جلب
الماء و الزراعة
أو الرعي أو كلها ،
أو حاجتهم إلى
مورد مالي
مقابل عرض هؤلاء
الأبناء
ليكونوا
بمثابة عمال
صغار لدى
حرفيين أو
خادمات
صغيرات داخل
بيوت أسر أخرى
ميسورة الحال
و خاصة في
المدن . كما أن
عدم قدرة هذه
الأسر على تحمل
تكاليف
التعليم يشل
بالتمام كل
اتجاه من قبل
هذه الأسر نحو
إعمال حقها في
التعليم و في
اختيار نوعه و نحو
الالتزام
بإتاحته
لأبنائها .
ـ ثالثا ، الجانب
المتعلق
بالاختيارات
الكبرى للدولة
، إذ كيفما كان
المستوى
الاجتماعي
للأسرة لن
يمكنها اختيار
نوع تعليم
أبنائها ، فحتى
الأسر التي
يمكنها
الاختيار بين
التعليم
العمومي و
التعليم
الخصوصي، لن
يمكنها
اختيار لا
المنهاج
الدراسي
الجيد و لا
المعلم الجيد
و لا الكتاب
المدرسي
الجيد
و لا حتى
المدرسة ذات
المواصفات
الجمالية
الجيدة ،،، و
فوق ذلك ليس
بمستطاعها
اختيار لغة
تدريس
أبنائها ، و هنا
بخصوص لغة
التمدرس تقع إحدى
أكبر
المعضلات
التراجيدية .
فعلى العموم
عندما تختار
دولة ، باسم
الحفاظ على
الوحدة و
الهوية
الوطنيتين ،
لغة و تفضلها
على غيرها بجعلها
لغة رسمية
للبلاد و
العباد ،
فإنها غالبا
ما تعطي
الإشارة إلى
هيمنة أولئك
الذين تكون
لغتهم
الرسمية هي
لغتهم الأم. أما على
الخصوص ، حين
تختار دولة ،
و باسم نفس
المبدأين ،
لغة ما غير
منطوقة في
البيت إلا
أنها لغة
المقدس
الديني كما هو
حال اللغة
العربية
لتكون
دستوريا لغة رسمية
، و ذلك في
مقابل إعطاء
الأولوية في
نيل المنافع
الاقتصادية و
الاجتماعية و
الثقافية و
السياسية
للغة غيرها ،
كما هو حال اللغة
الفرنسية ،مع
تهميش لغات
متعددة رغم أنها
لغات الأم و
أكثر تداولا ،
كما هو حال
الأمازيغية
والدارجة
المغربية ،،،
فإنها ، بناء
على خلاصات
الدراسات
الميدانية
ذات الصلة ،
إنما تمركز
التفوق
المدرسي بين
الأبناء
المنحدرين من
أسر الأطباء و
الأساتذة عموما
و الجامعيين
منهم خصوصا و
القضاة و
المهندسين و
المقاولين غير
الفطريين ،،،
أي بين أبناء
الأسر التي
تتحدث نفس
اللغة المقررة
في المدرسة ، و
تشيع الهدر
المدرسي بين
أبناء
الفلاحين الصغار
و الحرفيين و
العمال
اليدويين و
الموظفين
الصغار و ساقي
الشاحنات و
غيرها من
وسائل النقل و
المواصلات ،،،
أي بين أبناء
هذه الأسر
التي توظف في
البيت لغة
ليست هي أصلا تلك
الموظفة في
المدرسة و لا
هي قريبة منها
. و تصبح
الصورة أكثر
قتامة إذا
علمنا أن طرق
و بيداغوجيات
تدريس اللغات
و التعلم بهذه
اللغات تعتمد
منطقا واهما .
فاللغة
العربية
الفصحى رغم
أنها ليست ،
في الواقع
الملموس ،
اللغة
المنطوقة من
قبل المنعوتين
بها ، فإن كلا
من تدريسيتها و
اعتمادها في
اكتساب
التعلمات الأخرى
ينطلقان ،
بغير حق ، من
كونها لغة
الناطقين بها ،
الأمر الذي
يعمق من حدة
الهدر
المدرسي . أما
اللغات
الأخرى ، التي
يتم الإقرار
صراحة بأنها
لغات أجنبية ،
فتفرد لها
أحدث طرق
تعليمها و
التعلم
بواسطتها
الموجهة
لفائدة غير
الناطقين بها
.
ـ رابعا ،الجانب
المتعلق
بمتغيرات
العولمة . لا
شك أن سؤالا مفاده
: هل ما يزال
هناك متسع من
الوقت لتدارك
الأمر و إصلاح
ما يمكن
إصلاحه ، و
بالتالي
الإقرار بحق الأسرة في اختيار
نوع تعليم
أبنائها ؟ و
الحق أنه سؤال
مقلق و متشائم
. مقلق ، لأن
طرحه يتزامن
مع منعطف
العولمة الذي
يسم القرن
الواحد و
العشرين
الحالي ، و
متشائم لأن
العالم ، و
نحن من ضمنه ، يسير
نحو إقامة
تعليم معولم . و هكذا
، فمن جهة ، فيما
كان حق أفراد
الأسرة في
التعليم و في
اختيار نوعه و
في إدراك أن
هذا الاختيار
لا يعفي من أن
الأسرة ملزمة
بإتاحته
لأبنائها ،
المعبر عنه
بواسطة عدة
مفاهيم منها
الإنصاف
التربوي ،
مقرونا
بالنضال من
أجل المساواة و
تكافؤ الفرص ،و
من جهة ثانية
، فيما كانت
أغلب
البلدان، و
منها المغرب ،
تسعى إلى بناء
دول متجانسة ثقافيا
ذات هوية
واحدة و ذلك
بشتى الوسائل
بما فيها البطش
و
التهميش و
الإقصاء و ما
ترتب عنه من
تراكم للمشاكل
و تضاعفها على
مستوى كمها و
نوعيتها ،،، و من
جهة ثالثة ،
فيما كان من
وظائف
المدرسة التأثيث
لهذه الدول
بما يضمن ذلك "
الانسجام و
التماثل
المعرفي و
الثقافي لجميع
( الرعايا ) بغض
الطرف عن
انتماءاتهم
السوسيوثقافية
أو العرقية أو
الدينية ،
كإحدى مقومات
الانتماء القومي
أو السيادة
الوطنية
اللتين
يتطلبهما بناء
الدولة
الحديثة
المنسجمة و
القوية ،،، " (
عبد الفتاح
ديبون . "
الإنصاف في
التربية : حق أريد
به باطل . من
عدالة
المساواة إلى
عدالة التنوع
" ، الحوار
المتمدن –
العدد : 1503 – 28.3.2006 ) فإن خطاب
العولمة يكشف
عن ملامح
جديدة
للتعليم أهمها
: ـ فك ارتباطه
بالتنشئة
السياسية و
إلحاقه
بالاقتصاد
بغاية التنشئة
الاستهلاكية
؛ ـ تجريد
عقول و أفئدة
الأفراد من
مفاهيم
الوحدة
الوطنية و
الهوية
الوطنية أو
القومية و
اللغة الرسمية
؛ ـ ترسيخ قيم
الحرية
الذاتية و
عدالة التنوع
بدل عدالة
المساواة ؛ ـ استدراج
الدول نحو اعتماد
صيغة اللغات
الثلاثة : . لغة
دولية ، هي
لغة الدولة
المستعمرة (
بكسر الميم )
سابقا و ذلك
في أفق تعميم
اللغة الانجليزية
؛ .لغة
تواصلية /
مشتركة؛ . و اللغة
الأم .
فما المطلوب
إذن أمام هكذا
منعطف مقلق و
باعث على
التشاؤم ؟ إني
لا أحار جوابا
سديدا ، و
لكني أكتفي
بالإحالة على
بضع من توصيات
تضمنها نص
إعلان الدوحة
العالمي
للأسرة الصادر
بتاريخ 30 -11 – 2004 . ففي ما
يتعلق بكرامة
الإنسان ينص
هذا الإعلان
في بنده 4 على "
إعادة
التأكيد على
الالتزام بتوفير
تعليم جيد
للجميع ، بما
في ذلك تكافؤ
فرص الحصول
على التعليم "
كما ينص في
بنده 5 على " تقييم
و مراجعة
السياسات
الحكومية
التي تضمن
الاعتراف
بكرامة
الإنسان و
حمايتها في كل
مراحل الحياة
" . و في ما
يتعلق
بالوالدين و
الأبناء ، ينص
في بنده 15 على "
تعزيز الجهود
من أجل توفير
فرص سياسية و
اقتصادية و
اجتماعية و
تعليمية
متكافئة
للنساء ، و
تقييم السياسات
الاقتصادية و
الاجتماعية و
غيرها من
السياسات
بغرض دعم الأمهات
و الآباء في
أدائهم
لأدوارهم
الأساسية " . و ينص
في بنده 16 على "
تعزيز دور
الأسرة و ذلك
بإشراك
الوالدين و أولياء
الأمور في
تعليم
أبنائهم "،
كما ينص في
بنديه 17 و 18 ، و
ذلك بالتوالي
، على : " الاعتراف
بحق الوالدين
أو أولياء
الأمور
القانونيين
في اختيار نوع
التعليم الذي
يرغبونه
لأطفالهم " ، "
تأكيد و
احترام حرية
الوالدين أو
أولياء
الأمور
القانونيين
في اختيار نوع
المدارس ،
حكومية كانت
أو خاصة ، و
التي تتواءم
مع الحد
الأدنى من
المتطلبات
التعليمية
التي تضعها أو
تقرها
الحكومة ، و
تأكيد حصول
الأطفال على
تعليم المواد
الدينية و
الأخلاقية
التي تتوافق
مع معتقداتهم
" . و لكن
،،،،،،
5 ـ نقط
خلافية في بعض
مجالات حق
الأسرة في
اختيار نوع
تعليم
أبنائها . تتعدد
النقط
الخلافية في
شأن قضايا ذات
صلة بحق
الأسرة في
اختيار نوع
تعليم أبنائها
، و منها تلك
القضايا
المتعلقة بـ :
ـ موقع الدين
في حياة
الإنسان ؛ ـ
الأسرة ؛ ـ
تحديد النسل ؛
ـ التربية
الجنسية ؛ ـ
الخدمات
الصحية
الإنجابية و الجنسية
؛ ـ الإيدز ؛ ـ
تمكين
الأطفال ،
التي تضمنتها
وثيقة الأمم
المتحدة
المسماة " عالم
جدير
بالأطفال " . و
من أمثلة ذلك
،أنه في حين
لم ترد لفظة
الأسرة في هذه
الوثيقة سوى
مرات محدودة و
اتجه منحاها
العام نحو
إخراج الطفل
من السياق
الأسري و
إيكال مهمة
رعايته إلى
مؤسسات الدولة
، ألح الموقف
الإسلامي على
أن دور الأسرة
هو دور حيوي و
لا يمكن
إغفاله أو
التقليل من شأنه
كما ألح
الفاتيكان على
أنه لا يرى
بديلا عن
دورها في
الرعاية ، و ذلك
في مقابل
التيار
الليبرالي
الذي أكد على
ضرورة إخراج
الفئات
المستضعفة
كالمرأة و
الطفل من
وصاية الأسرة
لكون الضوابط
التقليدية
الدينية و
الأخلاقية
لهذه الأخيرة
تعوق
استمتاعهما
بحرياتهما و
كامل حقوقهما
. و أنه بينما
أطلقت نفس
الوثيقة
تسمية " جندر Gender " عوض " جنس
" ، و ذلك لتعني
الإنساني بما
يشمل إلى جانب
المرأة و الرجل
كلا من الشواذ
، و أيدها
التيار
الليبرالي في
ذلك بدعوى أن
الناس يولدون
محايدين و أن
المجتمع هو
الذي يظلمهم
بتصنيفهم إلى
ذكور و إناث ، اعتبر
التيار
الإسلامي هذه
الدعوة ذات
خطورة متهما
إياها بإلغاء
الفوارق
البيولوجية بين
الأنوثة و
الذكورة و
طالب
باستبدال
اللفظة بـ "
جنس أو Boys & Girls " ، كما
انتقدها
الفاتيكان
معربا عن قلقه
منها و واصفا
إياها
بالإبهام . و
أنه كذلك ، في
حين نصت
الوثيقة إياها
على ضرورة
إشاعة
التربية
الجنسية في
المجتمعات و
لا سيما
لفائدة من هم
في سن
المراهقة و ما
قبلها عبر
التعليم و
وسائل
الإعلام ، و
دافع الليبراليون
على عدم ضرورة
ارتباط
التربية الجنسية
بالوالدين
موجهين
الدعوة إلى
كافة مؤسسات
المجتمع
الأخرى
كالمدرسة و
الإعلام لكي
تتبوأ دورا
رئيسيا في هذه
التربية ،
أشار
الفاتيكان
إلى حق
الوالدين في
اختيار نوعية التربية
و التثقيف
المناسبين
لأبنائهما ، و
هو نفس ما أكد
عليه الموقف
الإسلامي
منتقدا التربية
الجنسية لعدم
ارتباطها
بضوابط الدين
و الخلق و
خاصة حين لا
يراعى في
عملية تنفيذ
برامجها توفير
أفراد مؤهلين
خلقيا .
و رغم أن
اتفاقية حقوق
الطفل تنص على
حقوق للطفل في
المشاركة بما
يعني أن حق
الأسرة في
اختيار نوع
تعليم
أبنائها أصبح
مشروطا بأن تؤخذ
في عين
الاعتبار
وجهات نظر
الأطفال ،
ذكورا و إناثا
، في الحسبان
في الحالات
التي تخصهم ،و
جاء في
الوثيقة
الأممية "
عالم جدير
بالأطفال " أن
الأمم
المتحدة سوف
تسعى " إلى
تطوير و تنفيذ
برامج تهدف
إلى المشاركة
من قبل
الأطفال ، بما
في ذلك المراهقون،
في عملية صنع
القرار في
الأسرة و في
المدارس و
أيضا على
المستويين القومي و
الإقليمي " ،
فإنه خلافا
لموقف التيار
الليبرالي
الذي يرى أن
تحقيق
المصلحة الفضلى
للأطفال لن
يتأت إلا
بوصول
الأطفال أنفسهم
إلى مراكز صنع
القرارات
الخاصة بهم ،
سكت الفاتكان
عن هذه النقطة
، و أشار
ممثلو الموقف
الإسلامي إلى
أنه ليس هناك
خلاف حول
ضرورة مشاركة
الأطفال في
القرارات
التي تخصهم ،
داعيا إلى
التفريق بين
المشاركة و
صنع القرار و
بالتالي إلى
عدم وضع المرء
في مكانة تؤهله
لصنع القرار
إلا إذا بلغ
الرشد .
6 ـ خلاصة
: في
مرحلة
الانتقال ،
مرحلة عشرية
التربية و التكوين
( 2000 – 2009 ) ، التي
يجتازها نظام
التربية و
التكوين في بلدنا
المغرب ، و هي
مرحلة تتزامن
مع منعطف
العولمة الذي
يدق آخر مسمار
في نعش مفهوم
الإنصاف
التربوي الذي
كان متألفا من
مفهومي عدالة
المساواة و
تكافؤ الفرص ،
الذي لم يتحقق
عندنا رغم
فوات 50 سنة من
الاستقلال
السياسي ، و
يوحي بميلاد
مفهوم جديد هو
مفهوم عدالة
التنوع ، أدعوهم
لاستجلاء مدى
أخذ السياسة
التعليمية
المسماة
بالجديدة
بعين
الاعتبار حق
الأسرة في
اختيار نوع تعليم
أبنائها ، و
ذلك بالرجوع
إلى المرتكز 16
من "
المرتكزات الثابتة
" – "
حقوق و واجبات
الأفراد و
الجماعات " ،
من نص الميثاق
الوطني
للتربية و
التكوين – صفحة
13 . يقول هذا
المرتكز : " ـ
على الآباء و
الأولياء
الوعي بأن
التربية ليست
وقفا على
المدرسة
وحدها ، و بأن
الأسرة هي
المؤسسة
التربوية الأولى
التي تؤثر إلى
حد بعيد في
تنشئة الأطفال
و
إعدادهم
للتمدرس
الناجح ، كما
تؤثر في سيرورتهم
الدراسية و
المهنية بعد
ذلك . و عليهم كذلك
تجاه المدرسة
واجب العناية
والمشاركة في
التدبير و
التسيير و
التقويم وفق
ما تنص عليه
مقتضيات
الميثاق . و
على جمعيات الآباء
والأولياء،
بصفة خاصة،
واجب نهج
الشفافية والديمقراطية
والجدية
في التنظيم والانتخابات
والتسيير،
وواجب توسيع
قاعدتها
التمثيلية
لتكون بحق
محاورا و
شريكا ذا
مصداقية و
مردودية في
تدبير المؤسسات
التربوية و
تقويمها و
العناية بها "
. و دون تعليق ،
يكفي أن أشير
إلى أن
اللوائح
التنظيمية لجمعيات
الآباء و
الأولياء
المنوه عنها
بالذكر أعلاه
، هي لوائح
رسمية .
*كاتب ، باحث
، و مؤطر ، في
مجال التربية
على حقوق الإنسان
و المواطنة
من كوادر
اللجنة
العربية
لحقوق الإنسان
. صدر له ، عن
أوراب ، والأهالي
، واللجنة
العربية
لحقوق
الإنسان،
كتاب تحت عنوان
" نقد التجربة
المغربية في
طي ملف الانتهاكات
الجسيمة
لحقوق
الإنسان " 2005.
نص
المداخلة
التي تم
إلقاؤها يوم
الثلاثاء 30 ماي
2006 في إطار ندوة
" الأسرة و
المدرسة ... أي
علاقة ؟ " التي
نظمتها
الجمعية
المغربية
لمساندة الأسرة
بشراكة مع
مجلس جهة
الدار
البيضاء الكبرى
وبتنسيق مع
نيابة وزارة
التربية
الوطنية
بعمالة
مقاطعات الحي
الحسني و بمشاركة
فاعلين
تربويين ،
وجمعيات آباء
و أولياء التلاميذ
، و ذلك بقاعة
المحاضرات
بمركز المعلمين
و المعلمات –
غاندي .
El Mostafa Soulaih *
المصطفى
صوليح