أمسكت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وانهيار الاتحاد السوفيتي بمهمة شرطي العالم .. المصنوع بشكل خاص لحماية المصالح الأميركية /الصهيونية .. وهي من أجل ذلك عمدت إلى أدوات متعددة كي تجعل شعوب العالم – من خلال أنظمتها – ترضخ للخيار الأمريكي وتتعامل معه بالتبعية المطلقة تحت شعار أنا لا أستطيع ولا أريد الخروج عن أوامر وتوجهات هذا الشرطي .. لأنه قادر على فعل كل شيء لأنه كلي القدرة والفعالية .
ولأنها بموكبها البوليسي ترفع شعار الديمقراطية للشعوب ( المحتفظة بمكانها المخصص لها بالأجندة ) التي أثبتت قياداتها صدق الولاء والانضباط .. خاصة عندما تكلفها أمريكا للقيام بالمهام التأديبية السريعة في أيه بقعة من العالم ..
ولأنها تحرص على حماية الشعوب من الأسلحة الذرية والكيميائية والهيدروجينية فهي في السنوات الأخيرة كرست إمكانياتها لتأديب أفغانستان والعراق والسودان واليمن .. الخ وإجبارها على العمل بالتوجيهات الخاصة بالبناء الديمقراطي لكل منها .. وقدرتها على خلق المبررات للغزو و إرغام العالم ( الحر ) على اللحاق بها حيثما تتوجه.. خاصة في سوريا .. التي تتميز بعقبات كبيرة تقف أمام قدرتها لوحدها على القيام بما تريده لخدمة مصالحها بالمنطقة .
ورغم فضيحة غوانتنامو المستمرة منذ سنوات طويلة .. فإن المتحدثين عن هذه المأساة قلة قليلة – حرصاً على تأكيد الالتزام – من القادة والدول .. والمعتقلين القابعين في المعتقل منذ سنوات بدون اتهام أو محاكمة , غالبيتهم من العرب ومواطنون في دول عربية ( 166 معتقل – منهم 98 من اليمن ..؟؟ ) وهم الآن يعلنون إضرابا عن الطعام ( 130 معتقل ) ولا يحرك قوى هذه الأنظمة الكاريكاتورية ما يجري لأبناء الأمة خاصة وأن عشرين منهم يتم تغذيتهم عن طريق الأنف – 20 معتقل يزداد عددهم يوما بعد يوم ومن العجيب أن أوباما – الذي منح جائزة نوبل للسلام ولم يكن بعد قد أظهر مواهبه الفذة في السعي للسلام – أطلق وعداً بإغلاق المعتقل وإعادة المسجونين لبلدانهم في دورة الانتخاب الأولى ... لكنه نسي هذا الوعد وأبقى هؤلاء الرجال حتى الآن في المعتقل الرهيب ، وحتى نذكر من نسي أو يتناسى تاريخ أمريكا نشير إلى أهم محطات هذا التاريخ .
أولاً : إن هذه الدولة قامت على أنقاض قتل خمسة عشر مليوناً من الهنود الحمر .. والسكان الأصليين ..
ثانيا : قامت بالغزوة الأولى بعد انتهاء الحرب الأهلية .. إلى ليبيا لكي تضرب بأسلحتها المقاومين لغزوتها .
ثالثاً : في الحرب العالمية الأولى وقفت مع القوى الاستعمارية كي تقاسمها نهب خيرات الشعوب وتأديبها كلما حاولت التمرد ..
رابعاً : بين الحربين سيطرت أمريكا على الكثير من المواقع الجغرافية وخاصة الجزر المنتشرة بالمحيط الهادي والأطلسي وحتى القطبي الشمالي والجنوبي .
خامساً : في الحرب العالمية الثانية مجزرة وجريمة ناغازاكي وهيروشيما والتي تجاهل العالم ( الحر ..؟؟ ) هاتين الجريمتين المرتكبتين بالعمد والإصرار .. ولم يتحرك دعاة حقوق الإنسان لمحاكمتها ولو رمزياً ؟؟؟
سادساً : الجريمة الكبرى التي مازالت معطياتها مستمرة سرقة البشر من أفريقيا وتحويلهم إلى عبيد ( قتل منهم مئات الآلاف )
سابعاً : الحروب الاستعمارية لفيتنام وكوريا وفلسطين وأمريكا الجنوبية والوسطى – كحربها على المكسيك وكوبا وبوليفيا ... الخ .
ثامناً : تصنيع العديد من الانقلابات ( إيران مصدق – باكستان محمد علي جناح وأيوب خان – اليمن والجمهورية العربية المتحدة .. الخ ) إضافة إلى الأفعال الجرمية التي ارتكبتها المخابرات الأمريكية وجيوشها .
ورغم كل ذلك فهي تناضل من أجل الديمقراطية التي لا تستطيع أن تنام وهناك شعب محروم منها ...
وللعلم فإن كل هذه الجرائم التي تنطبق عليها مواصفات الجرائم ضد الإنسانية التي يحال مرتكبها – نظام أو فرد – إلى محكمة الجنايات الدولية ... باعتبار ما استقر عليه الاجتهاد القضائي أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم ويبقى للمتضررين الحق باللجوء للقضاء العالمي .. فهل يتحقق ذلك وينعم العالم بانتهاء دور الشرطي وهكذا يثبت تاريخ أمريكا وسياساتها المرتبطة مصيراً بأمن إسرائيل ( كما صرح بذلك أوباما ) ومع ذلك يبقى السؤال .
لماذا ورغم كل ذلك تتجه بعض قوى المعارضة – خاصة المسلحة منها – تدق أبواب البيت الأبيض مستغيثة مستجدية العون العسكري لتحقق النصر على النظام وتحرر البلد من قواته بعد سقوط آخر حجرة في الكيان السوري وحينها سيتأكد لهؤلاء أن سياسات الدول الكبرى تبنى فقط على المصالح وعلى مدى التوافق بين مصالحها وأمن إسرائيل وبرنامج المعارضة المسلحة وارتهان إرادتها نهائياً ... لأن الدول الكبرى – جميعاً – ليست جمعيات خيرية ...
المصدر: مجلة الوعي العربي-03/05/2013
|